الليرة وبنوك الاستثمار العالمية تترقب نتائج جولة الإعادة في انتخابات تركيا

16 مايو 2023
المستثمرون قلقون من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في تركيا (getty)
+ الخط -

بعد أن تأكد أن المنافسة على انتخابات الرئاسة التركية ذهبت للجولة الثانية في 28 مايو/ أيار الجاري، تثار التساؤلات عن مستقبل سعر صرف الليرة خلال الشهور المقبلة، وما إذا كان ستُدخَل تعديلات جوهرية على السياسة النقدية المتبعة، التي تحارب أسعار الفائدة المرتفعة، وهي السياسة التي تتبناها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان منذ سنوات.

وحتى الآن، ينتاب عدداً من المستثمرين الغربيين القلق بشأن توجهات الانتخابات الرئاسية وتداعياتها على سياسات الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية بالبلاد.

وحسب تقارير مالية غربية، ارتفع معدل تقلب الليرة على مدى شهر إبريل/ نيسان الماضي بنسبة 48%، ما يعني أن الأسواق تستعد لاحتمال أن تنخفض العملة التركية إلى ما يصل إلى 24.12 ليرة مقابل الدولار مقارنة بمستواها الحالي البالغ 19.65.

تقارير متضاربة حول اتجاهات سعر الليرة التركية بعد الانتخابات، مؤسسات غربية متشائمة والأتراك متفائلون

لكن تقارير تركية تتحدث في المقابل عن توقعات بتحسن سعر صرف الليرة، وليس تهاويها كما تروج مصادر غربية، مع تحسن إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، خصوصاً من قطاع حيوي، مثل الصادرات الذي تجاوزت حصيلته 254 مليار دولار في عام 2022، مع امتلاك احتياطي ضخم من النقد الأجنبي يتجاوز 120 مليار دولار.

وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية، يوم الاثنين، أن الرئيس رجب طيب أردوغان تقدم بأكثر من مليوني صوت على منافسه كمال كلجدار أوغلو، وهو ما يعني أن فرصه أكبر في الفوز في الجولة الثانية.

وحتى الآن، واصل البنك المركزي التركي دعم الليرة، وإن كان بشكل خفي.

وحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ إيكونومكس"، المتخصصة في قضايا المال والاقتصاد، بلغت تدخلات البنك المركزي لدعم الليرة منذ ديسمبر/ كانون الأول عام 2021 وحتى نهاية إبريل/ نيسان الماضي ما يقرب من 177 مليار دولار.

كذلك بلغت تدخلات البنك المركزي في السوق لدعم الليرة في شهر إبريل/ نيسان وحده نحو 30 مليار دولار. ولم يجرِ التأكد من تلك الأرقام من البنك المركزي التركي أو مصادر تركية مستقلة.

وأشار موقع "زيرو هيدج" الأميركي، اليوم الثلاثاء، إلى أن حيازات المستثمرين الأجانب مجتمعة من الأسهم والسندات التركية بلغت أقل من 24 مليار دولار يوم الجمعة الماضي قبل إجراء الانتخابات، وهذا المبلغ يقلّ كثيراً عن المستويات التي تجاوزت 150 مليار دولار قبل عقد من الزمن.

حيازات المستثمرين الأجانب مجتمعة من الأسهم والسندات التركية بلغت أقل من 24 مليار دولار قبل إجراء الانتخابات

من جانبهم، توقع مصرفيون في بنك "جي.بي مورغان" الأميركي أن تنخفض الليرة التركية بشكل حاد على الأرجح، وقد تقترب من 30 ليرة للدولار، إذا أظهرت نتائج الانتخابات فوز الرئيس رجب طيب أردوغان، وأن تجري تركيا تغييرات متواضعة فقط في سياساتها الاقتصادية غير التقليدية التي تتبعها منذ العام الماضي. 

ووصف المصرفيون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرى التنافس عليها بشدة في تركيا في 14 مايو/ أيار بأنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية التركية.

وكانت سياسة الحكومة التركية غير التقليدية التي خفضت معدل الفائدة واتخذت مساراً عكس المسار العالمي في تشديد السياسة النقدية قد أدت إلى انتقادات واسعة للرئيس الحالي أردوغان، كذلك أدت إلى ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف المعيشة، وانسحب مستثمرون دوليون من البلاد، وخرج بعضهم بسبب اضطرابات السوق في السنوات الأخيرة.

وقال محللو مصرف "جي بي مورغان" إن التعديلات في الاقتصاد الكلي كانت متوقعة بغضّ النظر عن النتائج، لكنهم وضعوا سيناريوهين على أساس درجة التزام السياسات الأكثر تقليدية التي وعد بها كمال كلجدار أوغلو، وعلى رأسها ارتفاع أسعار الفائدة لتهدئة التضخم.

وتوقعوا في سيناريو "الالتزام القوي" بالسياسات النقدية التقليدية أن تنخفض الليرة مبدئياً إلى مستوى يراوح بين 24-25 ليرة للدولار، وإلى 26 بنهاية العام الجاري، مقارنة بنحو 19 ليرة حالياً. وتوقعوا أيضاً أن تقفز عوائد السندات الحكومية التي تعتمد عليها الحكومة في الاقتراض بنسبة 25%.

لكن في حال تحوُّل السياسة النقدية نحو المزيد من السياسات التقليدية، فقد تنخفض الليرة إلى ما يقرب من 30 ليرة للدولار بحلول نهاية العام.

وحذر محللو "جي بي مورغان"، قائلين: "لذلك، ستكون هناك حاجة لتقييم تكتيكي، ونتوقع تقلبات متزايدة". وأضافوا أن العودة المتواضعة فقط لسياسات الاقتصاد الكلي التقليدية، بما في ذلك تباطؤ وتيرة نمو الائتمان وبعض المسار لإعادة بناء احتياطات العملات الأجنبية.

وقال مصرف "جي.بي مورغان" إن "سيناريو العودة إلى سياسات الاقتصاد الكلي التقليدية بقوة قد يضع الليرة في اتجاه ارتفاع حقيقي يعود بها إلى قيمتها العادلة". لكن الارتفاع الحقيقي الأولي "سيكون مدفوعاً بسبب زيادة تدفقات الاستثمارات بالعملات الأجنبية في تركيا".

المساهمون