استمع إلى الملخص
- تتضمن موازنة 2025 زيادة في الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتأمين الاجتماعي والرسوم الصحية، مع توجيه معظم الزيادة نحو نفقات الدفاع، مما سيقلص الخدمات الاجتماعية.
- ستؤدي التغييرات الضريبية إلى تعديل في مزيج الإيرادات الحكومية، مع تأثير على أصحاب الدخل المرتفع والمنخفض، مما قد يؤثر على ترتيب إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ستجبر اقتطاعات موازنة 2025 الإسرائيليين على دفع المزيد من الضرائب ومخصصات الضمان الاجتماعي، وسيزيد نطاق الزيادة المتوقعة في العام المقبل في العبء الضريبي في إسرائيل، ويدفع به لتخطي متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، وفقاً لما أوردته صحيفة "ذا ماركير" العبرية اليوم الثلاثاء. وطبقاً للصحيفة، فإن العبء الضريبي في إسرائيل، والذي يُقاس بإجمالي الضرائب التي تجمعها الحكومة بصفتها نسبة من الناتج المحلي الإجمالي، يعد "منخفضاً نسبياً" لدى مقارنته بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وفي هذا السياق، اعتادت دائرة الموازنة في وزارة المالية في حكومة الاحتلال، في المناقشات في الكنيست أو في مناسبات أخرى، استعراض الكيفية التي تقلّص فيها العبء الضريبي، الذي وصل إلى أكثر من 26.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2000، وظل ينخفض حتى وصل إلى مستوى 21.9% عام 2023.
وعادة ما يقدم استعراض الميزانية لمحة عن السياسة التي اتبعت طوال العقدين الماضيين، وقامت على تخفيض الضرائب، بُغية تشجيع النمو، والذي كان معدله في إسرائيل أعلى بالفعل من المتوسط في الدول المتقدمة في تلك السنوات. غير أن هذا الوضع لن يبقى على حاله خلال الفترة القادمة. وفي عام 2025، وعلى إثر الاقتطاعات، تُقدر وزارة الماليّة أن العبء الضريبي سيرتفع إلى 22.5%، ولكن هذه النسبة هي "جزئية فحسب"، وفقاً للصحيفة، والسبب هو أن وزارة المالية تأخذ في الاعتبار بعض الاقتطاعات وليس كُلها، لأنها تفحص العبء الضريبي للحكومة الضيقة فقط، أي الإيرادات المباشرة في موازنة الدولة من الضرائب.
العبء الضريبي في إسرائيل أقل من نظيره في الدول الاسكندنافية
ولدى دراسة العبء الضريبي للحكومة الموسعة، أي إذا أدرجت في الحساب أيضاً ضريبة الأرنونا (المسقوفات) التي تُدفع للسلطات المحلية، والمدفوعات الاجتماعية لصندوق التأمين الوطني، فإن العبء الضريبي يصبح أعلى، ويلامس 37.2%. وهذه النسبة تم تسجيلها في عام 2021، وفقاً لأحدث البيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويبقى هذا المعدل منخفضا أيضاً في إسرائيل، مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ إذ بلغ متوسط العبء الضريبي وفقاً لبيانات المنظمة 38.8% في عام 2021. أما الدول الاسكندنافية، التي تجاوز العبء الضريبي فيها نسبة 50%، فهي التي تسحب المتوسط نحو الأعلى.
ومع ذلك، فإن العبء الضريبي الفعلي في إسرائيل يبقى أعلى من المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ والسبب عائد إلى كون العبء الضريبي في المنظمة يشمل في معظم الدول مخصصات معاشات التقاعد للموظفين، لأنها تُحَوّل إلى هيئة عامة (حكومية) وتمثّل نوعاً من الضريبة. وعلى الجانب الآخر، يقوم قانون التقاعد في إسرائيل بتحويل أموال التقاعد إلى كيانات خاصة، وبالتالي لا تعتبر أموال التقاعد ضريبة.
ووفقاً لوزارة المالية، فإنه إذا كان العبء الضريبي يشمل مخصصات معاشات التقاعد فسيرتفع بنسبة 2.8 نقطة مئوية ويصل إلى 40%، وبالتالي يتجاوز المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ماذا سيحدث في إسرائيل بعد اقتطاعات عام 2025؟
تجيب الصحيفة بأنه "حتى من دون إدراج معاشات التقاعد، من المحتمل أن يزيد العبء الضريبي بشكل كبير ويكون أعلى من المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، وذلك على افتراض أن العبء الضريبي في تلك البلدان سيظل بمعدل مماثل لأرقام عام 2021.
وتشمل الإجراءات الواردة في موازنة 2025 أيضاً تخفيضات وتقليص النفقات، ولكن بشكل رئيسي زيادة إيرادات الدولة من خلال تحصيل المزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتأمين الاجتماعي والرسوم الصحية. وسيصل إجمالي صافي الإجراءات الضريبية إلى حوالي 31 مليار شيكل في عام 2025. وبما أن الناتج المحلي الإجمالي المتوقع في عام 2025 هو 2.1 تريليون شيكل، فإن هذا يعني أن الإجراءات الضريبية الجديدة ستزيد العبء الضريبي بمقدار نقطة ونصف مئوية إضافية.
