قالت وكالة رويترز إن البنك المركزي المصري باع اليوم الإثنين أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام، بقيمة 850 مليون دولار، بمتوسط عائد 4.649%.
وفي موقعه على شبكة الإنترنت، أكد المركزي المصري تلقيه طلبات شراء بقيمة تجاوزت مليار دولار، إلا أنه اكتفى بالمبلغ الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي.
ودأبت مصر خلال السنوات الأخيرة على إصدار أذون وسندات خزانة بالعملة الأجنبية، بهدف سد العجز المزمن في حسابها الجاري، يقوم بشرائها عادة البنوك العاملة في مصر.
وتعد تلك المرة الثالثة التي يبيع فيها المركزي المصري أذون خزانة بالدولار خلال الشهر والنصف الأخير، حيث باع ما قيمته 990 مليون دولار مطلع الشهر الجاري، بالإضافة إلى 1.6 مليار دولار باعها منتصف الشهر الماضي، وكانت العوائد عليها قريبة من العطاء الأخير.
واعتبر مصرفيون مصريون أن معدل العائد على تلك الأذون لا يعبر عن حقيقة ما يفرضه العرض والطلب في سوق الديون المصرية المقومة بالعملة الأجنبية، وخاصة في ظل الأزمة الحالية.
وقال رئيس سابق لقطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية العاملة في مصر إن "البنك المركزي المصري يحدد العائد سلفاً، ويطلب من البنوك تقديم عطاءاتها عليه، ولا يقبل العوائد المطلوبة فوق المعدل الذي يفرضه".
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، أكد المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه "لا يعقل أن يكون العائد على ورقة الحكومة المصرية، التي تعاني أزمة عملة أجنبية طاحنة، أقل من العائد على ورقة الخزانة الأميركية، في الاقتصاد الأكبر في العالم، الذي يمتلك مطبعة الدولار، وتَعتبِر الأسواق أن إقراضه لا يشتمل على مخاطرة".
ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، دفعت الحكومة الأميركية 4.73% في المتوسط على أذون الخزانة التي أصدرتها في آخر أسابيع العام المنتهي.
ويسعى البنك المركزي منذ أكثر من عشرة أشهر لتوفير الدولار، في مواجهة واحدة من أكبر أزمات العملة التي واجهتها البلاد في تاريخها، في أعقاب خروج عشرات المليارات من الدولارات من الأموال الساخنة، المستثمرة في أدوات الدين بالجنيه المصري.
ومنتصف الشهر الجاري، أعلن صندوق النقد الدولي موافقته رسمياً على منح مصر تسهيلاً، على مدار 46 شهراً، بقيمة 3 مليارات دولار، لم يفرج منها إلا على 347 مليون دولار، في انتظار تطبيق مصر لبعض الاشتراطات، في مقدمتها "السماح لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار بالتحرك بمرونة بصورة دائمة".
ولم يتمكن المركزي المصري من الوفاء بشرط مرونة سعر الجنيه حتى الآن، خاصة مع تراكم طلبات الشراء لدى البنوك المصرية، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية بصورة واضحة.
وقال الصندوق إنه سيدعم حصول مصر على تمويلات أخرى، تقدر بنحو 14 مليار دولار، من دول ومؤسسات شريكة.
وارتفع سعر الدولار الرسمي مقابل الجنيه أكثر من 57% منذ شهر مارس/ آذار الماضي، رغم رفع الفائدة على الجنيه هذا العام عدة مرات، كان آخرها الأسبوع قبل الماضي، وبإجمالي 8%، وأيضاً رغم فقدان احتياطي النقد الأجنبي في مصر ما يقرب من خمس قيمته منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، وصولاً إلى 33.5 مليار دولار.
وقبل أسبوعين، قال البنك الدولي إن مدفوعات خدمة الدين الخارجي في مصر خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ حوالي 42.2 مليار دولار.
وقبل موافقة صندوق النقد الدولي رسمياً على إقراض مصر، عدلت وكالة التصنيف الدولية "فيتش" نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من "مستقرة" إلى "سلبية"، إلا أنها أبقت على التصنيف الائتماني للقاهرة عند B+.
وأرجعت "فيتش" هذا التغيير إلى "تدهور وضع السيولة الخارجية لمصر، مع عدم القدرة على الاقتراض من سوق السندات الدولية لارتفاع كلفة الإصدار، وهو ما يجعلها عرضة لظروف عالمية معاكسة، في وقت تشهد الموازنة ارتفاعاً في عجز الحساب الجاري".
ويشير خفض النظرة المستقبلية إلى أن الوكالة قد تقوم قريباً بخفض تصنيف الديون السيادية لمصر، إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي الخارجي للبلاد.
وتواجه القاهرة جدولاً مزدحماً من أقساط الديون وفوائدها حتى يونيو 2023 وعلى مدى عام 2024.