المغرب: مطالب بملاحقة الاقتصاد الموازي رغم تصديه لكورونا

29 يونيو 2021
التجارة تمثل ثلث نشاطات الاقتصاد غير الرسمي (Getty)
+ الخط -

تتعالى أصوات رجال الأعمال وأصحاب النفوذ في المغرب من جديد، للمطالبة بإجراءات حكومية لمواجهة الاقتصاد غير الرسمي، بينما تظهر البيانات الرسمية أن الأعمال الموازية ساهمت بدور فاعل في إنقاذ الكثير من فرص العمل ودعم اقتصاد الدولة خلال تداعيات جائحة فيروس كورونا، التي القت بظلال سلبية واسعة على مختلف القطاعات.

ولاحظ خبراء اقتصاد ومؤسسات بحثية أن الجائحة ساهمت في توسيع حضور القطاع غير الرسمي في الاقتصاد المغربي، حيث أضحى ملاذ العديد من الذين فقدوا فرص عملهم بسبب تراجع النشاط أو التسريحات، مشيرين إلى أن الظروف الحالية تستدعي إنقاذ الاقتصاد قبل التصدي للمشاكل الهيكلية التي يعاني منها القطاع الرسمي.

بينما لا يخف مستثمرون قلقهم من اتساع دائرة الاقتصاد غير الرسمي، الذي يرون أنه يضر بتنافسية الشركات، فيما تلتقي رغبات المستثمرين مع اتحادات عمالية تعتبر أن الاقتصاد الرسمي يحول دون حماية الأجراء (العمال).

ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، بلغت حصة الاقتصاد غير الرسمي في المغرب 34% في الفترة بين 1991 و2015، وهي نسبة تقترب من تقديرات البنك المركزي في دراسة حديثة له تشير إلى بلوغها حالياً نحو 30%، بينما كانت هذه النسبة في العقود الثلاثة الأخيرة في حدود 40%.

ورغم تراجع نسبة الاقتصاد غير الرسمي في السنوات الأخيرة، فإنه يظل في مستوى أعلى من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (تضم مجموعة من البلدان المتقدمة) التي يصل فيها إلى 17.2%، وبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي يقدر فيها بـ25%.

ووفق دراسة صادرة عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن القطاع غير الرسمي يمثل 20% من الناتج الإجمالي المحلي، ما يمثل 17 مليار دولار في العام وحوالي 3 مليارات دولار من الإيرادات التي لا تحصلها الإدارة الجبائية (الضريبية).

وتشير الدراسة إلى أن القطاع غير الرسمي يمثل حوالي 4 مليارات دولار في واردات المملكة، حيث يتوزع ذلك المبلغ بين 3.6 مليارات دولار ذات علاقة بفواتير الاستيراد غير الصحيحة، فيما يمثل التهريب حوالي 400 مليون دولار، علما أن المغرب أغلق منافذ التهريب عبر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وتلفت إلى أن التجارة تمثل 31.76% من نشاطات الاقتصاد غير الرسمي، تليها قطاعات المطاعم والفندقة والخدمات الشخصية بنسبة 16.47%، ثم أنشطة الصناعة 14%، والبناء والأشغال العمومية بنسبة 12.9%.

ويجذب القطاع غير الرسمي بشكل كبير الذين لم يكن لهم حظ وفير في التعليم، حيث إن ثلثي الذين ينشطون فيه مروا من التعليم الأولي والابتدائي، و28.4% منهم عبروا التعليم الثانوي و3.3% التعليم العالي، حسب المندوبية السامية للتخطيط الحكومية.

وتقدر المنظمة الدولية للعمل فرص العمل في القطاع غير الرسمي بنسبة 80% من مجمل فرص العمل في المغرب، حيث ساهمت تداعيات جائحة كورونا في تثبيت هذا الأمر، وفق تأكيد الخبير الاقتصادي المغربي محمد الهاكش، مشيرا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأزمة الصحية كشفت عن ارتهان فئات عريضة للاقتصاد غير الرسمي، حيث اضطرت الدولة لتقديم مساعدات لحوالي 5.5 ملايين أسرة، من بينها تلك التي ترتهن للقطاع غير المهيكل.

ويرى الهاكش أنه رغم دور الاقتصاد غير الرسمي في التشغيل خلال الجائحة، فإنه يتسم بالهشاشة، مؤكدا عدم استقرار العمال في مناصبهم، ناهيك عن ضعف مساهمة الفاعلين في القطاع غير الرسمي في المجهود الجبائي للدولة، وعدم توفير الحماية الاجتماعية للعاملين في ذلك القطاع، وهو ما يفسر لجوء الدولة إلى بلورة مشروع لتعميم الحماية الاجتماعية لفائدة 22 مليون شخص.

وتحث لجنة النموذج التنموي، التي شكلها الملك محمد السادس قبل عامين من أجل إعداد خطة جديدة للتنمية تمتد لعام 2035، على ضرورة تطوير اقتصاد المملكة من اقتصاد يتسم بقيمة مضافة ضعيفة وإنتاجية منخفضة مع أنشطة ريعية ومحمية، إلى اقتصاد يتميز بتعدد الأنشطة والتنافسية، مشددة على ضرورة أن يكون التحول الاقتصادي مصدرا لنمو أكبر وقادرا على خلق مناصب شغل ذات جودة. ويعد القطاع غير الرسمي ضمن الأولويات التي يفترض التعاطي معها من أجل إحداث التحول الاقتصادي.

لكن الخبير الاقتصادي علي بوطيبة يشير إلى أن القطاع غير الرسمي يساهم في توفير سلع بأسعار مخفضة وإتاحة فرص عمل مهمة، وهو ما تجلى في ظل تداعيات الأزمة الصحية، مضيفا أن الضغط الجبائي المرتفع يساهم في لجوء الكثيرين إلى القطاع غير الرسمي، وهو ما يستدعي إعادة النظر حكومياً.

المساهمون