استمع إلى الملخص
- التحديات تشمل ندرة المياه، التصحر، وارتفاع البطالة، مع تأكيد على ضرورة تطوير الأطر الرقابية لمخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
- التكنولوجيا المالية والشراكات تلعب دوراً حيوياً في تحقيق الاستدامة، مع دعم صندوق النقد العربي لتطوير التمويل الأخضر وإنشاء شبكة التمويل الأخضر والمستدام.
انطلقت في الدوحة، اليوم الثلاثاء، أعمال المؤتمر المصرفي العربي الـ 25، الذي يُنظمه اتحاد المصارف العربية تحت شعار "متطلبات التنمية المستدامة ودور المصارف"، ويناقش على مدى يومين وضعية التنمية المستدامة في المنطقة العربية وأهمية مساهمة القطاع المالي في تمويل التنمية المستدامة، وآليات التمويل المستدام المُطبقة حالياً، والمطلوبة في المستقبل.
وافتتح رئيس اتحاد المصارف العربية، محمد الأتربي، أعمال المؤتمر، مشيراً إلى أن الدول العربية ستحقق المكاسب إذا تغلبت على التحديات الإنمائية المتزايدة، لافتاً إلى أن التنمية المستدامة ليست مجرد هدف عالمي، بل ضرورة إقليمية. وقال إنه مع اعتماد الاقتصاد على الموارد الطبيعية، يصبح من الضروريّ التحول نحو نماذج أكثر استدامة للنمو، فالمنطقة العربية تواجه تحديات خاصة، في ندرة المياه، والتصحّر، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والاعتماد على النفط.
ورأى أن المتطلبات الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العالم العربي، تستدعي إتاحة التمويل، وتحقيق التعاون العالمي والإقليمي والتضامن بين الدول، من أجل تعزيز الإمكانيات العالمية التي تؤثر على تدفق الموارد المالية والتكنولوجيا والمعرفة.
وبحسب الأتربي، تواجه المنطقة تحديات بالغة الصعوبة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة ومشروعات التنمية الخضراء، بسبب نقص الموارد المتاحة للتمويل، ما فرض على العديد من الدول صعوبة في الحفاظ على الالتزامات المالية في ظل زيادة أعباء الديون، وتراجع أسعار السلع الأساسية، والاضطرابات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الفائدة والتصارع العالمي.
وقال إن كل ذلك أدى إلى الضغط على الموازنات المالية العامة، إذ تفاقم الدين العام في الدول العربية ليرتفع من نسبة 10% عام 2008 إلى 47% عام 2023، ما أضعف قدرة الحكومات على تمويل التدابير في مجال السياسات المتعلقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار محافظ مصرف قطر المركزي، بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، خلال كلمته في افتتاح المؤتمر، إلى أن تحديات الاستدامة بحاجة لتطوير الأطر الرقابية بمخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، لافتاً إلى مسؤولية مصرف قطر المركزي في توفير البيئة المواتية لدعم التحول نحو التنمية المستدامة للاقتصاد، موضحاً أنه انطلاقاً من ذلك، أطلق المصرف، مؤخراً، استراتيجية ومبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والاستدامة في القطاع المالي، والتي تستند إلى ثلاث ركاز، تقوم الركيزة الأولى على إدارة المخاطر المناخية والبيئية والاجتماعية في القطاع المالي، وتهتم الثانية بتشجيع رؤوس الأموال في مجال التمويل المستدام، أما الركيزة الثالثة فتهدف إلى أن تكون الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والاستدامة جزءاً من عمليات مصرف قطر المركزي الداخلية.
واعتبرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا"، رولا دشتي، أن الاستثمارات المستدامة حيوية للنمو الاقتصادي والاستدامة المالية، مؤكدة أن على المصارف العربية الاستمرار بوتيرة أسرع في اعتماد الأدوات المالية الجديدة والارتقاء بها، مثل السندات الخضراء، مشيرة إلى أن قيمة سوق السندات البيئية والمجتمع والحوكمة تبلغ تريليوناً و700 مليار دولار، وحصة المنطقة العربية منها لا تتجاوز 5.50 مليارات دولار.
ورأت أن التكنولوجيا المالية تساهم في دفع عجلة النمو الشامل وزيادة مساهمة القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية بالمنطقة العربية، كما أن دور الشراكات بين القطاع المالي الخاص والحكومات والمنظمات أساسي في سد الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة في ظل حاجة المنطقة العربية إلى نحو 570 مليار دولار من التمويل بحلول عام 2030.
وأكد المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، فهد بن محمد التركي، أن صندوق النقد العربي، يدعم تطوير التمويل الأخضر لمواجهة تغيرات المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ونبّه إلى أهمية تحقيق التوازن بين الاستدامة البيئية وأمن الطاقة والمحافظة على التنافسية، مشيداً بالجهود الحكومية لدعم الانتقال نحو الاستدامة والاقتصاد الدائري للكربون، وموضحاً أن المؤسسات المالية والمصرفية العربية شريك هام في إنجاح هذه المهمة. ولفت أيضاً إلى إنشاء الصندوق شبكة التمويل الأخضر والمستدام في الدول العربية، والتي انطلقت خلال العام الجاري، لتبادل المعرفة والخبرات، مما يسهم في تحفيز الاستثمارات المستدامة وتحقيق الأهداف الوطنية.
واعتبر رئيس اتحاد المصارف العربية، في حديث مع"العربي الجديد" المؤتمر هام جداً، لأنه يناقش الاستدامة والتحديات التي تواجهها الدول العربية، موضحاً أن نسبتها في الدول العربية منخفضة 12- 13% مقارنة بدول شرق آسيا 34%. وشدد الأتربي على ضرورة أن يخرج المؤتمر بتوصيات لتعزيز الاستدامة والشمول المالي، لافتاً إلى الحاجة لتقليل عدد الأشخاص الذين لا يمتلكون خدمات بنكية، "فثمة 168 مليون شخص في المنطقة العربية لا يتمتعون بخدمات مصرفية". وطالب الأتربي بأن يكون للمنطقة نصيب من "الكعكة" التي توفرها المنظمات المختصة في التمويل، لأن العجز المتوقع في التمويل يصل إلى 600 مليار دولار حتى عام 2030، مما يستدعي تغطيته من خلال جهود جماعية.
وأشار مؤسس ومدير عام شركة "كابيتال كونسنت"، المتخصصة في مجالات البيئة والمجتمع والإدارة الحكيمة (ESG)، ياسر عكاوي، المشارك في المؤتمر، إلى أهمية اهتمام القطاع المصرفي في المنطقة العربية بقضايا البيئة والمجتمع، وضرورة دمج هذه المبادئ في عمل المصارف. واعتبر أن نجاح المصارف مرتبط بنجاح عملائها في تبني هذه المعايير. وأكد عكاوي لـ"العربي الجديد" مسؤولية المصارف في تقييم المخاطر البيئية والاجتماعية، وتقديم منتجات مالية مبتكرة لدعم الشركات في تحقيق الاستدامة، داعياً إلى أهمية توطين هذه المبادئ لتناسب واقع الشركات والمصارف في المنطقة.
ويركز المؤتمر، الذي يتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد المصارف العربية، على أهمية توجيه استراتيجيات القطاع المصرفي نحو دعم المشاريع والمبادرات التي تسهم في الحفاظ على البيئة، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. ويعكس انعقاد هذا المؤتمر في الدوحة التزام الدولة الخليجية بتعزيز دورها مركزاً مالياً دولياً ومساهماً رئيسياً في تحقيق التنمية المستدامة.