عشية عيد الأضحى المبارك، هوى سعر صرف العملة التركية اليوم الثلاثاء، إلى أدنى سعر على الإطلاق بعد تسجيل الدولار 26.0499 ليرة وتعدي سعر صرف اليورو 28.5 ليرة، وسط ترقب حكومي واستمرار دراسة أسباب التراجع المستمر، بعد رفع سعر الفائدة من 8.5% إلى 15% الأسبوع الفائت.
وكان البنك المركزي التركي (لجنة السياسات المالية) قد رفع سعر الفائدة بنحو 650 نقطة أساس، بعد تثبيت الفائدة لأربع جلسات عند 8.5%، مشيراً حينذاك خلال بيان، إلى أنه "سيدعم سياسة التشديد النقدي بشكل تدريجي عند الضرورة، وبالحد اللازم، حتى تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم".
ولم تستجب الأسواق لقرار رفع سعر الفائدة، لأن التوقعات ذهبت إلى سعر فائدة مرتفع بنحو 20%، كما يقول أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير، فراس شعبو، مضيفاً أن السعر الحالي للعملة التركية هو السعر الحقيقي وفق العرض الكبير لليرة الذي ارتفع بعد الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير/ شباط الماضي، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية، الدولار خاصة، لتمويل العمليات التجارية وتسديد أقساط ديون القطاع الخاص للمصارف الخارجية.
ويشير شعبو لـ"العربي الجديد" إلى أن المصرف المركزي توقف عن الدعم المباشر لليرة، بعد أشهر من ضخ الدولار بالسوق، خاصة خلال وإبان الانتخابات الرئاسية الشهر الفائت: "المعلومات تشير لضخ 33 مليار دولار خلال تلك الفترة"، ما راجع عرض الدولار وزيادة الطلب عليه، مضيفاً أن الموسم السياحي هذا العام، ليس كما كان العام الماضي أو المتوقع، لكن آمال تركيا على عائدات السياحة والصادرات لم تزل قائمة لتحسين سعر الليرة وتوازن المعروض النقدي بالأسواق.
في المقابل، سجل المعدن الأصفر النفيس اليوم، أعلى سعر على الإطلاق، بعدما وصل سعر غرام الذهب من عيار 24 قيراطاً إلى نحو 1608.01 ليرات وسط إقبال على شراء الذهب، بحسب مشاهدات "العربي الجديد" على اعتباره الملاذ الأكثر أماناً، بواقع تراجع سعر صرف الليرة وزيادة المضاربات بالأسواق.
وانعكس تراجع سعر العملة التركية على أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية والخدمية، ليسجل سعر البنزين في أنقرة اليوم 24.34 ليرة وفي إسطنبول 23.98 ليرة. ويصل سعر الديزل إلى 22.5 ليرة تركية مع توقعات أكدتها مصادر متطابقة، برفع سعر ليتر الغاز المسار بنحو 66 قرشاً ليل اليوم الثلاثاء ليصل سعر اللتر إلى 11.85 ليرة.
من جهته، يرى الاقتصادي التركي أوزجان أويصال أن سياسة التشدد لن تؤتي ثمارها إلا بعد أشهر، لأن الأسواق التركية بحالة اضطراب اليوم، بسبب التذبذب الكبير بسعر العملة، الأمر الذي يبدل الأسعار بين يوم وآخر.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن بلاده أدخلت نفسها بتحد جديد، من خلال حكومة ليبرالية وقرارات مستقلة عن القرارات السياسية، ولهذا ثمن ستدفعه على الصعيد القريب وربما المتوسط، ريثما تستقر أسعار المنتجات والليرة، ولكن، يستدرك بأن ذلك سيكلف الحكومة والمستهلك كثيراً، متوقعاً استمرار تراجع سعر العملة التركية بعد ضخ زيادات الأجور.
وعن الحلول لوقف تدهور العملة، يشير الاقتصادي التركي إلى ضرورة تقليل الإنفاق الحكومي والاستمرار برفع سعر الفائدة وإيجاد طرق لتقييد الواردات وتنشيط الصادرات، لأن العجز بالميزان التجاري وبالموازنة من الأسباب المهمة التي قلما تتطرق إليها الحكومة، كما أن تسديد الديون أو دفع أقساطها، سبب آخر مهم لتراجع عرض الدولار بالسوق" ولا يمكن إنكار المضاربات واستغلال البعض فترة اضطراب الأسواق وجني الأرباح ويمكن للحكومة لجم المضاربات، ولكن بأدوات تتناسب والسوق الحر".
وتشهد الأسواق التركية زيادة بعرض العملة المحلية مطلع الشهر المقبل، بعد زيادة الحد الأدنى للأجور الأسبوع الماضي، من 8.5 آلاف ليرة ووعود الرئيس التركي برفع أجور القطاع الحكومي بنسبة 45% ليصل الحد الأدنى لأجور الموظفين الحكوميين إلى 22 ألف ليرة.
وسبق أن قال وزير الخزانة والمال محمد شيمشك معقباً على قرار رفع الفائدة يوم السبت الماضي، على قرار المصرف المركزي، إن قرار رفع سعر الفائدة يأتي ضمن السياسة الاقتصادية التي تقوم على مبادئ اقتصاد السوق ونظام الصرف الحر وخفض التضخم.
ويضيف وزير المال خلال تصريحات صحافية، أن الحكومة عازمة على تحقيق الاستقرار المالي على المدى القصير: "سياساتنا الاقتصادية تهدف إلى ضمان استقرار الأسعار وتحقيق الاستقرار المالي على المدى القصير، ونحن مصممون على تحقيق هذه الأهداف"، مبيناً أن هذه المرحلة بدأت مع بيان البنك المركزي برفع سعر الفائدة، وستتم إدارة هذه المرحلة بحزم وبشكل تدريجي".