العالم يراقب اجتماع الاحتياط الفيدرالي الأميركي

13 ديسمبر 2021
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول يدخل منعطف الفائدة (Getty)
+ الخط -

في الأمتار الأخيرة من العام، وبعد أسبوع ممتلئ بالأحداث، تتطلع أسواق العالم، في شرقه وغربه، باقتصاداته المتقدمة والناشئة والنامية، إلى اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) المقرر عقدها غداً الثلاثاء وبعد غد الأربعاء، وإلى كلمات رئيس البنك بعدها، أملاً في معرفة توجهات البنك المركزي الأكبر في العالم في ما يتعلق بسرعة تقليص مشترياته من سوق السندات الثانوية، ومن ثم بدء معدلات الفائدة في الارتفاع.

وزاد من أهمية اجتماعات البنك هذا الأسبوع ظهور بيانات التضخم الأميركي في آخر أيام الأسبوع المنتهي، التي أظهرت تعرض البلاد لمعدل تضخم سنوي فاق توقعات الاقتصاديين، حيث سجل 6.8% في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنتهي، ليكون هو الأعلى منذ ما يقرب من أربعين عاماً، رغم محاولات الإدارة الأميركية المستمرة للتعامل مع اختناقات سلاسل الإمداد، وجهود بنك الاحتياط الفيدرالي الضخمة للحد من السيولة الفائضة في الأسواق، على مدار الأسابيع الأخيرة.

ويوم الخميس الماضي، وقبل إعلان بيانات وزارة العمل بيوم، لم يتوقف بريان ديس، المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي جوزيف بايدن، كثيراً أمام سؤال أحد الصحافيين عن المدى الزمني الذي يتوقع أن يستمر فيه معدل التضخم المرتفع، بعد أن قرر جيرومي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، استبعاد كلمة "مؤقت" من وصفه، ليبدأ دايس فاصلاً من الإشادة بما تحقق من تعافٍ اقتصادي بعد عام الجائحة. وخلال إجابته عن أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي، لم يعلق ديس، الذي كان على علم بالبيانات الأخيرة على الأرجح، على معدل التضخم المرتفع لأعلى مستوياته في عقود، واكتفى بالإشارة إلى قوة سوق العمل وارتفاع الأجور، واستند إلى آراء بعض الاقتصاديين التي اعتبرت ارتفاع معدل التضخم علامة على استمرار قوة الاقتصاد الأميركي.

وفي لقاء مع قناة فوكس بيزنس، أشارت إرين جيبس، المديرة التنفيذية لشركة إدارة الأصول مين ستريت، إلى معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة ثلاثين عاماً، الذي لامس مستوى 1.90% في بداية تعاملات يوم الخميس، قبل أن ينخفض إلى مستوى 1.87% مع نهايته ويستقر بالقرب منها خلال تعاملات يوم الجمعة.

وقالت جيبس إن "استقرار عائد سندات الثلاثين عاماً تحت 2% رغم ارتفاع معدل التضخم يعطي انطباعاً بأن التضخم الحالي سيكون بشكلٍ ما مؤقتاً". وخالف معدل التضخم الأميركي أغلب التوقعات خلال الشهور الأخيرة، إذ توقع اقتصاديون انخفاضه قبل نهاية العام إلى مستوى 2.5%، ليفاجئهم بالارتفاع بأكثر من أربعمائة نقطة أساس فوق توقعاتهم.

واختلف المحللون في الأسباب التي تقف وراء استمرار معدل التضخم المرتفع، ما بين تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومة والبنك الفيدراليان لإنعاش الاقتصاد ومساعدة الأميركيين، وتعطل سلاسل الإمداد مع معاودة الفيروس وتحوراته الانتشار في الأراضي الأميركية، كما أغلب بلدان العالم. ويرى جريج إيب، الكاتب والمحلل الاقتصادي، أن "الحقيقة هي أن السبب هو مزيج نادر الحدوث من زيادة الطلب وتراجع العرض، على نحو لم تشهده الولايات المتحدة منذ سنوات الحرب العالمية الثانية".

وبعد إعلان بيانات التضخم مباشرة، اعتبر الاقتصادي الشهير، بول كروجر، أن البيانات الأخيرة تحمل رسالة واضحة بأن احتمالات تحقق السيناريوهات المتطرفة في أي اتجاه تراجعت بوضوح، "فلا يوجد فيها ما يشير إلى ارتفاعات متسارعة في معدل التضخم، ولا يوجد فيها أيضاً ما يطمئن من يحلمون بعودة التضخم إلى مستوياته المعتادة".

وفي مقال حديث في جريدة نيويورك تايمز، قال الاقتصادي الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008 بول كروجر: "يبدو أن أسواق المال نجحت أخيراً في تقليل المخاطر المرتبطة بتوقعات ارتفاع معدل التضخم"، قبل أن يشير إلى توقعه انخفاض معدل التضخم خلال الشهور المقبلة، بعد تراجع تأثير ارتفاع أسعار النفط بأسعار السلع والخدمات.

وبالفعل، لم يسبب معدل التضخم الأعلى في أربعة عقود، الذي أُعلِن قبل بداية التعاملات يوم الجمعة، مشاكل لأسواق الأسهم في آخر أيام الأسبوع، حيث أكمل مؤشر "إس آند بي 500 "أفضل أسابيعه منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، مرتفعاً بنسبة 3.8%، وسجل إغلاقاً قياسياً جديداً، رغم ظهور معلومات تشير إلى انتشار متحور أوميكرون في أكثر من 25 ولاية أميركية.

المساهمون