الغلاء يطفئ بريق مواسم الرواج في أسواق مصر

04 مايو 2022
تخطت قفزات بعض الأسعار نسبة 100% (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

اعتادت الأسواق المصرية على انتظار مواسم معينة، تأتي مرة واحدة على مدار العام، تنتعش فيها حركة المبيعات، منها موسم رمضان، عيد الفطر، عيد الأضحى، المولد النبوي، عيد الأم، بداية العام الدراسي، لكن مع القفزات غير المتوقعة في الأسعار، وفي ظل ثبات الدخول، تراجعت القوى الشرائية بمعدلات تخطت 50%، فلم تعد تلك المواسم تمثل حالة رواج للتجار كما كانت في السابق.

  • موسم رمضان

يعتبر موسم رمضان من أهم تلك المواسم، إذ توقع جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين المصرية، وصول قيمة ‏استهلاك السلع الغذائية في رمضان إلى نحو 120 مليار جنيه هذا العام، فيما سجل 100 مليار العام الماضي، و70 ‏مليار جنيه في عام 2020، وحوالي 50 مليار جنيه في عام 2019‏‎.‎ (الدولار = 18.48 جنيهاً)

وأظهرت بيانات بحوث الدخل والإنفاق التي يجريها الجهاز المركزي للتعبئة العامة ‏والإحصاء أنّ أكثر من  85% من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية في شهر ‏رمضان، ويرتفع حجم الاستهلاك إلى حوالى 150% مقارنة بالشهور السابقة.‏

يقول عاطف شفيق، وهو تاجر مواد غذائية، لـ"العربي الجديد"، إنّ حركة البيع هذا الموسم تراجعت بمعدل وصل إلى أكثر من 80%، بالمقارنة بالعام الماضي، نتيجة ارتفاع الأسعار، والتي تخطى بعضها 100%، إذ ارتفعت عبوة الدقيق (50 كيلوغراماً) من 240 جنيهاً العام الماضي إلى 520 جنيهاً هذا العام، وكذلك سعر عبوة السمن (11 كيلوغراماً) من 200 جنيه إلى 400 جنيه.

ويعزو وليد العرباوي، وهو صاحب متجر لبيع البيض، انخفاض مبيعاته هذا الموسم بنحو 75%، مقارنة بنفس الفترة من موسم رمضان الماضي، إلى ارتفاع سعر عبوة البيض (30 بيضة) من 30 جنيهاً العام الماضي إلى 55 جنيهاً هذا العام، بخلاف ارتفاع الأسعار بشكل عام على كافة السلع.

وسجلت أسعار الكنافة في مصر ارتفاعات غير مسبوقة، والتي كانت تعتبر في السابق وجبة الفقراء المفضّلة من الحلويات، إذ وصل سعر الكيلو إلى 25 جنيهاً، مقابل 15 جنيهاً في رمضان الماضي بزيادة 67%، على أن يصل سعر الكيلو بعد التجهيز من سكر وسمن ومكسرات الفقراء (جوز الهند والزبيب والسوداني) وخلافه إلى 60 جنيهاً (أكثر من 3 دولارات).

وأكد عدد من تجار المواد الغذائية تراجع الإقبال على تجهيز "شنط رمضان" والتي يتم توزيعها على الفقراء مع بداية الشهر الفضيل، بنسب تصل إلى 50%، بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، نتيجة ارتفاعها في البورصات العالمية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك لانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار بحوالي 17%، خاصة أنّ مصر تستورد 60% من الاحتياجات الغذائية.

  • عيد الفطر

وقد عبّر عدد من أصحاب المتاجر عن خيبة أملهم نتيجة تراجع مبيعاتهم خلال موسم العيد (الأسبوع الأخير من رمضان)، بمعدلات تخطّت 80%، في الوقت الذي كانوا ينتظرون رواج بضاعتهم، لكي يسددوا ثمنها لتجار الجملة عقب العيد.

ويشكو أحمد عبد الرحمن، وهو صاحب متجر لبيع السجاد، من تراجع مبيعاته هذا الموسم بمعدلات تخطت 80%، نتيجة ارتفاع السجاد 30% في المتوسط، لخلاف ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.

وقال، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ذروة الموسم تبدأ من منتصف رمضان وحتى ليلة العيد، وكنا في سنوات سابقة مع ارتفاع حركة المبيعات، لا نستطيع غلق المحل ونضطر لتناول الإفطار السريع وسط البضاعة، ثم نكمل إفطارنا مع السحور في الواحدة بعد منتصف الليل، أما هذه الأيام فأغلقنا المتجر قبل المغرب، ثم عاودنا فتحه بعد الإفطار في منازلنا".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويلفت محمد جمال، صاحب متجر لبيع الأحذية، إلى أنّ حركة مبيعات أحذية الأطفال تقارب نفس حركة العام الماضي بالرغم من ارتفاع الأسعار 25%، في حين انخفض الطلب على الأحذية الرجالية والنسائية بحوالي 20%.

