- الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية لم تحدد بعد سعر القمح للموسم الجديد، لكنها تخطط لتحديد سعر يتناسب مع تكاليف الإنتاج وأسعار الدول المجاورة، مع توفير هامش ربح للفلاحين.
- تراجع إنتاج القمح في سورية منذ 2011، من أكثر من 4 ملايين طن إلى حوالي 1.2 مليون طن، بسبب خروج المحافظات الرئيسية المنتجة للقمح من سيطرة النظام وزيادة الاعتماد على الاستيراد.
حددت حكومة النظام سعر القمح السوري في هذا الموسم، إلا أن انخفاضه لاقى رفضاً لدى غالبية الفلاحين، كونه لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج ولا يحقق أي هامش ربح، في وقت لم تصدر الإدارة الذاتية شمال شرقي البلاد السعر الذي ستنافس فيه النظام.
وحدد مجلس الوزراء لدى النظام السوري، الثلاثاء، سعر شراء القمح السوري من الفلاحين للموسم الزراعي 2023-2024 بمبلغ 5500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، أي نحو 30 دولاراً، بزيادة طفيفة عن أسعار الموسم الفائت.
وزعم المجلس أن السعر جرى تحديده بعد حساب التكاليف الحقيقية لإنتاج الكيلوغرام الواحد. بيد أن هذا السعر وجد استهجاناً ورفضاً، لدى غالبية المزارعين، كونه لا يناسب تكاليف الإنتاج ومستلزماته، ولا يحقق هامش ربح للمزارعين، وفق عصام الهسو، وهو مزارع من ريف ناحية عامودا بريف الحسكة، وهي المحافظة الأكثر إنتاجاً لمادة القمح السوري.
وأوضح الهسو لـ"العربي الجديد" أن السعر "غير مناسب على الإطلاق"، مضيفاً: "اشتريت طن القمح للبذار بمبلغ 400 دولار". وبيّن أن تكاليف الإنتاج كانت مرتفعة جداً خلال الموسم، مشيراً إلى أن "سعر الطن الواحد من السماد 550 دولاراً، والمازوت المستخدم لتشغيل محركات ضخ المياه للسقاية، كنا نشتريه من السوق السوداء".
كما قال إن أصحاب الحصادات يتقاضون أجورهم بالدولار من الفلاحين، مضيفاً: "هناك مصاريف متفرقة كبيرة تتعلق بالشحن، فمثلاً الشاحنة تكلف ما يقارب 300 دولار إيجار توصيل القمح من الحقل إلى مراكز استلام المحصول". وتابع: "هذا السعر هو إجحاف بحق المزارعين ولا يغطي مصاريف الفلاحة، عدا المصاريف الأخرى مثل السماد والبذار والمازوت".
تراجع إنتاج القمح السوري
من جانبه، رأى عبود علي، وهو مزارع من ريف القامشلي الغربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن السعر الذي حدده مقبول، ولكن للقمح البعلي الذي لم يتكلف عليه الفلاح سقاية وتسميد، مضيفاً: "السعر بهذه الحالة جيد إلا إذا جرى التلاعب بسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية".
ومنذ عام 2014 خرجت المحافظات الرئيسية المنتجة للقمح في سورية وهي الرقة ودير الزور والحسكة وريف حلب الشرقي عن سيطرة النظام، وهو ما خلق له العديد من الأزمات، اضطرته إلى الاستيراد لسد حاجة السوق في مناطقه.
من جانبها، لم تصدر الإدارة الذاتية شمال شرقي سورية والتي تضع يدها على القسم الأكبر من الإنتاج، السعر الذي ستشتري به القمح، غير أن مصادر أكدت أنه سيكون أعلى من سعر النظام.
وقالت المصادر إن الإدارة بصدد تحديد سعر بناءً على أسعار القمح الدول المجاورة، وتكلفة إنتاج الدونم، وهامش ربح 35% للفلاحين.
وقبل أيام أكد أحمد يونس (نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية) أن "الهيئة وضعت خطة لاستلام محصول القمح للموسم الزراعي 2023-2024"، مشيراً إلى أنها جهّزت ثلاث صوامع في تل حميس بقدرة استيعابية تصل لـ130 ألف طن، في حين تصل القدرة الاستيعابية لصوامع هنيدة (ريف الرقة) لـ120 ألف طن كذلك الأمر بالنسبة لصوامع دير الزور.
وأشار إلى أن الإدارة "تسعى لتخفيف عبء وتكاليف نقل وتكييس القمح، عبر استحداث خمس صويمعات تستوعب الواحدة منها 12 ألف طن"، موضحاً أن إجمالي عدد مراكز استلام محصول القمح هذا العام 30 مركزاً، بقدرة استيعابية تفوق المليون ونصف المليون طن، وهو الإنتاج المتوقع في شمال وشرق سورية.
وكانت الإدارة قد بدأت قبل أيام بإعادة تأهيل صوامع الحبوب في ريف دير الزور في أقصى الشرق السوري، بتكلفة تصل لـ 800 ألف دولار، مؤكدة أنها ستشتري كامل المحصول لهذا الموسم من الفلاحين في مناطق سيطرتها.
ومنذ عام 2011، دخلت زراعة القمح في سورية دائرة الخطر، بعد تراجع الإنتاج بشكل دراماتيكي، من أكثر من 4 ملايين طن في الموسم، وهو ما كان يكفي الاستهلاك المحلي ويفيض قسم منه للتصدير، إلى نحو مليون و200 ألف طن في أكثر من موسم خلال السنوات الماضية. وكانت محافظة الحسكة وحدها تساهم بنحو 65% من إنتاج القمح في سورية قبل عام 2011. ولكن هذا الرقم تراجع كثيراً بعد ذاك العام، حيث لم يصل إنتاج هذه المحافظة إلى 500 ألف طن في كثير من المواسم.