يمتلك العراق مخزونا هائلاً من الفوسفات يصل إلى 9 في المائة من الاحتياطي العالمي، بما يزيد عن 10 مليارات طن يتركز معظمها في الصحراء الغربية للعراق وتحديداً في محافظة الأنبار، وفق الأرقام الرسمية المثبتة لدى هيئة المسح الجيولوجي العراقية.
وكان معدل التصدير السنوي لمنتجات الفوسفات من العراق للخارج وخاصة دول شرق آسيا قبل حرب الخليج في العام 1991، يصل إلى حدود نصف مليون طن سنوياً، بإيرادات شبه ثابتة كانت تدرج ضمن الموارد غير النفطية للبلاد.
ويتواجد أغلب احتياطي الفوسفات في منطقة القائم، وتعرف المنطقة الممتدة على أكثر من 80 كيلومتراً، باسم "مناجم الفوسفات". ويقول معاون مدير عام الشركة العامة للفوسفات، إحسان علي، لـ"العربي الجديد"، إن الشركة العامة للفوسفات وهي الذراع القابضة لصناعات الفوسفات في العراق، "تضم عدداً من المعامل المتكاملة لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية".
ويضيف علي أن "هذا المجمع يقع في منطقة عكاشات التابعة لمدينة القائم غربي محافظة الأنبار، ويضم معملاً لاستخلاص الخامات وتركيزها، وآخر لإنتاج حمض الكبريتيك، ومعمل لإنتاج حمض الفوسفوريك، بالإضافة إلى وحدات الخدمات الصناعية، ومعامل الأسمدة والأمونيا، فضلاً عن وجود معمل آخر لإنتاج أملاح الفلورين.
ويبين أن الغرض من هذه المعامل هو إنتاج سماد أحادي الأمونيوم، وسماد السوبر فوسفات والأسمدة المركبة، إلا أن جميع هذه المعامل متوقفة عن العمل والإنتاج منذ شهر حزيران/ يونيو عام 2014 عقب اجتياح تنظيم "داعش" مناطق واسعة غربي وشمالي العراق وسيطرته عليها. حيث تعرضت المعامل إلى السرقة والتدمير بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بها خلال العمليات العسكرية التي رافقت عمليات استعادة السيطرة على مناطق غرب الأنبار.
ويوضح مسؤول في وزارة الصناعة في العاصمة بغداد، أن أسباب توقف مناجم الفوسفات عن الإنتاج تعود إلى ما أصاب الشركة من أضرار وتدمير في بناها التحتية، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "عملية تشغيل مناجم شركة الفوسفات تعتمد على إعادة إعمار الشركة المنتجة للأسمدة الفوسفاتية، والتي ترتبط بمصادقة البرلمان على قانون الاستثمار المعدني، الذي أعد لكي يتلاءم مع قوانين الاستثمار الحديثة".
ويلفت المسؤول إلى أن "الوزارة تسعى إلى تطوير هذا القطاع المهم والرئيسي لإعادة الإنتاج وزيادة الطاقات ودعم القطاع الزراعي وتصدير الفائض خارج البلاد".
ويؤكد أن "لغاية سنة 2013 بلغ حجم الإنتاج بحدود 250 ألف طن، وهذا يمثل 20 في المائة من الطاقة التصميمية، فيما تقدر الخسائر بحوالي تريليون و500 مليار دينار (نحو مليار دولار) منذ عام 2014 ولغاية اليوم".
ويقول أحمد المحلاوي، وهو قائمقام مدينة القائم حيث تقع مناجم الفوسفات العراقية لـ"العربي الجديد"، إن معامل إنتاج الفوسفات مهيأة للاستثمار، وتقدمت عدة شركات عالمية كبرى لتشغيلها، إلا أن عدم تشريع قانون الاستثمار عرقل هذه الخطوات"، مشيرا إلى أن "الأهمية الاقتصادية لقطاع الفوسفات لا تقتصر على مردوه، بل على الأيدي العاملة التي تعمل في مناجم الفوسفات حيث تبلغ أكثر من 4200 موظف وعامل".
ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي العراقي، نبيل جبار، أن صناعة الفوسفات الخام في العراق يجب أن تحقق عائد إنتاج سنوي يقارب 20 مليون طن سنوياً، وهي تمثل حصته السوقية وفقا لمعادلة احتياطي الإنتاج، وذلك لتعزيز إيرادات الدولة العراقية بما لا يقل عن ملياري دولار سنوياً".
ويشير جبار لـ"العربي الجديد"، إلى أن مستويات الإنتاج وصلت إلى أكثر من مليون طن سنويا قبل أن تفرض الولايات المتحدة الحصار الاقتصادي على العراق سنة 1991.
وتؤكد عضوة اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق ميثاق الحامدي، أن الاستثمار في العراق لم يتم العمل عليه بصورة صحية، كما لم تأخذ الصناعة الوطنية دورها في تنمية الاقتصاد العراقي والنهوض به، بسبب التدخلات الخارجية وسعي أطراف داخلية إلى عرقلة نمو قطاعات الاستثمار والصناعة.
وتضيف الحامدي لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من المشاريع الصناعية والاقتصادية العراقية معطلة، وهناك خطط ممنهجة لقتل الصناعة والاستثمار في البلاد. وتبين أن الفساد يكبل الاقتصاد الوطني العراقي إذ إن "المستثمرين يرغبون بالعمل لكن الفساد والابتزاز منعا الكثير من الشركات من الدخول إلى السوق أو الاستمرار به. فضلاً عن وجود الكثير من المعوقات المتعلقة بمنح التراخص وعدم توفير البيئة الاستثمارية الملائمة".