بالتوازي مع ارتفاع نسبة التضخم إلى 61.53% وفق ما أعلنته هيئة الإحصاء التركية الرسمية، أمس الثلاثاء، استمر تراجع سعر صرف العملة التركية، اليوم الأربعاء، إلى 27.5719 ليرة مقابل الدولار، مسجلاً أدنى سعر على الإطلاق، بعدما رفع البنك المركزي التركي، الأسبوع الماضي، سعر الفائدة إلى 30%.
ورأى مراقبون أن عدم تحقيق وعود الحكومة التركية، سواء على مستوى تحسين سعر الصرف أو التضخم، زاد الأعباء على معيشة الأتراك ورفع من نسبة الفقر، بعد ارتفاع التكاليف وأسعار المنتجات.
وبررت محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان، الأسباب بارتفاع أسعار النفط عالمياً وانعكاسها على أسعار الإنتاج، مشيرة، خلال كلمتها أمام لجنة التخطيط بالبرلمان التركي، أمس الثلاثاء، إلى أنّ البنك المركزي استخدم وسيواصل استخدام كافة الأدوات بحزم بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في "استقرار الأسعار".
وكشفت عن البدء في عملية التشديد النقدي بشكل قوي وحازم، منذ يونيو/ حزيران الماضي، بهدف تعزيز آلية التحويل النقدي، وتعزيز الاستقرار المالي.
وأضافت غاية أركان أنّ سياسة المركزي تتركز في مكافحة التضخم وتحقيق النمو المستدام في أقرب وقت ممكن، والخطوات المتخذة تظهر "عزمنا" على إعادة الثقة وتثبيت التوقعات والقدرة على التنبؤ في الاقتصاد.
وحول ارتفاع التضخم، قالت غاية أركان إنّ ارتفاع أسعار النفط العالمية وأسعار الصرف والتعديلات الضريبية الفعّالة وزيادة تكاليف المدخلات في القطاعات، تتسبب في تدهور عمليات التسعير، موضحة أنه نتيجة ظروف العرض الدولية في الطاقة، فإنّ أسعار الوقود ستظل تشكل العامل الأكثر خطراً على التضخم في الفترة المقبلة.
وأشارت أركان إلى أنّ أسعار النفط العالمية وأسعار الصرف والتسويات الضريبية فعّالة في زيادة أسعار الوقود، مضيفة أنّ "الوقود عامل مهم يعزز انتشار زيادات الأسعار بين القطاعات، لأنه يؤثر على تكاليف مدخلات العديد من القطاعات".
ورأى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، أنّ الضغط على الليرة التركية شديد، ولم تفلح حتى الآن، سياسة وزارة المالية وقرارات البنك المركزي، سواء بزيادة موارد الخزينة عبر رفع الضرائب وامتصاص جزء من السيولة من التداول، أو رفع سعر الفائدة من 8.5% إلى 30% خلال أربعة أشهر.
ولكن، استدرك شعبو، خلال تصريح لـ"العربي الجديد"، بالقول إنّ سياسة الحكومة التركية ستحقق غايتها بعد فترة، ليتراجع التضخم والبطالة، كما وعدت الحكومة، لكن ذلك يحتاج وقتاً وإجراءات مرافقة، والأهم هو جذب الاستثمارات الخارجية وعودة تدفق السياح والصادرات، لأنه عكس ذلك، إن لم تتحقق وعود جذب الأموال المباشرة وتزيد الصادرات عن 300 مليار، فربما تشكّل السياسة الاقتصادية للحكومة ضربة للاقتصاد وستؤثر على نسبة النمو وسعر الصرف وزيادة البطالة.
ويزداد عدد الفقراء في تركيا بالتوازي مع تراجع سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وأجور النقل والمنازل، رغم محاولات حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، زيادة الأجور بما يوازي التضخم، كل ستة أشهر.
وتابع حد الفقر لشهر سبتمبر/ أيلول المنصرم ارتفاعه، ليزيد بنحو 3.378 ليرات عن شهر أغسطس/ آب الماضي، وفق دراسة أصدرها الاتحاد العام للأعمال المتحدة في تركيا.
وتشير الدراسة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية بسرعة، حيث بلغ حد الفقر في تركيا 42,000 ليرة تركية في سبتمبر، ليرتفع في المقابل حد الجوع، الذي يمثل المبلغ اللازم لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية، إلى 14,542 ليرة تركية، بزيادة تبلغ 841 ليرة تركية عن الشهر السابق، بعد ارتفاع الإنفاق الضروري لتلبية الاحتياجات غير الغذائية مثل النقل والسكن والصحة إلى 27,109 ليرة تركية في سبتمبر، بزيادة تصل إلى 5,537 ليرات تركية عن شهر أغسطس.
وأوصت دراسة اتحاد عمال الأعمال المتحدة، الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفقر والجوع، بما في ذلك دعم الأسر الفقيرة واتخاذ تدابير لخفض الأسعار، وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين.