المغرب: حوافز لجذب الأطباء لمواجهة نقص الكوادر

14 يناير 2023
الحكومة تستهدف الحيلولة دون هجرة الأطباء (فرانس برس)
+ الخط -

تراهن الحكومة المغربية على توسيع عدد المستفيدين من التغطية الصحية، غير أنها تواجه صعوبات في توفير العدد الكافي من الأطباء والممرضين، ما يدفع باتجاه تقديم حوافز لجذب مزيد من العاملين في الخدمات الصحية بالمرافق العامة.

وتوقعت الحكومة عبر قانون المالية الذي دخل حيز التطبيق منذ يناير/كانون الثاني الجاري، إصلاح النظام الصحي، بهدف توسيع الحماية الصحية لفائدة 22 مليون مستفيد جديد، بما في ذلك الذين يحظون بنظم الدعم الصحي.

ويستند الإصلاح إلى تأهيل المستشفيات، ودعم حوكمة النظام الصحي، وخلق نظام معلوماتي متكامل، غير أن نجاح ذلك الإصلاح يبقي رهيناً بتوفير الموارد البشرية، بما في ذلك رفع القيود أمام مزاولة الأجانب الطب في الدولة.

وقد حظي القطاع الصحي بميزانية في حدود 2.35 مليار دولار في العام الحالي، بزيادة تبلغ نسبتها 19.5%، مع توفير وظائف في حدود 5 آلاف وظيفة، من بين 26860 وظيفة لجميع الوزارات.

غير أن الحكومة لم تخف في مستهل الأسبوع الحالي، الصعوبات التي تواجهها في جذب كفاءات المغتربين المغاربة، بل إنها تشكو من الصعوبات التي تواجهها من أجل الحيلولة دون هجرة الأطباء.

وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن الحكومة تسعى إلى سن قانون خاص بالوظيفة الصحية، بهدف تحفيز الرأسمال البشري في القطاع العام، وتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية، وإصلاح نظام التكوين (التدريب)، فضلاً عن الانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية، وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة في الخارج، وحثها على العودة إلى أرض الوطن.

وأشار أخنوش إلى التوقيع على اتفاقية بقيمة 300 مليون دولار تهدف إلى رفع عدد مهنيي الصحة من 17.4 لكل 10 آلاف نسمة المسجل في عام 2021 إلى 24 في 2025 ثم إلى 45 في 2030، امتثالاً لمعايير منظمة الصحة العالمية.

وترنو الحكومة إلى رفع العاملين في القطاع الصحي من 68 ألفاً، سنة 2022 إلى أكثر من 90 ألفاً بحلول 2025، ما يفترض زيادة عدد خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مرتين، وعدد خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة.

وتؤكد وزارة الصحة أن حاجات المملكة من المهنيين تصل إلى 97566 مهنياً في قطاع الصحة، حيث يتوزع ذلك بين 32522 طبيباً وطبيبة و65044 ممرضاً وممرضة.

وتولى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد أيت الطالب، قبل يومين تقديم مشروع قانون أمام لجنة بالغرفة الثانية بالبرلمان، يتضمن في جزء من مقتضياته تبني نظام رواتب جديد، حيث يتشكل من جزء ثابت يهم الأجور والتعويضات المعمول بها حالياً، وجزء متغير يتعلق بالتعويض عن الأعمال المنجزة.

ويقر وزير الصحة بصعوبة توفير الأطر الصحية اللازمة لمواكبة ما تستلزمه عملية تعميم التغطية الصحية، حيث يتحدث عن صعوبة جذب الأطباء في ظل الطلب الكبير عليهم في العالم.

والتزمت الدولة بعد النقص والخصاص الذي كشفته أزمة وباء كورونا، بجذب الأطر المغربية العاملة في الخارج، حيث يوجد 14 ألف طبيب مغربي خارج المملكة، غير أن وزير الصحة يؤكد على الصعوبة المتمثلة في استمرار ظاهرة هجرة الأطباء، وذلك في ظل الإغراءات التي تأتيهم من بلدان أخرى.

ويشدد وزير الصحة على أن الحيلولة دون هجرة الأطباء في ظل الإغراءات التي يتلقونها من الخارج، تستدعي إحداث نظام للحوافز، خاصة عبر الرواتب.

وأكدت فاطمة زكاغ، المستشارة الممثلة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عند مناقشة الحماية الاجتماعية في مجلس المستشارين، أن رؤية الحكومة لتفعيل الحماية الاجتماعية ارتكزت على مقاربة اقتصادية ترنو إلى التوازن المالي لأنظمة الحماية الاجتماعية.

وتساءلت حول إمكانية تعميم التغطية الصحية في ظل ضعف الكوادر الصحية، والتوزيع غير العادل للعرض الصحي بين مناطق وأقاليم المملكة، والتفاوتات في الولوج إلى العلاج، وثمن الأدوية.

ويقول عبد الرحيم الهندوف، الكاتب العام السابق للاتحاد الوطني للموظفين في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هجرة الكفاءات لا تقتصر فقط على الأطباء، بل تهم فئات مهنية أخرى مثل المهندسين. ويشير إلى أن نظام الوظيفة الصحية التي تريد الحكومة سنه قد يشبه النظام الخاص بالأساتذة الجامعيين، فهي يمكنها الاستعانة بكفاءات من الخارج في إطار نوع من التعاقد.

ويؤكد الهندوف أن نظام الوظيفة العمومية الذي لم يشهد تغييرات مجدية منذ تبنيه في عام 1958 يعاني من الكثير من الاختلالات التي تحول دون جذب الكفاءات، خاصة أن الرواتب لا تراعي في الكثير من الأحيان الشهادات الجامعية التي يحصل عليها الشخص، وهو ما يلاحظ على مستوى الطب.

ويؤكد الخبير الاقتصادي علي بوطيبة لـ"العربي الجديد" أن توفير الأطباء في المغرب يقتضي سن سياسة طموحة في التكوين، مع توفير رواتب مغربية بعيداً عن الاعتبارات القائمة الموازنية التي توحي للحكومة بالإمعان في محاصرة العجز.

ويقول بوطيبة إن التركيز في الأعوام الماضية انصب على التحويلات التي تأتي من المغتربين، غير أنه يتوجب اليوم العمل على الاستفادة من الخبرات التي راكموها في بلدان المهجر، مشيراً إلى أن جذب الموارد البشرية من المغتربين في الأعوام المقبلة، قد لا يكون عبر توظيفهم بشكل مباشر، بل قد يجري من خلال ترتيب نوع من التعاون الذي يتيح لهم المساهمة في الرقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

المساهمون