يعول العراق في تجاوز أزمة الطاقة الكهربائية على مشروع الربط الخليجي للكهرباء مع العراق، وهو المشروع الذي أقر عام 2019 وبدعم أميركي في حينها. إذ سيحصل العراق على الكهرباء من خلال السعودية والكويت وبأسعار رمزية تسهم في تقليص حجم ما تحتاجه مدن جنوب ووسط وغرب العراق من الطاقة بشكل كبير.
وأكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مطلع الأسبوع الحالي، حدوث تقدم في إنجاز الربط الكهربائي مع دول الخليج، وذلك في معرض حديثه عن أزمة الطاقة المتفاقمة في البلاد مع تصاعد الحرارة التي وصلت إلى قرابة الخمسين درجة مئوية في البلاد.
وأكد الكاظمي في حديث للتلفزيون الحكومي أن العراق أنجز 85% من العمل بمشروع الربط الكهربائي مع الخليج، والمشروع سيكتمل عام 2022، كما أشار إلى أن الربط الكهربائي مع الأردن سيكتمل أيضا، مبينا أن مشكلة الكهرباء معقدة، ووضعها غير مرض.
وأقر بأن السنوات السابقة شهدت إهدار مليارات الدولارات على ملف الكهرباء، وتم اكتشاف الكثير من المشاريع المتوقفة لأسباب تتعلق بسوء التخطيط والفساد.
بالمقابل أكد عضو في لجنة الطاقة بالبرلمان العراقي، أن مشروع ربط الكهرباء الخليجي بالعراق، ما زال يفهم منه أنه ملف سياسي موجه ضد إيران، ضمن مساعي واشنطن لإفلات العراق اقتصاديا من قبضة إيران.
وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "العراق عمليا بات تحت رحمة الغاز الإيراني المستورد منها بسعر يبلغ ضعف السعر الحالي، وكذلك استيراد وحدات الكهرباء، وهذه من مخلفات حكومة نوري المالكي التي فتحت السوق العراقية عامة أمام الهيمنة الإيرانية".
وأكد أن "هناك قوى سياسية وفصائل مسلحة تتعامل مع ملف ربط العراق كهربائيا بالخليج على أنه موجه ضد إيران إذ سيتم الاستغناء عن غاز وكهرباء إيران، لذا هناك إعاقات غير خافية للمشروع ولولا تلك الإعاقات لكان المشروع انتهى. إذ إن دول الخليج جاهزة والتأخير من العراق فقط بمجال تهيئة البنية التحتية للربط وتشمل أبراج النقل عالي الحمولة ومحطات التحويل ومراكز التحكم والسيطرة".
ومطلع العام الحالي، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية إنجاز 80% من مشروع الربط الخليجي للكهرباء، موضحة أن المشروع تعطل كثيرا بسبب جائحة كورونا.
وعبّر رئيس لجنة الخدمات في البرلمان العراقي، وليد السهلاني، اليوم الأربعاء، عن أمله في أن تكون هناك إجراءات على الأرض لاتفاقات العراق بشأن الربط الكهربائي مع دول الخليج، موضحا لـ "العربي الجديد" أن هذا الربط سيؤثر بشكل فعال على تحسين إنتاج الطاقة الكهربائية في حال تطبيقه.
وأشار إلى وجود مشاكل فنية تتعلق بملف الكهرباء تتطلب وقفة جادة من الحكومة، والمحافظات الوسطى والجنوبية في العراق هي الأكثر تضررا بسبب تراجع التزويد بالتيار الكهربائي.
ولفت إلى وجود مشكلة في شبكات نقل وتوزيع الكهرباء، ومحاولات معالجة هذه المشكلة لم تكن بمستوى الطموح، مشددا على ضرورة حل أزمة الكهرباء لأنها مصيرية وتتعلق بتطلعات الناس واستقرار المجتمع.
وأوضح السهلاني أن انحسار ضخ أنبوب الغاز الإيراني باتجاه محافظات الوسط والجنوب أثر بشكل كبير على قدرة وجودة محطات الكهرباء، وانخفض الإنتاج نتيجة لذلك".
وتابع "نحن في لجنة الخدمات في البرلمان نتطلع إلى أي منجز يمكن ان تقوم به الحكومة على أرض الواقع"، مؤكدا وجود وعود بأن يتم إنجاز الربط الكهربائي مع الخليج نهاية عام 2022.
وعبر عن أسفه لتحول أزمة الكهرباء إلى مناورة سياسية تؤثر على الملف الأمني، مشيرا إلى أن "ملف الكهرباء قد يزحزح الانتخابات إذا لم يحدث استقرار فيه، لأن الأمن مرتبط بشكل مباشر بالخدمات، إذا لم تتوفر الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وغير ذلك سيتأثر الواقع الأمني".
ولفت إلى أن "سخونة الجو قد تؤدي إلى سخونة المواطن الذي لن يسكت أمام استمرار تراجع الكهرباء"، موضحا أن العراق دولة غنية تمتلك مقومات النجاح، إلا أن تلك المقومات لم تنعكس لخدمة الناس".
مسؤول في وزارة الكهرباء العراقية أكد لـ "العربي الجديد" أن الوزارة تبحث بشكل جدي عن حلول من أجل معالجة أزمة الكهرباء المتفاقمة، سواء كان بالربط الخليجي، أو بإقناع إيران بإعادة ضخ الحصة المتفق عليها من الغاز التي يحتاجها العراق لإنتاج الكهرباء.
وأشار إلى أن بعض المدن الجنوبية بدأت تشهد موجات احتجاج ضد تراجع تزويدها بالتيار الكهربائي وتحسين وضع الطاقة الكهربائية يمكن أن يخفف من حالات الاحتجاج".
لكن عضو التيار المدني العراقي، أحمد حقي، قال لـ"العربي الجديد"، إن استمرار التذرع بورقة إيران في كل فشل اقتصادي أو خدمي يمثل أحد وجوه الفساد أيضا في العراق".
واعتبر أن من حق إيران أو أي دولة أخرى الدفاع عن مصالحها والاستفادة من أي سوق أو قطاع خارجي، لذا الحديث عن معارضة إيرانية كما يحدث بموضوع الربط الخليجي ومن قبله بالمصانع العراقية المعطلة يمثل وجه فساد وفشل البرلمان الذي يجب أن يكون له دور رقابي وأيضا يمثل دليلا على ضعف الحكومة".
وأضاف أن "الأزمة بالمجمل تعود لضعف المسؤولين وأيضا فسادهم في مختلف مؤسسات الدولة، ولو كانت الحكومات قوية وتقدم مصلحة شعبها على مصلحة ولاءاتها الجانبية لما تحولت بيوت العراقيين بالصيف الى أفران سلبتهم حتى النوم".
وكانت وزارة الكهرباء العراقية قد أبرمت اتفاقية مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، على هامش مؤتمر للطاقة ببغداد في سبتمبر/أيلول 2019، تهدف إلى مد خطين للكهرباء بطول 300 كيلومتر لاستيراد الطاقة من دول الخليج.
وعلى الرغم من أنّ العراق بلد نفطي إلا أنّه يعتمد بشدّة على إيران في مجال الطاقة، إذ يستورد منها ثلث احتياجاته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء، وذلك بسبب بنيته التحتية المتقادمة التي تجعله غير قادر على تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة لتأمين احتياجات سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة، فضلا عن انتشار الفساد في البلاد.