ويوضح كريم محمد، وهو مسؤول مبيعات بمتجر لبيع مستلزمات العيد، لـ"لعربي الجديد"، أنه نتيجة تراجع حركة المبيعات بشكل عام في المتاجر المجاورة، بخلاف ارتفاع الأسعار بحوالي 25%، خفّض الكميات المشتراة من لوازم العيد هذا الموسم كالشوكولاتة وبقية أنواع الحلويات والمسليات، لافتاً إلى أنّ حركة مبيعاته تراجعت هذا الموسم 30%.

  • عيد الأم

وكان عدد من أصحاب المتاجر المعنية ببيع هدايا عيد الأم والذي ‏يحتفل به المصريون في 21 مارس/آذار من كل عام، قد أكدوا في وقت سابق تراجع مبيعاتهم بمعدلات تخطت 70%.‏

وعزا مجدي حكيم، وهو صاحب متجر للمفروشات، هذا التراجع إلى ‏ضعف القوى الشرائية بشكل عام، نتيجة تردي الأوضاع ‏الاقتصادية، وكذلك لارتفاع ‏أسعار السلع بحوالي 20%، إضافة إلى مصاريف ‏الدروس الخصوصية، لافتاً إلى أنّ مبيعاته تراجعت بحوالي 60% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.‏

ويشير عمرو الفقي، وهو تاجر هواتف محمولة، إلى أنه خلال الثلاث ‏سنوات الأخيرة، أصبحت الهواتف خارج دائرة هدايا عيد الأم، ‏نتيجة ارتفاع أسعارها وخاصة ذات الإمكانات العالية، إذ إنّ أقل ‏سعر هاتف يتعدى 2000 جنيه.

  • الموسم المدرسي

لم يعد موسم بداية العام الدراسي موسماً لرواج الملابس المدرسية والأحذية والحقائب والأدوات المدرسية، فقد تراجعت مبيعات الملابس المدرسية بنحو 70%، وفقاً لتقديرات بعض التجار، إذ إنه نتيجة لارتفاع الأسعار أصبحت الأسر تعتمد على ملابس العام الماضي، ‏باستثناء الصف الأول الابتدائي باعتباره بداية مرحلة جديدة عند ‏كل أسرة، كما أنّ المصانع لترويج بضاعتها باتت تعرض منتجاتها‏ على التجار دون مقدمات، مع قبولهم ‏بالمرتجعات المتبقية.

ويقول أحد أصحاب المكتبات المدرسية، لـ"العربي الجديد"، "أمام ضغوط الحياة بدأت الناس تفكر في حلول بديلة للتغلّب على ارتفاع الأسعار مع قلة الدخول، فبعض الناس يجمعون أوراق الكشاكيل البيضاء والمتبقية من العام الماضي، ويأتون بها إلى المكتبة لإعادة تجميعها من جديد لعمل كشكول بغلاف جديد".

وأفاد بائع في محل أحذية وشنط بأنّ حركة البيع انخفضت بمعدل 50% مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أنه لم يشتر لابنه هذا العام شنطة جديدة ولا لبس مدارس جديداً، فهو موظف حكومي في الأصل، ولا يحتمل دخله شراء أي مستلزمات جديدة.

  • المولد النبوي

ونفس حالة الركود أصابت تجار وأصحاب محلات الحلويات في موسم المولد النبوي هذا العام بنسب تخطت 50%، بالرغم من عدم ارتفاع الأسعار هذا العام بشكل ملموس بالمقارنة بالعام الماضي، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الغاز والكهرباء والعمالة، وإيجارات المعارض في الشوارع والتي يتم تحصيلها عن طريق مجالس المدن والأحياء، والتي زادت في بعض الأماكن لـ100%.

وكشفت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء أنّ تضخم أسعار المستهلكين ارتفع، خلال مارس/ آذار الماضي، إلى 12.1% مقابل 4.8% منذ عام، و10% خلال فبراير/ شباط الماضي، كما ارتفع معدل التضخم في المدن إلى 10.5% في مارس/ آذار، من 8.8% في فبراير/شباط.

وأرجع الجهاز هذا الارتفاع في مارس إلى زيادة أسعار الحبوب والخبز 11%، ومجموعة اللحوم والدواجن 7%، والألبان والجبن والبيض 5%، والفاكهة 4.2%.

وأوضح أنّ ارتفاع تكلفة الطعام والمشروبات خلال مارس على أساس سنوي كان بنسبة 23.2%، والنقل والمواصلات بنسبة 6.5%، والتعليم بنسبة 13.9%، والرعاية الصحية بنسبة 4%، والمطاعم والفنادق بنسبة 11.2%.

وكانت البيانات الرسمية قد أظهرت أنّ الحكومة تستورد حوالي 60% من احتياجاتها الغذائية، والتي تقدر قيمتها بحوالى 15 ‏مليار دولار، منها، 1.6 مليار دولار للزيوت، ولحوم حمراء ‏مجمدة وحية بنحو 1.8 مليار دولار، وأقماح 2.5 مليار ‏دولار، وفول صويا 1.5مليار دولار، وذرة بحوالى مليارَي ‏دولار خلال 2020‏.

المساهمون