تحتل الأجندة الاقتصادية موقعاً مهماً في حملات الأحزاب الإسرائيلية عشية الانتخابات العامة المبكرة التي ستجرى مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ويتمحور السجال الانتخابي الإسرائيلي حول أربع قضايا اقتصادية رئيسة، هي غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الشقق السكنية ومخصصات الضمان الاجتماعي، والموازنات المخصصة لقطاع التعليم، وعوائد استخراج الغاز.
وتحمّل قوى المعارضة السياسات الحكومية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي المسؤولية عن غلاء المعيشة وتفاقم أزمة السكن. ويبرز كل من زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي يقود حزب "الليكود"، ووزير الداخلية السابق الحاخام آرييه درعي، الذي يرأس حركة "شاس" الدينية الحريدية، بشكل خاص في قيادة حملة الانتقادات للحكومة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.
وعرض نتنياهو فيديو على حسابه على "تويتر" وهو يتفقد إحدى محطات تعبئة الوقود ويعرب عن "استهجانه" ارتفاع الأسعار، ويتوعد بتبني سياسة اقتصادية مغايرة إن عاد إلى الحكم بعد الانتخابات.
وعود مختلفة
أما درعي، الذي يقدم حركته كممثلة للفئات الضعيفة، فيعرض على حسابيه على "تويتر" و"تيك توك" فيديوهات يستعرض فيها قائمة السلع الأساسية والاستهلاكية التي ارتفعت أسعارها، ويتعهد بخفضها إن عاد التحالف الذي يضم "شاس" والليكود للحكم.
وقد تعهد درعي أيضاً بإلغاء "الإصلاحات" التي أدخلتها الحكومة الحالية على استيراد اللحوم التي تُذبَح وتُعَدّ حسب الشريعة اليهودية، بحيث تستعيد الحاخامية الكبرى، التي تمثل المؤسسة الدينية الرسمية، مكانتها بوصفها المرجعية الرئيسة والوحيدة في تحديد معايير سمات اللحوم التي تذبح، وتعدّ حسب "الشريعة".
ووعد كذلك بإلغاء الإصلاحات التي أدخلتها وزارة الاتصالات في الحكومة الحالية على سوق الهاتف النقال، بحيث توضَع قيود تقلص من قدرة النشء والشباب الحريدي على الوصول إلى برامج ومواقع ترى المرجعيات الدينية أنها "تمس بالقيم" الدينية.
إلى جانب ذلك، تثير قوى المعارضة بشكل خاص ظاهرة النقص الكبير في عدد الشقق السكنية وارتفاع أسعارها كثيراً، والتي باتت تمثل تحدياً للأزواج الشابة، ليس في منطقة الوسط فقط، بل في المدن والمستوطنات التي تقع في الأطراف.
ومما يضفي صدقية على انتقادات المعارضة، التقرير الذي صدر عن "مكتب الإحصاء المركزي"، الذي يشير إلى أن ارتفاعاً بنسبة 19% طرأ على أسعار الشقق خلال العام المنصرم.
وتحظى انتقادات المعارضة بإسناد من وسائل الإعلام الإسرائيلية. فكما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الأسبوع الماضي، تعاني إسرائيل حالياً من نقص يصل إلى 240 ألف شقة سكنية.
وحسب الصحيفة، فإن مشكلة السكن مرشحة للتعاظم بسبب وتيرة ارتفاع عدد المستوطنين، حيث توقع "مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي" أن يرتفع عدد المستوطنين في إسرائيل بحلول عام 2040 إلى 13.2 مليون نسمة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 40%.
ردود الحكومة
من ناحيتها، ردت الحكومة على اتهامها باتخاذ قرارات اقتصادية انتخابية. فعلى سبيل المثال، قرر رئيس الحكومة يئير لبيد إلغاء معظم المعايير المعتمدة في استيراد المواد الغذائية بهدف خفض الأسعار.
وبهدف إظهار "إنجازات" الحكومة، فقد تباهى وزير المالية أفيغدور ليبرمان، الذي يقود حزب "يسرائيل بيتينو"، في تغريدة على حسابه على "تويتر"، بأن السياسات التي تبناها أسهمت في خفض مستوى البطالة إلى "الصفر".
لكن ليبرمان، الذي يعي أنه ليس بوسعه الرد على الانتقادات المتعلقة بارتفاع أسعار الشقق، تعهد بأن يشهد شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بدء خفض أسعارها؛ مع العلم أن نوفمبر سيشهد إجراء الانتخابات وظهور نتائجها، وبالتالي فإنه يدرك أن أحداً لن يسائله إن لم يتمكن من الوفاء بتعهده. وتشهد الحملات الانتخابية سجالات بين الأحزاب تتعلق بأوجه الإنفاق على قطاع التعليم.
وأعلن وزير المالية ليبرمان، الذي يقدم حزبه نفسه كمدافع عن العلمانية وخصم لدود للأحزاب الدينية الحريدية، خطة تقوم على تقديم إغراءات مالية كبيرة للمؤسسات التعليمية التابعة للتيار الديني الحريدي، بهدف تشجيعها على تدريس المواد الأساسية، وهي الإنكليزية، الرياضيات والعلوم؛ على اعتبار أن هذه المؤسسات لا تعلم هذه المواد بأوامر من مرجعياتها الدينية، رغم أنها تُموَّل بالكامل من ميزانية الدولة.
وبرر ليبرمان خطته بالقول إنها تسهم في إعداد الشباب الحريدي للانخراط في سوق العمل الإسرائيلي، الذي يقوم أساساً على التقنيات المتقدمة.
وحسب الخطة، فإن الحكومة ستقدم إلى المدارس الحريدية التي ستدرس المواد الأساسية، مخصصات مالية بمعدل 6000 شيكل (حوالى 1691 دولاراً) لكل طالب. وقد أثار هذا القرار الانتخابي حفيظة الأحزاب الحريدية التي تمكنت من الحصول على تعهد من زعيم المعارضة نتنياهو بإلغاء تنفيذ الخطة حال تمكنه من تشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، فكل من الأحزاب المشاركة في الحكومة وأحزاب المعارضة تدعي المسؤولية عن العوائد الاقتصادية والاستراتيجية الكبيرة التي تجنيها حالياً إسرائيل من تصدير الغاز.
ويحاجج نتنياهو بأن حكوماته السابقة هي التي صاغت وأقرّت مخطط استغلال حقول الغاز وكيفية استثمارها، فيما تصرّ الحكومة الحالية على أنها صاحبة الفضل في توفير البيئة الإقليمية التي سمحت لإسرائيل بتصدير الغاز إلى أوروبا عبر الموانئ المصرية.