الفيدرالي الأميركي يرسل أكثر إشاراته وضوحاً إلى اقتراب خفض الفائدة

14 يوليو 2024
جيروم باول رئيس الفيدرالي الأميركي، واشنطن 10 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي يلمح إلى خفض أسعار الفائدة لتخفيف تكاليف الاقتراض، مع تأكيد جيروم باول على السيطرة على التضخم واستعدادهم لتخفيف السياسات النقدية.
- البيانات الاقتصادية الأخيرة تظهر ارتفاع البطالة إلى 4.1% وتحسن مؤشر أسعار المستهلكين، مما يعزز توقعات خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر.
- مسؤولون في الفيدرالي يؤكدون أن انخفاض التضخم يبرر خفض الفائدة لتحقيق استقرار الاقتصاد وسوق العمل، مع توقعات بخفض الفائدة إلى نحو 3%.

أرسل بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي أقوى إشاراته حتى الآن إلى اقترابه من خفض أسعار الفائدة، الأمر الذي يعني زيادة احتمالات إغاثة الملهوفين من المقترضين الأميركيين، الذين طالت معاناتهم مع تكاليف الاقتراض الأعلى في الألفية الثالثة، بعد الارتفاع الهائل في معدل التضخم في الاقتصاد الأكبر في العالم

وأثناء إدلائه بشهادته نصف السنوية أمام مجلسي الشورى والنواب الأميركيين، أشار جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأميركي، بوضوح، للمرة الأولى منذ بدء محاولات كبح جماح التضخم، إلى ثقته في إحكام قبضته على ارتفاع الأسعار، واستعدادهم في مجلس الاحتياط الفيدرالي للعدول عن السياسات النقدية المتشددة. وسجل التضخم الأميركي أعلى مستوياته في أكثر من أربعة عقود في أعقاب جائحة كورونا، وما تزامن معها من إنفاق تريليونات الدولارات من الحكومة الأميركية لإنقاذ الاقتصاد وإعانة المواطنين.

واستند باول في إعلانه الجريء إلى البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تتعلق بمعدل البطالة وإضافات الوظائف، كما مؤشر أسعار المستهلكين، الذي جاء أفضل من المتوقع، وأكد استمرار التحول الهبوطي في ضغوط الأسعار. وأظهرت البيانات ارتفاع معدل البطالة في أميركا إلى 4.1%، وهو أعلى مستوى يُسجل منذ عام 2021، في وقت حذرت فيه البنوك الأميركية من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض بدأت تظهر عليهم علامات المعاناة من الضغوط مالية، بعد فترة طويلة من ارتفاع الأسعار وارتفاع تكلفة الاقتراض.

ورغم أن صناع السياسات لم يصلوا إلى حدّ تقديم تفاصيل محددة حول التوقيت أو الحجم الذي يمكن أن يخفضوا تكاليف الاقتراض فيه، فإن خطابهم أوضح أن عصراً جديداً يبدأ الآن في الظهور. ويتوقع المتعاملون في وول ستريت والاقتصاديون على نطاق واسع أن يحصل التخفيض الأول في اجتماع البنك في شهر سبتمبر/أيلول، وهو الأمر الذي قال عنه تيفاني ويلدينج، الخبير الاقتصادي في شركة بيمكو لإدارة الاستثمارات، إنه "صفقة جرى إنجازها بالفعل" بعد بيانات هذا الأسبوع.

وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في شيكاغو أوستان جولسبي، لصحيفة فاينانشال تايمز، يوم الجمعة، إنه كان "أسبوعاً جيداً" بالنسبة للبنك المركزي الذي يهدف إلى خفض التضخم من دون التسبب في ركود في الولايات المتحدة. وأضاف: "أشعر بالتأكيد بتحسن الآن مقارنة ببداية الأسبوع. وهذا ليس مقصوراً على الأسبوع الأخير، لكن البيانات على مدى الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية تشير إلى استمرار ما حدث في عام 2023، وهو الانخفاض السريع والكبير للغاية في التضخم".

