الليرة التركية تعود للارتفاع بعد هبوط حاد

10 نوفمبر 2020
محل صرافة في سوق إسطنبول
+ الخط -

انعكست التغيرات في تركيا، أمس الأول، على سعر صرف الليرة التي تهاوت هذا العام لتخسر أكثر من 30% من قيمتها، فما إن أقال الرئيس التركي محافظ المصرف المركزي مراد أويصال وعين وزير المالية الأسبق، ناجي آغبال، وتقدّم وزير المال براءت البيرق باستقالته ليل الأحد، حتى بدأت الليرة بالتحسن، لتفتتح أمس الإثنين على 8.228، متحسنة بنسبة 0.2836% عن إقفال الأحد وتستمر في التحسن لتقترب من 8.097 ليرات للدولار الواحد مرتفعة بنسبة 1.6916%.

وتترقب الأسواق للقرارات التي ستصدرها لجنة السياسة النقدية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ويرى أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، أن تغيير المسؤولين، وزير المال ومحافظ المركزي، يدل على تغيير السياسة المالية والنقدية في تركيا، وهو ما تلقفه السوق المنتظر، خاصة بعد صمت المركزي لأكثر من شهر، واقتصار معالجة تراجع سعر الصرف بالتصريحات السياسية وخطط وبرامج نظرية كان يطرحها وزير المال المستقيل، براءت البيرق.
ويضيف شعبو لـ"العربي الجديد" ما إن أحس السوق والمستثمرون، بعد تصريحات المحافظ الجديد، ناجي آغبال، أن ثمة خطة ووعودا خلال اجتماع المركزي بعد عشرة أيام، حتى انتعشت الليرة وزاد الأمل في الأسواق، فرأينا مستوى تحسن رائع خلال أمس الإثنين وعلى نحو مستمر.

وحول ما يمكن أن يستخدمه محافظ المركزي الجديد من أدوات نقدية أو قرارات خلال الاجتماع المرتقب في 19 الجاري، يشير شعبو إلى أن هناك خيارات كثيرة، منها طرح سندات وسيكون عليها إقبال إن استمر تحسّن سعر الصرف، أو ربما يقرر التشدد في منح القروض بعد التسهيلات التي رأيناها خلال ذروة كورونا والتي زادت من معروض الليرة في الأسواق. ولكن أستاذ المالية شعبو يقول إنه "لا يتوقع رفع سعر الفائدة أو رفعه بشكل كبير، لأن توجهات المحافظ الجديد متناغمة مع الأهداف التركية العامة التي يعبر عنها السياسيون، وفي مقدمتهم الرئيس أردوغان".

ويبيّن المتحدث أن هدف تركيا العام هو زيادة الإنتاج والصادرات وتوجيه المدخرات نحو الاقتصاد الحقيقي، وهو ما يجعلها تخفّض سعر الفائدة، لتخرج المدخرات من صناديق المصارف إلى الأسواق والإنتاج، حتى تتمكن تركيا من تحقيق نسبة النمو المستهدفة بنسبة 5%.

ويقول أستاذ المالية شعبو: توجد طرق كثيرة لدى تركيا لرفع سعر الليرة. منها التنسيق مع المصارف وتقديم طمأنة وضمانات، لتستثمر أموالها بالقطع الأجنبي في السوق التركية، ومعروف أن بعضها يستثمر في الخارج، وقت ذاك ستنتعش الليرة كثيراً.

وكان محافظ المصرف المركزي التركي الجديد، ناجي آغبال، قد أكد خلال أول بيان له "على مواصلة استخدام جميع أدوات السياسة النقدية تماشياً مع الهدف الرئيسي لاستقرار الأسعار"، مبيناً أمس "إن الأهداف الرئيسية للبنك المركزي هي ضمان والحفاظ على استقرار الأسعار، وتماشيا مع الهدف الرئيسي سنستخدم جميع أدوات السياسة بشكل حاسم"، مؤكداً في الوقت نفسه على "تعزيز الاتصال في السياسة النقدية، في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ".

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة ماردين التركية، عبد الناصر الجاسم، أن الخيارات أمام محافظ المصرف المركزي الجديد محدودة إن لم يستخدم أداة سعر الفائدة، مبرراً أن 10.25% هو سعر مرتفع بشكل عام، لكن تركيا تعيش، كما العالم، ارتدادات أزمة كورونا وتراجع الإنتاج والتصدير والسياحة.

لذا، برأي الجاسم، لا ضير من رفع سعر الفائدة مع إجراءات نقدية وحتى مالية أخرى، لبث الطمأنة في الأسواق وكسر تهاوي الليرة، مشيراً إلى ضرورة "التناغم بين رفع سعر الفائدة وضخ كتل دولارية في السوق، سواء عبر المركزي أو حلفاء تركيا أو حتى المصارف الخاصة، فليس من مخاطر- برأيه- على الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي، وإن تراجع بنسبة 30% هذا العام.

ويتوقع الجاسم أن تتحسن جميع المعطيات، بعد زوال آثار وباء كورونا، إذ تأثرت أهم مولدات القطع الأجنبي في تركيا، وهي السياحة والصادرات، وزاد خلل الميزان التجاري وتراكمت استحقاقات الديون الخارجية، ولكن بعد زوال نتائج الوباء، ستعود الصادرات التركية والسياحة، وبالتالي ستتحسن الليرة. فالقضية وبمنتهى الاختصار، عرض وطلب وتزيد الأسباب الاقتصادية والتوترات السياسية من الطلب على العملات الأجنبية.

المساهمون