الكويت تبيع حصة من مرسيدس لـ"تنويع الاستثمارات"

07 ابريل 2023
الكويت تمتلك 53 مليون سهم في شركة مرسيدس (Getty)
+ الخط -

على مدى أكثر من 45 عاماً، سادت شائعة بالأوساط الاقتصادية في الكويت، مفادها أن حصة البلاد بملكية شركة مرسيدس بنز لصناعة السيارات "لا يمكن المساس بها".

لكنّ إتمام الهيئة العامة للاستثمار بيع نحو 20 مليون سهم من حصتها بالشركة الألمانية العملاقة، في 31 مارس/ آذار، وضع حداً لتلك الشائعة، وأثار التساؤل بشأن دوافع البيع.
وتؤشر قيمة البيع (1.5 مليار دولار) إلى أن السيولة المالية ليست هدفاً من البيع، خصوصاً في ظل تحقيق الاقتصاد الكويتي فائضاً مالياً متوقعاً للعام المالي الجاري، يقدر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أنه سيكون أكبر فائض مالي في دول مجلس التعاون الخليجي، بنسبة 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعزز من هذا الترجيح ما نقلته صحف كويتية، في 29 مارس/ آذار الماضي، عن مصادر حكومية مطلعة بأن "قيمة الصفقة ستدخل في حساب الأجيال المقبلة، وليس في السيولة المعنية بمدفوعات الميزانية العامة".
ومن شأن عملية البيع تخفيض حصة الصندوق السيادي الكويتي بالشركة الألمانية إلى أقل من 5% بدلاً من 6.84%، وهو ثالث أكبر مالك في مرسيدس العريقة، منذ ما يقرب من 50 عاماً.

لكن الصندوق لا يزال مالكاً لـ53 مليون سهم في الشركة الألمانية، ويحتل المرتبة الثانية خليجياً والثالث عالمياً من حيث حجم الأصول المدارة، والبالغة 769 مليار دولار، حسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية العالمي، المنشورة في يوليو/ تموز 2022.

تنويع المحفظة
يرى الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، أن قرار بيع نحو 20 مليون سهم من حصة ملكية شركة "مرسيدس بنز" الألمانية، يهدف إلى تنويع المحفظة الخاصة بالهيئة العامة للاستثمار الكويتية، خصوصاً أن ملكية الحصة قديمة، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".
ويرجّح رمضان أن يكون لدى الهيئة بدائل استثمارية لاستمرار ملكية حصة كبيرة في مرسيدس، مشيراً إلى أن الصندوق السيادي الكويتي يملك ما يقارب 700 مليار دولار، وبالتالي إن الدافع وراء بيع الأسهم استثماري، ولا علاقة له بأي احتياج مالي.
ويقر رمضان بوجود مشكلة في خطط تنويع الاقتصاد الكويتي، موضحاً أن "اقتصاد البلاد متنوع، ولكن من خارجها"، أي أن الموارد المالية للدولة متنوعة عبر رافدين أساسيين، هما: الإيرادات النفطية، والصندوق السيادي، لكن إيرادات الصندوق لا تدخل ضمن ميزانية الدولة، وتظل لحساب الأجيال القادمة، ولذا لا تُذكَر في موازنة البلاد، التي تظهر معتمدة على إيرادات النفط بنسبة تقارب 90%.
ولأن خطة التنويع "داخل الكويت" ما زالت محدودة، فإن كل ما ليس له علاقة بالنفط لا يؤثر في اقتصاد البلد الخليجي، ولا سيما الاستثمارات الخارجية، حسب رمضان.

مشكلات الصناعة
أما المحلل الاقتصادي الكويتي، علي حسين العنزي، فيرى أن مشكلات صناعات السيارات العالمية منذ جائحة كورونا حتى اليوم، على خلفية نقص إمدادات أشباه الموصلات، قد تكون دافعاً لهيئة الاستثمار الكويتية نحو زيادة تنويع محفظتها، والتقليل من نسبة الحصة الكويتية في ملكية مرسيدس.

يرى الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، أن قرار بيع نحو 20 مليون سهم من حصة ملكية شركة "مرسيدس بنز" الألمانية، يهدف إلى تنويع المحفظة الخاصة بالهيئة العامة للاستثمار الكويتية


فالتأثر السلبي لقطاع صناعة السيارات من شأنه دفع الهيئة الكويتية نحو "تغيير مراكزها الاستثمارية" باتجاه صناعات أخرى أقل تأثراً بأزمات ما بعد الوباء، حسبما صرح العنزي لـ"العربي الجديد".
كذلك إن مشكلات الاقتصاد الأوروبي، المتمثلة بالتضخم وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، تمثل دافعاً قوياً نحو تغيير مراكز الاستثمار إلى بلدان أخرى أكثر ضماناً بالنسبة إلى ملاك الأسهم.
ويشير العنزي إلى قدم الملكية الكويتية للأسهم في حصة مرسيدس، التي تعود إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي، وبالتالي كان لا بد من إجراء تغيير في توزيع محفظة الاستثمار، لأن العلاقة بين هيئة الاستثمار والشركة الألمانية ليست علاقة "زواج كاثوليكي"، حسب تعبيره.
ويلفت المحلل الاقتصادي الكويتي إلى ظهور مجالات استثمارية جديدة تمثل حافزاً مهماً نحو دعم تنويع المحفظة الاستثمارية للبلاد عبر الاستثمار في شركات التكنولوجيا الجديدة والذكاء الاصطناعي، وغيرها من شركات ما يُسمى اليوم الاقتصاد المعرفي.
ويرى العنزي أن التوجه الجديد بهيئة الاستثمار الكويتية يعبّر عن اتجاه لتعزيز خطة التنويع الاقتصادي طويلة الأمد، ووصف بأنه توجه ناجح حتى الآن، متوقعاً أن يؤدي إلى أرباح كبيرة.
ويشير المحلل الاقتصادي إلى أن القطاعات النامية في الدول الصاعدة اقتصادياً قد تكون أكثر ربحاً لاستثمارات الكويت في الفترة المقبلة، مثل الهند والبرازيل.