أعلن صندوق النقد الدولي أن العراق طلب مساعدة طارئة في إطار أداة التمويل السريع، لدعم مالية الدولة التي تعاني عجزاً غير مسبوق، رغم لجوء الحكومة أخيراً إلى بيع الخام عبر الدفع المسبق، ما أثار انتقادات برلمانية حادة، وصفت هذه الآلية بأنها "رهن لثروات النفط".
وقال ممثل لصندوق النقد في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني في وقت متأخر من مساء الأحد، وفق وكالة رويترز، إن "السلطات العراقية طلبت مساعدة طارئة من صندوق النقد الدولي بموجب أداة التمويل السريع، وأشارت إلى اعتزامها طلب ترتيب طويل الأمد مع الصندوق لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها".
وتوفر أداة التمويل السريع التابعة لصندوق النقد الدولي مساعدة مالية سريعة، وهي متاحة لجميع البلدان الأعضاء التي تواجه حاجة ملحة في ميزان المدفوعات. ويقول صندوق النقد إنه بموجب أداة التمويل السريعة يتم تقديم المساعدة المالية دون الحاجة إلى برنامج كامل أو مراجعة.
ويوم الأحد الماضي، قال وزير المالية العراقي علي علاوي، في تصريح لوكالة بلومبيرغ الأميركية، إن العراق يجري محادثات مع صندوق النقد للحصول على حزمة قروض بقيمة ستة مليارات دولار، مضيفا أن بلاده قد تطلب أربعة مليارات دولار إضافية في شكل قروض منخفضة التكلفة من خلال برنامج آخر مرتبط بالإصلاحات الحكومية.
وخفض العراق قيمة الدينار بنسبة تبلغ نحو 23% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد تدهور ماليته إثر سنوات من انهيار أسعار النفط العالمية التي تمثل مصدراً رئيسياً للموارد المالية العراقية.
وقال وزير المالية إن "العراق خطط أيضا لأنواع أخرى من التمويل للمساعدة في سد فجوة الميزانية، وبمجرد الموافقة على خطة الإنفاق، ستتحرك الحكومة لإصدار سندات محلية بقيمة خمسة مليارات دولار لتوسيع قاعدتها المالية".
ولا يملك اقتصاد العراق العضو في أوبك سوى قاعدة تصنيع صغيرة وجميع السلع تقريبا واردات مسعرة بالدولار. وتأتي التحركات المتسارعة للاقتراض، في وقت يشهد مشروع موازنة العام الجاري 2021 عجزاً يصل إلى نحو 70 تريليون دينار (48.2 مليار دولار)، بما يعادل 46.6% من إجمالي الموازنة لأول مرة في تاريخ العراق، والتي يبلغ إجماليها 150 تريليون دينار عراقي (103.4 مليارات دولار).
لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان، رياض المسعودي، قال لـ "العربي الجديد" إن "موازنة 2021 ستخفض إلى ما بين 130 و140 تريليون دينار وهناك نية لخفض العجز فيها كي لا يتم الذهاب نحو الاقتراض الداخلي والخارجي"، مشيرا إلى أن الظروف مهيأة لاستكمال الموازنة في موعد أقصاه منتصف الأسبوع المقبل.
وتواصل اللجنة المالية في البرلمان مناقشة مشروع الموازنة. وقال مقرر اللجنة أحمد الصفار لـ"العربي الجديد"، إن اللجنة عقدت خلال أكثر من أسبوعين جلسات مستمرة، استضافت خلالها عددا كبيرا من مسؤولي وحدات الإنفاق، للاطلاع بدقة على حقيقة المبالغ التي تحتاجها هذه الوحدات، مؤكدا وجود مبالغة كبيرة في التخصيصات الممنوحة لعدد من الجهات.
وتابع: "ستكون هناك تغييرات واضحة على كل الموازنة، وكثير من مواد الموازنة سيخضع للتغيير والهدف هو تخفيض العجز بنسبة كبيرة"، مشيرا إلى تصويت اللجنة المالية على تقدير سعر النفط بـ 45 دولاراً للبرميل بدلاً من 42 دولاراً الذي ورد في المشروع الذي أرسلته الحكومة، كما خفضت حجم الإنفاق ما بين 20% و25%، وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى خفض العجز إلى ما يقارب النصف.
ويواجه العراق ضغوطاً مالية غير مسبوقة في ظل تراجع عائدات النفط واستشراء الفساد الذي تسبب في خسارة البلد نحو 450 مليار دولار، وفق عضو اللجنة المالية في البرلمان سابقاً رحيم الدراجي في تصريحات صحافية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ولجأت حكومة مصطفى الكاظمي أخيراً إلى صفقات بيع النفط بالدفع المسبق لتوفير موارد مالية عاجلة لتأمين المرتبات ونفقات الموازنة التشغيلية، ليعرب نواب في البرلمان عن مخاوفهم من استمرار هذا النوع من الصفقات، على اعتبار أنها ترهن ثروات البلاد دون مراعاة أي تطورات مستقبلية قد تدفع الأسعار للصعود.
وأظهرت وثيقة وفق وكالة رويترز في وقت سابق من هذا الشهر، أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) عرضت 4 ملايين برميل من خام البصرة الخفيف والمتوسط عبر عطاءات فورية في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وأشارت الوثيقة إلى أن إجمالي الكمية يبدو أكبر مما تشهده عادة العطاءات الفورية الشهرية لسومو في الآونة الأخيرة. وهذا الإجراء هو الثالث من نوعه خلال الشهرين الماضيين، إذ سبق أن أكدت تقارير نفطية عراقية بيع العراق كميات من خام البصرة إلى الصين وتسلم ثمنها مقدماً وفق سعر البرميل المعتمد بتاريخ توقيع الصفقة.