طالبت جمعية الشفافية في المغرب بوضع تشريع بهدف تجريم الإثراء غير المشروع وخاصة في ظل ارتفاع عدد القضايا المعروضة على القضاء، والتي تهم بشكل خاص نواباً في البرلمان.
وكشف التقرير السنوي الصادر عن "منظمة الشفافية العالمية"، اليوم الثلاثاء، أن المغرب يحتل المركز 97 في مؤشر الشفافية ضمن 180 دولة يتناولها، بدرجة 38 على 100.
وأشار الكاتب العام لجمعية الشفافية في المغرب أحمد البرنوصي، في مؤتمر صحافي عقده في الرباط اليوم، إلى أن المغرب تراجع 5 مراتب في مؤشر الشفافية خلال 5 أعوام.
ودأبت الجمعية على تأكيد المستوى "الحاد والممنهج للرشوة" في المغرب، علماً أن بعض التقديرات أكدت أن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني 5 مليارات دولار، أي حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد البرنوصي أن قضايا الفساد العديدة المعروضة على المحاكم في الأعوام الأخيرة، ومن بينها 29 من أعضاء البرلمان بغرفتيه، مؤشر مقلق بالنظر لدور تلك المؤسسة التشريعية ودورها في مراقبة السلطة التنفيذية.
ويذهب إلى أن هذه المؤشرات، إضافة إلى مؤشرات أخرى تهم الديمقراطية والولوج إلى العدالة والتنمية البشرية، تؤشر إلى حالة رشوة نسقية ومعممة تهدد استقرار البلد وتشجع وضعية الريع والأنشطة غير المشروعة.
كما أكد أن ذلك يقتضي تحديث وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد والتعجيل بإصدار المنظومة الوطنية ضد الفساد، خاصة قانون تقنين تضارب المصالح وقانون تجريم الإثراء غير المشروع، الذي ناقشته الحكومة السابقة على مدى ستة أعوام وسحبته الحكومة الحالية.
وشدد على ضرورة تطوير القوانين ذات الصلة بمحاربة الفساد، ومن ضمنها قانون الوصول إلى المعلومة وقانون التصريح بالممتلكات وقانون حماية المبلغين عن الفساد.
وسُئل وزير العدل عبد اللطيف وهبي في مجلس النواب، أمس الاثنين، حول الإطار القانون لتأطير الإثراء غير المشروع، فأجاب بأن القانون الجنائي يتناول الإثراء غير المشروع، لكنه يعرض لقرينة البراءة ، حيث دعا الوزير إلى إيجاد التوازن بين قرينة البراءة والمسؤولية.
وبعد محاكمة متابعة نواب برلمانيين بسبب جرائم مالية، ارتفعت أصوات تدعو إلى تجريم الإثراء غير المشروع، بل إن هناك من دعا إلى وضع قانون خاص لمحاربة تلك الظاهرة، مع إلزام الشخص المعني بإثبات براءته في القضايا ذات الصلة بالإثراء والحصول على مصلحة ما مع وجود قرينة البراءة.
وأثار موقف وزير العدل حفيظة جميعة الشفافية بالمغرب، حيث صرح رئيسها عبد العزيز النويضي بأن القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية يتيح التوفيق بين قرينة البراءة والمسؤولية في مسائل الإثراء غير المشروع، حيث يسمح لرئيسه بتتبع ثروة القضاة وتقديرها واتخاذ إجراءات تأديبية في حق القاضي الذي ترتفع ثروته بطريقة لا يمكن تبريرها.
وأكد على أن التشريعات في البلدان الديمقراطية تجعل عبء الإثبات يكون متقاسما، مشددا على أن التصريحات بالثروات تكون علنية من قبل المسؤولين، مؤكدا أن ما يسري على القضاة يمكن أن يطبق أيضاً على المسؤولين والموظفين، معتبراً أن الأمر يرتبط بمدى وجود إرادة سياسية لمحاربة الإثراء غير المشروع.
وأكد أن الإثراء غير المشروع يؤدي إلى تهريب الأموال وغسل الأموال، ملاحظاً عدم وجود تشريع يعالج مسألة الأموال التي يضعها أصحابها بالخارج، إلا ما كان من المساهمة الإبرائية التي سنها قانون المالية.