الغلاء يرهق جيوب الجزائريين في رمضان

11 ابريل 2023
بوادر الغلاء في الأسواق الجزائرية بدأت قبل رمضان (فرانس برس)
+ الخط -

يوصف رمضان الحالي بأنه أحد أكثر الأشهر كلفة مالياً في تاريخ الجزائريين، بسبب ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية الأساسية، التي حاولت السلطات كبحها بإجراءات عدة، ولكن دون فائدة.

بوادر الغلاء في الأسواق الجزائرية بدأت قبل رمضان بمنحىً تصاعدي، لتضاف إلى موجة غلاء بدأت قبل أشهر بسبب تداعيات جائحة كورونا التي مسّت أغلب دول العالم، ثم تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

وقبل حلول رمضان بأسابيع، شهدت الجزائر ندرة في بعض المواد الاستهلاكية على غرار الزيوت الغذائية والسميد، وتشكلت طوابير أمام المتاجر طلباً للحصول عليها في عدة ولايات.

إجراءات حكومية

في 4 إبريل/ نيسان الجاري، نشر الديوان الوطني للإحصائيات (تابع لوزارة المالية) تقريراً، أكد فيه أن أسعار المواد الفلاحية ارتفعت بنسبة 3.2 بالمائة، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 2 بالمائة خلال فبراير/ شباط.

وأفاد الديوان الوطني للإحصائيات بأن أسعار لحوم الدواجن ارتفعت بأكثر من 19 بالمائة، وأسعار الخضر بـ8.2 بالمائة خلال الفترة نفسها.

ومقارنة بفبراير/ شباط 2022، فإن أسعار المواد واسعة الاستهلاك في الجزائر ارتفعت بنسبة 9 بالمائة، فيما بلغ معدل التضخم على أساس سنوي 9.3 بالمائة.

وقبل حلول رمضان، حاولت السلطات استباق التهاب الأسعار بإجراءات عدة، منها فتح عشرات الأسواق الجوارية (عبر الأحياء)، من أجل ضمان وفرة السلع أمام المواطنين بسبب تزايد الطلب.

ويوم 20 مارس/ آذار، أي قبل بداية شهر رمضان، وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حكومته بمزيد من الضبط والتنظيم، وخصوصاً في المدن الكبرى، في ما يتعلق بالتموين، تفادياً لأي شكل من أشكال التذبذب والمضاربة في السلع.

وقبلها، أعلنت الحكومة اللجوء إلى استيراد اللحوم الطازجة من السودان، وعجول حيّة من البرازيل، من أجل كسر ارتفاع الأسعار، لكن هذه الخطوات لم تفلح في تحقيق المبتغى، بحسب مراقبين.

وحسب وزارة الفلاحة (الزراعة)، فإن أكثر من 5 آلاف عجل حيّ دخلت من البرازيل منذ بداية رمضان ستوجه للمذابح عبر ولايات عديدة، وتسوق بسعر مسقف بـ1200 دينار للكيلوغرام (8.88 دولارات).

كذلك جُلبَت ماشية من دول الساحل الأفريقي (مالي والنيجر) إلى ولايات جنوبية، في إطار تجارة المقايضة، بهدف زيادة المعروض من اللحوم الحمراء.

وطوال الأيام الأولى لشهر رمضان، سجلت أسعار اللحوم الحمراء مستويات قياسية في حدود 2200 دينار جزائري للكيلوغرام، أي بارتفاع بنسبة 57 بالمائة، مقارنة برمضان 2022، حيث كانت بمعدل 1400 دينار للكيلوغرام.

والشيء نفسه بالنسبة إلى اللحوم البيضاء التي سجلت أسعارها ارتفاعاً جنونياً لم يسبق أن شهدته البلاد من قبل، بحيث بلغت 520 ديناراً للكيلوغرام الواحد، فيما سجلت 350 ديناراً للكيلوغرام الواحد في رمضان الماضي.

البصل نجم رمضان 2023

أما الخضروات، فقد شهد أغلبها ارتفاعاً بنسب تراوح بين 20 و50 بالمائة، وأثارت أسعار البصل ضجة بعد أن قفزت من 50 إلى 300 دينار (2.20 دولار تقريباً) خلال رمضان، حيث تضاعفت 6 مرات في ظرف أيام فقط.

وخلال مناقشة قانون للنقد بالبرلمان في الأيام الماضية، رد وزير المالية عبد العزيز فايد، على تساؤلات للنواب عن سبب الارتفاع الجنوني للأسعار، بالتأكيد أن سبب التضخم الذي تشهده السوق خارجي بفعل تداعيات جائحة كورونا، وأيضاً لأسباب داخلية مثل المضاربة في الأسعار.

وتحول البصل إلى مادة دسمة للتندر والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بالنظر إلى المستوى التاريخي الذي بلغته أسعاره، وانتقل، حسب نشطاء، من صنف الخضروات إلى "الفواكه" بسبب سعره. 

في السياق، أفاد رئيس الجزائرية لحماية المستهلك (مستقلة)، مصطفى زبدي، أن أسعار بعض المنتجات خلال رمضان بلغت مستويات أسعار لم تصل إليها من قبل على الإطلاق.

وأوضح زبدي أن الغلاء لم يكن معمماً وشاملاً، لكنه طاول منتجات معينة، خصوصاً الفلاحية، مشيراً إلى أن "أسعار منتجات مدعمة من طرف الدولة (السميد والزيت والسكر والحليب) عرفت نوعاً من الاستقرار خلال رمضان، وسُوِّقَت بأسعار معقولة من طرف دواوين حكومية". واستدرك بالقول: "لكن هناك منتجات زراعية على وجه الخصوص، وصلت أسعارها إلى مستويات قياسية غير مسبوقة لم تبلغها من قبل".

غلاء تاريخي

من جهته، أشار رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الطاهر بولنوار، إلى أن أسعار بعض المنتجات شهدت بالفعل ارتفاعاً قياسياً هو الأعلى في تاريخها، على غرار اللحوم وبعض الخضروات والفواكه، مقابل وفرة في معظم السلع والبضائع خلال رمضان.

وذكر الطاهر بولنوار أن رمضان 2023 تميز بوفرة في المواد الاستهلاكية والغذائية بشكل خاص، بالنظر لما رُوِّج له قبل حلول الشهر الفضيل من خطر حدوث ندرة في عدة منتجات. وأضاف: "أسعار اللحوم وبعض الخضر والفواكه شهدت بالمقابل ارتفاعاً قياسياً مقارنة بالسنوات الماضية. ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء يعود إلى نقص الإنتاج المحلي من هذه المادة".

وختم بالقول: "الإجراءات الحكومية لاستيراد لحوم طازجة من الخارج (السودان)، إضافة إلى عجول حية موجهة للذبح، لم تسهم في إنقاص الأسعار، لكنها منعت ارتفاعاً كان سيكون أكبر".
 

(الأناضول)

المساهمون