- رفع أسعار الطاقة يزيد من معاناة القطاع الصناعي، مع تفضيل الحكومة للشركاء الأجانب مثل الجانب الإيراني، مما يدفع بعض المنشآت للنظر في نقل العمل إلى دول مجاورة.
- الصناعيون يطالبون بحلول للأزمة تشمل تفعيل الغاز الطبيعي وإلغاء نسبة الرسوم الضريبية، مع التأكيد على أهمية الصناعة كعمود فقري للاقتصاد وضرورة إعادة توزيع الدعم بطريقة عادلة.
يكشف الصناعي السوري، محمد طيب العلو أن حكومة بشار الأسد لم تستجب لمطالب الصناعيين بتخفيض سعر الطاقة، الأمر الذي سيجهز برأيه، على ما تبقى من شركات ومنشآت صناعية، لأن التكاليف تضاعفت بعد رفع سعر الكهرباء والفيول، ولا يمكن لأحد أن يعمل بخسائر.
ويضيف العلو لـ"العربي الجديد" أن ممثلين عن الصناعيين السوريين اجتمعوا في فندق "شيراتون دمشق" وصاغوا المطالب أول من أمس وأرسلوها إلى حكومة بشار الأسد، وذلك بعد خروج 25 معملاً بمدينة حلب عن الإنتاج وتسريح 165 عاملاً من منشأة واحدة، بعد رفع سعر الكهرباء، وننتظر قراراً حكومياً "ولم تأت الإجابة بعد".
ويرى الصناعي السوري أن زيادة سعر الكهرباء الصناعية أخيراً، ضاعف الفاتورة وزاد تكاليف الإنتاج بنحو 20% وتصل إلى نحو 40% على بعض الصناعات الغذائية والدوائية، الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق المعامل لأن القدرة الشرائية في الداخل السوري لا تسمح برفع الأسعار، وفي الخارج خسر المنتج السوري المنافسة بسبب السعر وزيادة تكاليف الإنتاج التي أثرت على الجودة أيضاً.
رفع أسعار حوامل الطاقة
وكان نائب رئيس غرفة صناعة حلب، عبد اللطيف حميدة قد حذر بعد رفع أسعار حوامل الطاقة بقوله: صناعتنا الوطنية بين مطرقة الحكومة وسندان أسعار المشتقات النفطية، ويحق لنا بوصفنا قطاعاً اقتصادياً وطنياً أن نسأل الفريق الحكومي بكل شفافية عن العقلية التي يدار بها اقتصادنا وصناعتنا الوطنية، خصوصاً مع تراكم المشكلات التي باتت من دون حل، وتحولت من مشكلات طارئة إلى عقبات مستعصية، مشيراً خلال تصريحات إلى أثر أسعار الطاقة المباشرة على كلفة المنتج الوطني وقدرته التنافسية داخلياً وخارجياً، مكرراً: " نحن لسنا بخير".
ويقول الاقتصادي عبد الناصر الجاسم إن رفع أسعار الطاقة، خاصة الكهرباء والفيول، سيزيد من معاناة القطاع الصناعي في سورية، غير مستبعد إغلاق المنشآت ونقل العمل إلى الدول المجاورة التي تقدم إغراءات للاستثمارات والصناعيين "باتت بيئة العمل في سورية طاردة حتى للرساميل المحلية والمشاريع المقامة منذ عقود".
ويضيف الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن تتالي مطالبات القطاع الصناعي الخاص، قد ينتج عنه تخفيض قليل لقيمة الكهرباء التي ارتفعت الشهر الماضي، لكن ذلك التخفيض "تسكينيّ" لأن مشكلات الاقتصاد السوري وارتفاع تكاليف الإنتاج بواقع الفقر ومحدودية القدرة الشرائية، ستدفع معظم المنشآت إلى الإغلاق أو تخفيض كمية الإنتاج وحجم العمالة.
ويستغرب الاقتصادي الجاسم من ادعاءات حكومة الأسد تقديم تسهيلات للجانب الإيراني، في حين تمارس كل الضغوط و"التطفيش" على الصناعيين السوريين، مشيراً إلى اجتماع أمس ضم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل، ووزير الصناعة عبد القادر جوخدار، ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي فادي الخليل، مع وفد إيراني لبحث إقامة مشاريع ومنشآت لصناعة الإطارات والجرارات والبطاريات وإنتاج حليب الأطفال. لافتاً إلى أن إيران تضغط لتحصيل ديونها وتطالب حكومة الأسد بتقديم منشآت حكومية قائمة "خصخصة أو تشارك" باعتبار ذلك طريقة لتسديد بعض الديون وتسويق التعاون والعمل المشترك.
