بلغت المشاورات الرامية إلى إحداث سوق ثانوية للديون المتعثرة البالغة نحو 9 مليارات دولار مرحلة متقدمة في المغرب، وهي السوق التي كان قد أوصى بها صندوق النقد الدولي بعد ارتفاع تلك الديون في سياق الأزمة الصحية.
وبلغت تلك الديون المتعثرة التي توجد في ذمة عملاء المصارف، حسب تقرير لمديرية الإشراف البنكي التابعة للبنك المركزي، 9 مليارات دولار دولار في العام الماضي، بزيادة بنسبة 4.3 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله.
ويستفاد من تقرير الإشراف البنكي أن الديون المتعثرة للأسر تجاه المصارف وصلت إلى 3 مليارات دولار في العام الماضي، بينما تصل تلك الديون المتعثرة التي توجد في ذمة الأسر تجاه شركات قروض الاستهلاك إلى 900 مليون دولار.
ويؤكد تقرير الإشراف المصرفي أن المصارف كوّنت مؤنا ومخصصات مالية بهدف مواجهة حالات صعوبة السداد الناجمة عن الديون المتعثرة، حيث يصل المعدل الذي يُراد منه تغطية تلك الديون إلى 68 في المائة.
ويعتبر نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك محمد العربي أن هذا التوجه في التعاطي مع الديون المتعثرة معتمد في بعض الدول، غير أنه لا يجب إطلاق يد شركات التحصيل حماية لحقوق المستهلك.
ويضيف العربي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يتوجب تدقيق القوانين التي يتم التشاور بشأنها جيدا بهدف حماية حقوق الأفراد الذين يجدون صعوبة في رد ما في ذمتهم تجاه المصارف، مؤكدا على ضرورة تقديم تسهيلات عند التحصيل.
وكانت مسألة إحداث سوق ثانوية للديون المتعثرة قد أثيرت في سياق الأزمة الصحية، بعد القلق الذي أبداه البنك المركزي ومؤسسات التصنيف الائتماني ومؤسسات مالية دولية، رغم حرص المصارف على تكوين مخصصات لمواجهة مخاطرة.
وقفزت الديون المتعثرة في عام كوفيد إلى 8 مليارات دولار، بعدما بلغت 7 مليارات دولار عام 2019، وهو ارتفاع سجل آنذاك في سياق لجوء الدولة إلى ضمان القروض الموجهة إلى خزائن الشركات وتلك الموجهة إلى مواكبة الإنعاش الاقتصادي.
يعتبر نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك محمد العربي أن هذا التوجه في التعاطي مع الديون المتعثرة معتمد في بعض الدول
ويتوخى من إحداث السوق الثانوية للديون المتعثرة تجنب اللجوء إلى القضاء بهدف تحصيلها، حيث ستكون مهمة تلك السوق القيام بعملية التحصيل، ما يعني أن المستثمرين الذين يكونون صناديق استثمار يشترون الدين من البنك، ويتولون تحصيل تلك المستحقات التي تُحول إليهم، وذلك عبر بيع الأصل موضوع القرض.
وسيتأتى للبنك بيع جزء من محفظة القروض المتعثرة بقيمة تقل بحوالي 30 في المائة بعض الأحيان، ما يتيح للمصرف الحصول على سيولة وضخها في السوق وجني أرباح عوض اللجوء إلى المسارات القانونية من أجل تحصيل مستحقاتها.
وأكدت مديرة الإشراف المصرفي في البنك المركزي، هبة زهوي، في مؤتمر صحافي، أول من أمس، أن مجموعة عمل شكلت تحت إشراف الأمانة العام للحكومة وبنك المغرب ووزير الصناعة والتجارة ووزيري العدل والمالية وبدعم من الشركة المالية الدولية بهدف تحديد المقتضيات القانونية التي تنظم السوق الثانوية للديون المتعثرة.
وأشارت إلى أن الأمر وصل اليوم إلى مرحلة المشاورات بين أعضاء مجموعة العمل بهدف بلوغ نص قانوني نهائي، وأضافت أنه لا يعرف ما إذا كان الإطار القانوني الذي سينظم السوق الثانوية للديون المتعثرة سيُضم إلى القانون المصرفي الحالي أم سيضاف إلى المدونة التجارية، مشددة على أن البنود القانونية جاهزة.