وأكد جولسبي أن انخفاض التضخم يعني أن أسعار الفائدة الحقيقية أصبحت الآن أكثر تقييدًا بشكل تلقائي. وقال: "لقد قمنا بتشديد السياسة النقدية بشكل كبير بينما كنا جالسين وننتظر. أنت فقط تريد أن تكون مقيدًا إلى هذا الحد طالما كان عليك ذلك. إذا لم تكن مضطرًا لذلك، فمن وجهة نظري، هذا هو الوقت المناسب للعودة إلى وضع أكثر طبيعية". ومنذ يوليو الماضي، أبقى الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة الأساسي عند أعلى مستوى له منذ 23 عاماً، عند نطاق 5.25% إلى 5.5%.

وعرض باول القضية على المشرعين في وقت سابق من الأسبوع، وأخبرهم أن البنك الفيدرالي لا يحتاج إلى التركيز بشكل أساسي على التضخم بعد إحداث "تقدم كبير" في ترويض ضغوط الأسعار، وإظهار سوق العمل علامات واضحة على التباطؤ. وواجه البنك المركزي "مخاطر ذات جانبين"، وبقي حذراً لتجنب التسبب عن غير قصد في خسارة مفرطة للوظائف، من خلال الاستمرار في إغراق أكبر اقتصاد في العالم بأسعار فائدة مرتفعة.

وحصلت شهادة باول على دعم من تصريحات ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي في سان فرانسيسكو والعضو المصوت لهذا العام على قرارات الفائدة، حيث قالت للصحافيين في وقت لاحق من الأسبوع إن تخفيض أسعار الفائدة سيكون "مبرراً". وتدعم سوق العمل الأميركية مبررات خفض الفائدة، بعد محاصرة التضخم بشكل أكثر صرامة خلال الفترة الأخيرة. وقال باول، هذا الأسبوع، إن تلك السوق ما زالت قوية ولكنها ليس "مشتعلة".

ومع ارتفاع معدل البطالة إلى ما يزيد على 4% وتباطؤ مكاسب الأجور، لم تتوقف سوق الوظائف عن الضغط على الأسعار فحسب، وإنما اقتربت مكاسب إضافات الوظائف التي تحققت في أعقاب الجائحة من الخطر أيضاً، في غياب معايرة السياسات الدقيقة. وقال باول لأعضاء لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب إن تجنب هذه النتيجة كان "الشيء الأول الذي يبقيني مستيقظاً في الليل". وأكدت دالي للصحافيين: "أود أن أقول إنها إشارة اتصال كبيرة إلى حد ما أن تسمع الكثير منا الآن يتحدث عن أهمية سوق العمل".

وجرى تأكيد هذا أيضًا من قبل ليزا كوك، عضو مجلس الاحتياط الفيدرالي، في خطاب ألقته هذا الأسبوع، حين قالت إن بنك الاحتياط الفيدرالي "منتبه جدًا" للتغيرات في معدل البطالة وسيكون "مستجيبًا". ويسعى بنك الاحتياط الفيدرالي إلى تحقيق "هبوط آمن"، حيث ينخفض ​​التضخم إلى مستهدفه المقدر باثنين بالمائة، من دون ارتفاع حاد في عمليات تسريح العمال.

وقالت بريا ميسرا، من جيه بي مورغان لإدارة الأصول، لصحيفة فاينانشال تايمز، إن هذه النتيجة تعتمد على بدء الفيدرالي الأميركي في تخفيف السياسات قريبًا، ومع مرور الوقت، خفض سعر الفائدة إلى ما يقرب من 3%. وقال جوناثان بينغل، الذي سبق له العمل في الفيدرالي الأميركي ويعمل الآن كبيراً الاقتصاديين في بنك "يو بي إس" السويسري: "الاقتصاد يتباطأ بالفعل، ويبدو أن سوق العمل تتباطأ على خلفية ذلك. في مرحلة ما، سيرغبون في وقف التباطؤ واستقراره، لكن الخطر يكمن في استمراره".

المساهمون