العراقيون يواجهون أزمات قاسية رغم تدفق الإيرادات النفطية

10 ابريل 2022
ارتفاع الأسعار طاول غالبية السلع (إسماعيل عدنان/ فرانس برس)
+ الخط -

 كان العراقيون يتطلعون إلى ارتفاع أسعار النفط على اعتباره قارب النجاة لانتشالهم من الأزمات المعيشية التي تراكمت خلال فترة انتشار فيروس كورونا، إلا أن آمالهم خابت. على الرغم من تخطي سعر البرميل المائة دولار، تقسو المشكلات المعيشية على الناس، وسط تضاؤل القدرة الشرائية في مقابل الارتفاع الكبير في الأسعار.

وتواجه الأسواق خلال شهر رمضان، الذي يعتبر مقياساً سنوياً لحركة الاستهلاك، هبوطاً في إقبال المواطنين على التبضع، حيث تكدست المواد الغذائية الأساسية في المحال التجارية. وفي فبراير/شباط الماضي، سجل العراق أعلى معدل صادرات وإيرادات نفطية منذ ثماني سنوات، بلغت قيمتها 8.5 مليارات دولار، كما أعلنت وزارة النفط حينها.

وفي مارس/ آذار الماضي ارتفعت الإيرادات النفطية إلى 11.07 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ العام 1972.

في المقابل، أوضحت البيانات الرسمية لجهاز الإحصاء المركزي العراقي استمرار معدلات التضخم بالارتفاع خلال فبراير مع تسجيل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك ارتفاعاً بنسبة 5.1 في المائة، مع تزايد أسعار غالبية السلع الغذائية خصوصاً اللحوم بنسبة 10.6 في المائة، والخضار 14.1 في المائة والأسماك بنسبة 29 في المائة، فيما شهدت الأسواق منذ مارس وحتى اليوم ارتفاعات قياسية في الأسعار طاولت غالبية السلع والخدمات.

وأوضح المنسق العام لشبكة الاقتصاديين العراقيين، الدكتور بارق شُبَّر، في حديثه مع "العربي الجديد" أنّ هناك عوامل خارجية وداخلية أدت إلى حدوث التضخم في العراق. الخارجية تتعلق بتأثيرات جائحة كورونا، والحرب بين أوكرانيا وروسيا، وتعثر سلسلة الإمدادات وارتفاع أسعار النفط والذي يرفع كلف الإنتاج.

وتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الطاقة بسبب العقوبات الغربية على روسيا، مما سيؤدي الى انكماش في الاقتصاد الدولي.

وعن العوامل الداخلية لفت شُبَّر إلى محدودية الإنتاج الزراعي والصناعي وتدني مستوى الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية الاستراتيجية، وضعف التنمية الاقتصادية وخصوصاً الريفية، بالإضافة إلى إهمال القطاعات الإنتاجية وفشل الطبقة السياسية في إدارة الاقتصاد الكلي، كلها أسباب أدت إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية.

وانتقد دور الحكومة العراقية في مواجهة احتكار التجار الكبار وسيطرتهم على استيراد المواد الغذائية، وضعف دورها الرقابي في محاسبة هؤلاء الذين يتمتعون بالاستفادة من خلال ما يسمى بـ "الأرباح القدرية"، وهي الأرباح التي يتم جنيها من دون جهد مبذول أو إنتاج فعلي ملموس.

وقال المنسق العام لشبكة الاقتصاديين العراقيين، إنّ الحكومة العراقية الحالية تواجه الأزمة بشكل بإجراءات طارئة تشبه "عملية إطفاء الحرائق"، وذلك من خلال تفعيل نظام الحصة التموينية ودعم مفرداتها، وزيادة التخصيصات المالية عن طريق الريع النفطي، أو الاقتراض كما هو مخطط في مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، إلا أن هذه الحلول وقتية وليست مستدامة.

وطالب الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة ووضع استراتيجيات تنموية مستدامة وتنفيذ برامج وسياسات تهدف لتنويع القاعدة المادية للاقتصاد العراقي وحمايته من الصدمات الخارجية. من جهتها أوضحت الخبيرة في الشأن الاقتصادي العراقي، سلامة سميسم، أنّ المواطن العراقي تعرض إلى ضغط تضخمي منذ إقرار تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار بمعدل 23 في المائة، مما يعني أنّ المواطن العراقي خسر تقريباً ربع نسبة دخله العام.

وأشارت سميسم خلال حديثها مع "العربي الجديد" إلى أنّ الارتفاعات التضخمية أثرت بشكل مباشر على المواطن من خلال تعرضه لقوتين، الأولى هي ارتفاع الأسعار في السوق والثانية هي انخفاض القيمة الحقيقية لدخله.

ولفتت إلى أنّ العراق أمام أزمة كبيرة تترافق فيها الضغوط التضخمية من جهة مع شح الغذاء من جهة أخرى، مما ينذر بعواقب سيئة جداً على المستوى الإنساني. بدوره، لفت رئيس غرفة تجارة بغداد، فراس الحمداني، إلى انخفاض معدلات القوة الشرائية في العراق بشكل كبير خلال الربع الأول من العام 2022، بسبب انعكاسات الأزمة الأوكرانية الروسية على العالم، مشيراً إلى تأثر العراق بقوة بهذه الأزمة لأنّه بلد مستهلك وغير منتج، فضلاً عن تأثيرات تخفيض قيمة الدينار العراقي على المواطنين.

وأضاف الحمداني لـ"العربي الجديد" أنّ السوق العراقية تشهد غلاءً استثنائياً إذ تجاوزت ارتفاعات الأسعار 40 في المائة، بالإضافة إلى أنّ البنك المركزي العراقي لم يدعم التاجر العراقي أو القطاع الخاص بأسعار العملة الصعبة، مما فاقم من مشكلة التضخم في السوق.

وأردف قائلاً إنّ جميع المواد المتعلقة بالأمن الغذائي والبنى التحتية ارتفعت أسعارها بشكل كبير جداً، وبعض هذه المواد ارتفعت أسعارها بنسبة 50 في المائة خصوصاً بعد إجراءات الحكومة العراقية بتغيير سعر الصرف وخفض قيمة الدينار.

المساهمون