- صندوق النقد يشيد بالانتعاش الاقتصادي وانخفاض التضخم في العراق، مؤكدًا على ضرورة الإصلاحات الهيكلية لمواجهة التحديات الاقتصادية والنزاعات الإقليمية.
- العراق يواجه تحديات مثل الهدر المالي الذي يتجاوز 40 مليار دولار سنويًا، مع التأكيد على أهمية تقليص النفقات وتنويع مصادر الدخل لتحقيق استقرار مالي واقتصادي.
أغلق العراق ملف ديونه المترتبة لصالح صندوق النقد الدولي والمتراكمة عليه منذ عام 2003، بمبلغ إجمالي يتخطى 8 مليارات دولار، عبر عدة قروض كانت تستهدف دعم استقرار الاقتصاد الكلي وتنفيذ الإصلاحات المالية.
وحسب المستشار المالي للحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، فإنه بعد عام 2003، قدم صندوق النقد الدولي عدة قروض للعراق كانت تستهدف دعم استقرار الاقتصادي وتنفيذ عمليات الإصلاح المالي بين الأعوام 2003 و2021.
وأوضح صالح، في حديث أوردته وكالة الإعلام العراقية (واع)، أن العراق حصل على عدة برامج تمويلية من صندوق النقد الدولي، بما في ذلك قروض طارئة ومساعدات مالية طويلة الأجل نسبياً.
وبيّن صالح، أنه منذ العام 2003، بلغت قيمة القروض والمساعدات المالية التي منحها صندوق النقد الدولي للعراق 8 مليارات دولار، وجرى تسديدها كاملة، مع التركيز عند منح القروض على تنفيذ برامج ارتبطت بدعم استقرار الاقتصاد الكلي وتنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية. صندوق النقد الدولي كان قد أوضح في وقت سابق، أن العراق بحاجة لتصحيح أوضاع المالية العامة تدريجيا، لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية.
ورحب الصندوق في بيانه بالانتعاش الاقتصادي القوي وانخفاض التضخم في العراق وتحسن الظروف المحلية التي أدت إلى تنفيذ أول ميزانية مدتها ثلاث سنوات، مشدداً، على ضرورة وجود سياسات اقتصادية سليمة وإصلاحات هيكلية في العراق لتأمين المالية العامة والديون نظرا للنزاعات الإقليمية التي قد تؤثر على أسعار النفط.
وفي نهاية العام الماضي 2023، بين صندوق النقد الدولي أن اقتصاد العراق يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، ويحتاج إلى إصلاحات هيكلية جذرية لتنويع مصادر الدخل وتحقيق النمو المستدام.
الهدر المالي
في السياق قال الخبير المالي، رشيد السعدي، إن الهدر المالي في مؤسسات الدولة العراقية يتجاوز حدود 40 مليار دولار سنوياً، وإن العراق قادر على معالجة هذه المشكلة الخطيرة من خلال رسم سياسة اقتصادية نقدية سليمة والحد من مستويات الهدر المالي. وأضاف السعدي لـ"العربي الجديد"، أن العراق من البلدان المؤسسة لصندوق النقد الدولي في سنة 1944، ويمتلك موقعا قويا في النظام المالي الدولي، لما له من ثقة عالية تمكنه من تحقيق سياساته الاقتصادية، وتوفر فرص التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن، قرار صندوق النقد الدولي بعدم تزويد العراق بقروض التنمية يأتي بسبب سياسة الصندوق التي تقضي بإعطاء الديون لغرض تحقيق مشاريع التنمية المستدامة وليست من أجل سداد الرواتب والعجز الحاصل في موازنة الدولة. وبيّن السعدي، أن صندوق النقد شدد كثيراً على أهمية توجه العراق لترشيد استهلاكه النقدي والعمل على تحقيق موارد جديدة واستثمار موارده الطبيعية والبشرية لتحقيق الناتج المالي الأمثل بعيداً عن الهدر المالي الحاصل في مؤسسات الدولة.
وأكد، أن هناك أكثر من 100 ألف موظف، يتقاضون رواتب من دون أي عمل أو إنتاج، فضلاً عن وجود بحدود 150 ألف موظف يتقاضون أكثر من راتب، بالإضافة الى الهدر الكبير في مصروفات الحكومة ومؤسساتها العليا. وبيّن، أن الهدر المالي في الرواتب والمصروفات يحمل موازنة الدولة أكثر من 40 مليار دولار سنوياً، وهي نسبة خطيرة تؤدي إلى ترهل كبير وارتفاع خطير في حجم النفقات، مشدداً على أهمية تقليص النفقات الفائضة والعمل على تنوع مصادر الدخل القومي للدولة العراقية.
عبء القروض
قال الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، إن العراق حاول تحسين علاقته مع صندوق النقد الدولي بعد عام 2003 من خلال اتفاقية نادي باريس وما نجم عنها من قرارات من أجل إطفاء الديون المترتبة على العراق قبل غزوه سنة 2003، والتي قدرت بحدود 100 مليار دولار، والتي مرت بعدة مراحل انتهت في سنة 2008.
وأضاف صباح لـ"العربي الجديد"، أن العراق تحمل عبء قروض جديدة مع بداية العام 2014 والتي شهدت ارتفاع النفقات الحكومية على معارك استعادة السيطرة على المناطق التي وقعت تحت سيطرة تنظيم الدولة "داعش"، وما أصاب الدولة من مشاكل مالية وعجز كبير في ميزان المدفوعات، مما دفعه لطلب القرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 5.34 مليارات دولار للإيفاء بالتزاماته المالية.
وأكد صباح، أن العراق لم يقطع علاقته مع صندوق النقد الدولي، إنما تسببت السياسة الاقتصادية المتبعة حاليا بفقدان ثقة الصندوق به، لما يوجد في العراق من هدر كبير للأموال وارتفاع حجم الإنفاق غير المبرر بعيداً عن الإنتاج وتعدد وسائل الدخل القومي. وأفاد بأن اقتصاد العراق غير مستقر، ويعاني من تقلبات عديدة لاعتماده الكلي على إيرادات النفط، بالإضافة إلى سوء الادارة الاقتصادية للدولة، وضعف أدائها الإنتاجي.
وبين صباح، أن أي انخفاض لأسعار النفط عالمياً، سيكلف العراق الكثير، وسيزيد من نسبة العجز ويرفع من مستويات الخطورة الاقتصادية التي ينتج منها إفلاس العراق ووصوله لمراحل خطيرة. وشدد، على أهمية تحسين وضع العراق المالي، وتعزيز علاقاته الاقتصادية مع المنظمات والهيئات المالية العالمية لرفع مستوى الثقة ومواجهة الأزمات الاقتصادية.