وإلى جانب المعاشات التقاعدية، فإن هذا يعني أن العبء الضريبي في إسرائيل سيبتعد بالفعل عن متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ويصل إلى أكثر من 41%. وبهذه الطريقة، ستكون إسرائيل مشابهة لدولة مثل أيسلندا، حيث الخدمات الاجتماعية أوسع. وللمفارقة، فقد صُنّفت آيسلندا سابقاً كأفضل دولة للتقاعد بسبب المساعدات الحكومية المقدمة، ولكن إسرائيل ليست كذلك.
وبحسب الصحيفة، فإن الافتراض بأن العبء الضريبي سيزداد إلى هذا الحد واقعي. واعتباراً من عام 2021، دخلت الإعفاءات الضريبية حيز التنفيذ في إسرائيل من خلال زيادة نقاط الائتمان للآباء. وأدت هذه الإجراءات إلى خفض عائدات الضرائب بعدة مليارات من الشواكل، وبالتالي خفضت العبء الضريبي بشكل طفيف. ومن الصحيح، وفق الصحيفة، أن العبء الضريبي مهم لتحقيق النمو، ولكن الأهم من ذلك هو ما تفعله الدولة بالعائدات الضريبية التي تأتي إليها: هل تديرها بفعالية، وتعمل على زيادة الخدمات الاجتماعية، وتمكين المحرومين والفئات الضعيفة، وجَسْر الفجوات القائمة بين السكان، أم لا؟
الإجابة على ما سبق، هو أنه بسبب حرب الإبادة التي تواصل إسرائيل شنّها على القطاع، وعملياتها العسكرية العدوانية المستمرة ضد لبنان، وسورية، واليمن، فإن معظم الزيادة في العبء الضريبي ستصب في نفقات الدفاع، في حين أن الخدمات الاجتماعية ستشهد تقليصاً أكثر فأكثر.
وفي السياق، تلفت الصحيفة إلى أنه ليس المعدل الإجمالي للعبء الضريبي هو المهم فحسب، بل أيضاً تكوين دخل الدولة من مدفوعات المواطنين؛ حيث تصنف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إيرادات الحكومة العامة وفقاً لعدة معايير: الفئة الكبرى هي بطبيعة الحال الضرائب، بما في ذلك ضريبة الدخل، وضريبة الشركات، وضريبة أرباح رأس المال، وما إلى ذلك، تليها صافي المدفوعات الاجتماعية، أي مدفوعات الضمان الاجتماعي أو صافي أقساط التأمين الصحي، مطروحاً منها دخل المواطنين من تلك المدفوعات. وفي المرتبة الثالثة تأتي الضريبة على الاستهلاك، والتي يتم فرضها في إسرائيل كضريبة قيمة مضافة على كل معاملة؛ ثم الفئة الرابعة، وهي الإيرادات الأخرى، كالرسوم على سبيل المثال.
وعلى الرغم من أن إسرائيل ستحتل على الأرجح مرتبة أعلى من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في إجمالي العبء الضريبي، فإن الضرائب الجديدة المفروضة في عام 2025 قد تؤدي إلى تغيير في المزيج الداخلي للإيرادات الحكومية. وهكذا، تحتل إسرائيل اليوم المرتبة السابعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في معدل مدفوعات الضرائب مقارنة بإجمالي إيرادات الحكومة العامة. والواقع أن 73.6% من كل إيرادات الحكومة العامة تأتي من التدابير الضريبية، مقارنة بمتوسط يبلغ نحو 60% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
الانتقال إلى خطوات تراجعية
يسمح المعدل المرتفع للضرائب مقارنة بالإيرادات الحكومية لإسرائيل بإدارة نظام ضريبي تراجعي نسبياً، وهو نظام يفرض رسوماً أكبر على أصحاب الدخل المرتفع وأقل على أصحاب الدخل المنخفض. ففي منظومة الضرائب المباشرة الكبرى على الإطلاق، وهي ضريبة الدخل، ثمة آلية ترتفع بموجبها الضريبة الهامشية كلما ارتفع دخل الفرد. وفي التغييرات التي ستُجرى في عام 2025، سيكون مزيج الإيرادات الحكومية مختلفاً قليلاً؛ إذ إن 45% من جميع إجراءات التعديل الجديدة فقط تعتبر إجراءات ضريبية، بينما بقية الإجراءات تعتمد على الاستهلاك، مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة، وكذلك على المدفوعات الاجتماعية، مثل رفع رسوم الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
ما سبق يعني أنه إذا كانت إسرائيل حتى الآن في المرتبة السابعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالنسبة لمعدل الدخل من الضرائب، فإن الزيادة في العبء الضريبي لعام 2025 ستؤدي إلى خفض الحصة النسبيّة للضرائب لصالح ضريبة الاستهلاك والمدفوعات الاجتماعية. وعلى الرغم من أن هذه التدابير تُحسب تراجعية، فهي تطبق على أصحاب الدخل المرتفع والمنخفض على حدٍ سواء.