لم يفضِ زحف المحلات التجارية الكبرى المملوكة لشركات كبيرة إلى إلغاء الدور الذي يضطلع به البقال في حياة الأسر المغربية. دور يتجاوز في بعض الأحيان مدّهم بالزيت والسكر والدقيق والحليب.
ويستعجل بعض رواد التواصل الاجتماعي عودة العديد من محلات البقالة، التي أغلقت خلال الفترة الماضية، في مدن مثل الدار البيضاء أو الرباط، من أجل بيع السلع الغذائية للأسر.
الحاجة إلى محلات البقالة الصغيرة دفعت أحد النواب بالبرلمان إلى التذكير بالدور الاجتماعي الذي يضطلع به أصحابها. فهم يمسكون الدفتر أو ما يعرف بـ "الكارني"، حيث يسجلون فيه الديون المؤجلة في ذمة الأسر تجاههم. ديون تتراكم نتيجة إمعان الأسر في التزود بالسلع الغذائية، لكن أصحاب تلك المحلات يقبلون بتأجيل استردادها.
تتعدى علاقة الأسر معهم في الأحياء الشعبية البعد التجاري المحض، كي تقترض منهم عندما تحتاج إلى المال، وتأتمنهم على مفاتيح منازلها. وتكون شهادتهم حاسمة، في بعض الأحيان، حول سلوك وسيرة شخص، عندما تريد السلطات تسليم هذا الأخير وثيقة إدارية.
يؤكد رئيس جمعية تجار السلع الغذائية، عبد الحميد باهي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أصحاب محلات البقالة يسعفون الأسر التي يحيطون جيداً بأوضاعها المالية. ويضرب مثلاً بما حدث عند انتشار كورونا وما تلاه من حجر صحي، ويؤكد أن أصحاب تلك المحلات قدموا تسهيلات كبيرة للأسر التي تراجعت إيراداتها المالية.
وقد توصل بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول تأثيرات كوفيد 19 على الالتزامات المالية للأسر إلى أن 19.7 في المائة من الأسر لم تستطع أن تسدد ما في ذمتها تجاه البقال.
وصرحت 33.9 في المائة من الأسر أنها تفاوضت مع البقال حول سداد ما في ذمتها تجاهه، بينما أكدت 22.3 في المائة من الأسر أنها تمكنت من التسديد بصعوبة، و24.1 في المائة صرحت بأنها سددت بدون صعوبة.
يذهب باهي إلى أن التخفيف عن الناس من صميم نشاط البقال، الذي يشاطر الناس همومهم وأفراحهم، وهو دور لم تستطعه المحلات التجارية الكبيرة.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة، في العام الماضي، تحدثت عن ضم التجارة لحوالي 800 ألف نقطة بيع، 80 في المائة منها عبارة عن متاجر تقليدية، فضلاً عن 1000 من الأسواق التي تعقد كل أسبوع، خاصة في الأرياف.
ؤكد رئيس جمعية تجار السلع الغذائية، عبد الحميد باهي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أصحاب محلات البقالة يسعفون الأسر التي يحيطون جيداً بأوضاعها المالية
ويقدر باهي عدد محلات البقالة بالمغرب بأكثر من 1.2 مليون محل، ما يفسر الحاجة الماسة إلى خدمات تلك المحلات عندما تغلق في الأعياد، خاصة في عيد الأضحى.
ويضيف أن عيد الأضحى يعتبر المناسبة الوحيدة التي يقبل فيها أصحاب محلات البقالة بكثرة على المناطق التي ينحدرون منها، والتي تقع في الغالب في جنوب المملكة، خاصة في المناطق الأمازيغية.
ويوضح أن "أصحاب محلات بقالة وعاملين لديهم يمكثون بتلك المناطق ما بين عشرة أيام وشهر. تلك عطلتهم السنوية التي يزورون فيها عائلاتهم وينظمون الأعراس ويقضون بعض أغراضهم الإدارية الملحة".