بدأت الحكومة الأردنية اختبار تطبيق "العمل المرن" في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية، في ضوء تحول الكثير من المؤسسات والمنشآت للعمل عن بعد، خلال فترة الجائحة، لتسيير أعمالها.
ويعرف عقد العمل المرن في قانون العمل الأردني بأنه: "اتفاق كتابي يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه وإدارته مقابل أجر، ويكون العقد محدد المدة أو غير محدد المدة أو لعمل معين أو غير معين وفقا لأشكال العمل المرن المحددة في هذا النظام".
أول اختبارات العمل المرن بدأت في وزارة الزراعة الشهر الماضي، بالتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية وانسجاماً مع نظامه الذي يتضمن إمكانية عمل 30 في المائة من كادر الوزارة عن بعد.
وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات قال إن الوزارة تسعى لتطبيق كل ما يدعم تطوير منظومة العمل وتحسين الخدمات وترشيد الإنفاق، وإن نظام العمل المرن سيساعد في تخفيف كلفة الطاقة ويقلل من الأزمات المرورية ويفعّل المنظومة الإلكترونية التي عملت عليها الحكومة من خلال أتمتة الوزارات وخدماتها.
وأضاف أنه جرى وضع كافة الإجراءات والآليات لمتابعة عمل الموظف عن بعد وضمان توفر الموظف طوال أوقات العمل الرسمي. وقال إن هذه التجربة ستكون لمدة شهرين في مركز الوزارة، وسيجرى تعميمها تباعا لمجرد التثبت من نجاحها.
وبالرغم من وجود القانون الذي ينظم العمل المرن، فإنه يشوبه العديد من التشوهات وفق خبراء قانونيين، مثل تحديد الفئات التي يشملها نظام العمل المرن، حيث تتضمن فقط العامل الذي أمضى ثلاث سنوات متصلة بالعمل أو العامل الذي لديه مسؤوليات عائلية أو الطلاب المنتظمين في الجامعة أو العامل ذي الإعاقة.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، لـ"العربي الجديد"، إن العمل المرن متطلب أساسي في القطاعين العام والخاص، لأهميته في توفير ظروف عمل أفضل للعاملين وزيادة الإنتاجية وتقليل كلفة الإنتاج وسرعته.
وأضاف أنه لا بد من وجود ضوابط تضمن استدامة العمل في حال تطبيق آلية العمل المرن أو العمل عن بعد باستخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، من دون أن تكون لذلك تبعات سلبية مستقبلا على أوضاع العاملين وحقوقهم المالية والوظيفية المختلفة. وقال إن تجربة العمل المرن والعمل عن بعد كانت ناجحة خلال جائحة كورونا، حيث استمرت العديد من المنشآت والقطاعات في عملها وخاصة المجالات الأساسية، وكانت الإنتاجية عالية وفي بعض الأحيان أكثر من الأنماط التقليدية في العمل.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي مازن مرجي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه من المهم الانتباه لدى الحديث عن تطبيق العمل عن بعد والعمل المرن ألا يكون ذلك على حساب تقليص الأيدي العاملة مستقبلا، كون الكثير من الأعمال تنجز بسرعة عالية باستخدام التقنيات الحديثة وعن بعد.
وأضاف أن الكثير من الأعمال لم تعد تحتاج حضور الموظف إلى مقر الشركة، حيث بإمكانه القيام بعمله من أي مكان آخر وفي ظروف عمل مناسبة. وأكد مسؤول موقع "الراصد النقابي" لعمال الأردن حاتم قطيش أن الجهد المضاعف الذي يبذله بعض العاملين الذين يضطرون للجوء للعمل الإضافي، في محاولة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، يضعف إنتاجيتهم في العملين.
وتابع: "لقد تأثُّرنا بجائحة كورونا عام 2020 حيث أدخلنا قسرا في حيز تنفيذ نظام العمل المرن الذي كشف العديد من العيوب في التشريعات.
وأشار إلى أنه كان الأجدر الاستفادة من الجائحة في تنفيذ بعض التعديلات على القانون لتسهيل إمكانية تطبيقه بعد ذلك، إلا أن هذا لم يحصل. وأكد أهمية البحث عن آليات انتقال آمن إلى أشكال وظيفية جديدة مرنة، ما يتطلب إعادة دراسة التشريعات الناظمة ومخاطبة عقليات أصحاب الأعمال عن أهمية العمل المرن وفوائده التي تعود إيجابا على الإنتاجية. المرصد العمالي الأردني تطرق أيضا الى أهمية نظام العمل المرن في تمكين المرأة من اختيار ساعات العمل التي تناسبها، وفقا لظروفها وبما يتناسب مع حياتها.
وقال في بيان: "لا يكاد يخفى تردي نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل الأردني، حيث لا يزيد معدل نشاطها الاقتصادي عن 13.7 في المائة، وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة للربع الأول من عام 2023". كما لا يزال معدل المشاركة هذا ثابتا منذ نحو عشر سنوات، على الرغم من الجهود المحلية المبذولة في تحسين أوضاع المرأة، وقد يعود ذلك إلى ساعات العمل الطويلة مقارنة بالأجر الممنوح الذي يحد من منح المرأة أي مكسب من عملها.
ورأى مصدر متابع في حديث مع "العربي الجديد" أن جائحة كورونا، رغم ما خلفته من مصائب، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في تطوير منظومة العمل لدى القطاعين العام والخاص، والتعاطي مع التقنيات والتكنولوجيا الحديثة بما يضمن إدامة العمل تحت أي ظروف.
ووفقا للمصدر، فالكثير من الوزارات والمنشآت في الأردن استجابت بطريقة أفضل لتحديات الجائحة من خلال أتمتة الإجراءات وتطبيق العمل المرن وعن بعد، بحيث أصبح الموظف يستطيع تأدية مهامه من منزله وبكفاءة عالية.