كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، اليوم الأربعاء، عن تعاون بين بلاده وتركيا لإعادة إحياء قطاع الصناعات العسكرية الذي توقف منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وذلك ضمن خطط العراق للتقليل من الاعتماد على استيراد الذخيرة والعتاد الثقيل.
وقال رئيس هيئة التصنيع الحربي في العراق محمد صاحب الدراجي، إنّ "الهيئة العامة للصناعات الحربية تعمل على إنشاء خطوط لإنتاج العتاد الخفيف والمناطيد العسكرية لأغراض أمنية، وذلك بعد الاتفاق مع الجانب التركي بهذا الصدد".
وأوضح الدراجي، في تصريح لصحيفة "الصباح" الرسمية، أنّ "الخطوط الإنتاجية سيتم إنشاؤها عن طريق الاستثمار، وتشمل نقل التكنولوجيا التركية لخطوط الإنتاج العراقية، ويكون التصنيع بأيدٍ محلية لغرض بناء صناعة عسكرية داخل البلاد، وتزويد القوات الأمنية بالعتاد والتقليل من عملية الاستيراد".
وأضاف أنّ "هيئة التصنيع العسكري تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي لجميع أنواع الأسلحة والصناعات الحربية، لاسيما بعدما شهدت افتتاح عدد من خطوط الإنتاج خلال المدة الماضية".
وقبل العام 2003، كان العراق يمتلك مؤسسة كبيرة تحت مسمى "هيئة التصنيع العسكري" إذ كانت تنتج أنواعاً مختلفة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والثقيلة، والعتاد المختلف، وقد تعرضت فيما بعد للتخريب وأعمال النهب التي رافقت الاجتياح الأميركي للبلاد.
وفي العام 2019 صوّت البرلمان العراقي على "قانون هيئة التصنيع الحربي"، كخطوة لإنشاء قاعدة للصناعات الحربية في العراق وسد احتياجات القوات الأمنية، وقد تم بعد ذلك ترميم عدد من المصانع في البلاد، بنسب مختلفة، لكنها لم تصل إلى مستوى الإنتاج.
من جهته، قال مسؤول في هيئة التصنيع الحربي، فضّل عدم الكشف عن هويته إنّ "الهيئة وضعت خططاً لإعادة الحياة لعدد من المصانع، وقد تمت بالفعل إعادة ترميم عدد منها"، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "العمل يسير ببطء بسبب ضعف الدعم المالي، على الرغم من تقديم الهيئة خططاً واضحة وتحديد الكلف إلى الحكومة". وأشار إلى أنه "في حال الحصول على الدعم المالي المطلوب، ستكون هناك نهضة في تلك المصانع".
عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حامد المطلك، شدد على أهمية إعادة الحياة لمنشآت التصنيع العسكري في البلاد، لكنه دعا الحكومة والجهات المسؤولة إلى "الجدية بهذا الملف وعدم الاكتفاء بالوعود فقط".
وقال المطلك لـ"العربي الجديد"، إنّ "موضوع إعادة التصنيع الحربي هو عمل فني، والعراق يمتلك القدرة على إعادة الحياة لمصانعه العسكرية، إذ لديه العقول والخبرات والطاقات، فضلاً عن القدرات الأخرى المادية".
وأوضح، أنّ "الملف بكل الأحول يحتاج إلى إصرار وتخطيط حقيقي على تطوير العمل العسكري العراقي، وألا يتم الاكتفاء بالكلام والوعود فقط"، مذكّراً بأنّ "التصنيع العسكري كان يغطي سابقاً حاجة كبيرة من احتياجات المؤسسة العسكرية، وقلل من حجم الاعتماد على السلاح المستورد".
وأشار المطلك إلى أنّ "المنشآت العسكرية العراقية موجودة وتحتاج إلى ترميم سواء عن طريق الاستثمارات أو غيرها، كما أنّ الاستعانة بالخبرات الأجنبية ستسهم في ذلك".
وأقرّ بأنّ "التصنيع العراقي والذي قد ينحصر على مستوى العتاد وبعض أنواع السلاح الخفيف، لن يكون منافساً للسلاح المستورد من ناحية الكفاءة، لكن في حال تمت البداية سيكون هناك تطوير مستقبلاً، وسيكون هناك دعم للمؤسسة العسكرية ولاقتصاد البلد".
وأهملت الحكومات العراقية المتعاقبة على البلاد، بعد العام 2003، ملف هيئة التصنيع العسكري، والتي كانت سابقاً تنتج، فضلاً عن أنواع السلاح، الخفيف والمتوسط والثقيل، أنواعاً من الصناعات المدنية أيضاً، وقد حلّ قرار الحاكم المدني للعراق، الأميركي بول بريمر، رقم 75 لسنة 2004، منشآت التصنيع العسكري، وأضاع فرصة الإفادة من مصانع عملاقة استوردها العراق بأموال طائلة، فيما تعرض الكثير من المنشآت للنهب.