وكانت حكومة بشار الأسد التي تعد الوفد الإيراني اليوم، بتسهيلات ومنشآت قائمة، قد رفعت الشهر الماضي سعر المازوت على القطاع الصناعي من 3000 إلى 4500 ليرة لليتر، كما رفعت أسعار المشتقات النفطية غير المدعومة لتتناسب، بحسب وزارة التجارة الداخلية مع السعر العالمي.
وبررت حكومة الأسد على لسان مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، أحمد سلامنه أن الهدف من رفع أسعار الكهرباء الصناعي هو التقليل من الخسائر التي تتكبدها المؤسسة، وليس الهدف ربحاً كما يقال، موضحاً أن تعديل الأسعار يأتي بناء على متغيرات ظرفية تتعلق بأسعار الوقود وارتفاع تكاليف الإنتاج، مدعياً خلال تصريحات أن تكلفة الكيلو الواط الساعي تزيد على 2500 ليرة سورية في حين يقدم للمستهلك بـ 1900 ليرة.
مطالب بحلول جذرية
وطالب الصناعيون السوريون حكومة الأسد بإيجاد حلول جذرية مؤكدين أن هناك تهجيراً قسرياً للصناعيين وعلى الجهات المعنية وضع خطة مستقبلية ومخطط واضح لضمان استمرار العملية الإنتاجية وضرورة إشراك وزارتي الكهرباء والصناعة في إيجاد الحلول.
وقد تقدم بعض الصناعيين بمقترح تفعيل الغاز الطبيعي لأنه يخفض التكلفة، وإلغاء نسبة 22% من الرسوم الضريبية على قيمة الفاتورة، وتقديم ميزات والسماح للمنشآت الصناعية التي ترغب في اعتماد الطاقة البديلة باستيراد ألواح الطاقة وإعفائها من الرسوم الجمركية وتخفيض مدة منصة الاستيراد، وأن يتم العمل على إطلاق مشاريع عبر شركات مساهمة للطاقة البديلة، وتخفيض نسبة الفوائد على القروض والتي نسبتها 25 في المئة، وإعادة توزيع الدعم بين الصناعة والزراعة والمواطن.
ونبه رئيس اتحاد غرف الصناعة، غزوان المصري أن الصناعة هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ولا سيما في ظل العقوبات الاقتصادية، مؤكداً أن الدعم للصناعة يشغل مئات الأسر السورية وعلى الحكومة أن تعيد توزيع الدعم بطريقة عادلة.
وأضاف المصري: إننا نطالب اليوم الحكومة بإعادة الدعم إلى القطاع الصناعي أسوة بالقطاع الزراعي لأننا نحن الصناعيين لا يمكن أن نستمر اليوم من دون دعم، الأمر الذي سوف يعكس ارتفاع أسعار الكهرباء على الأسواق والسلع وضعف القدرة الشرائية وتراجعاً في الإنتاج وتوقف التصدير.
من جهته، أكد أمين سر غرفة صناعة دمشق، أيمن مولوي أنه لا يوجد دعم للصناعي بالكهرباء ولا بالفيول ولا بالمازوت، هناك تراجع في الإنتاج بعد زيادة أسعار الكهرباء وبكل القطاعات ولا يوجد تنافسية والصناعي خسر كل أسواقه فهل المطلوب خسارة الصناعة.
وهو ما ذهب إليه خلال الاجتماع، أمين سر غرفة صناعة حلب رأفت شماع بقوله: إن ارتفاع أسعار الكهرباء أثر في كل القطاعات وأصبحنا بوصفنا صناعيين في حالة يرثى لها، متسائلاً هل اللجنة الاقتصادية والحكومة راضية عن المشهد الذي تراه عن الصناعة؟ وإلى متى سيبقى هناك تهجير للصناعي الذي أبدع في كل الدول؟ مضيفاً: إننا في حاجة إلى استراتيجية اقتصادية واضحة للنهوض بحال الصناعة السورية وانتشال ما تبقى منها.