الضغط الجبائي يرهب التونسيين... وينعش الاقتصاد الموازي

30 نوفمبر 2022
زيادة الضرائب تفاقم معيشة المواطنين (مراد مجيد/ فرانس برس)
+ الخط -

يبدي التونسيون مخاوف من قرارات ضريبية جديدة يرجح أن تدرجها الحكومة ضمن قانون المالية لعام 2023، في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي الذي تنوي تنفيذه بداية من العام الجديد ما يزيد من إنهاك دافعي الضرائب.
وألمحت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري نمصية، في وقت سابق خلال حوار أجرته مع قناة التاسعة الخاصة، إلى إمكانية توسيع القاعدة الضريبية من أجل تحسين المواد الذاتية للدولة، والتقليص من القروض الخارجية. غير أن خبراء اقتصاد يطالبون بحلول لا تلزم الشرائح الملتزمة بالواجبات الجبائية بمزيد من الدفع، معتبرين أن تصعيد الضغط الجبائي على الأجراء والمهن المنظمة سيزيد من إرهاقها مقابل توسع الأنشطة الموازية (السوق السوداء) التي لا تدفع أي نوع من الضرائب.
ويقول الخبير في مجال المحاسبة أنيس الوهابي إن الحكومة مطالبة بتجنّب أي قرارات ضريبية تحمّل الملتزمين أعباء جديدة، مشيراً إلى أن الضغط الجبائي في تونس مرتفع جداً. وأكد الوهابي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الضغط الجبائي في تونس هو الأكبر أفريقياً، موضحاً أن تحقيق العدالة الجبائية يحتاج إلى توسعة قاعدة الدافعين. وأفاد الخبير بأن تونس تطبّق نحو 850 إجراءً ضريبياً ساهمت في تطوير المداخيل الجبائية لميزانية الدولة من 6 مليارات دينار عام 2010 إلى 30 مليار دينار سنة 2022 (الدولار = نحو 3.3 دنانير).

ودعا الوهابي إلى تطبيق قانون الإثراء غير المشروع وفرض عقوبات، عوض الترفيع في الإجراءات الجبائية للفئات الملتزمة بواجباتها. وأشار إلى أن الاقتصاد الموازي يتوسّع بشكل كبير مستفيداً من التهرّب الضريبي، مقابل انزلاق طبقة الأجراء وأصحاب المهن المنظمة نحو الفقر، بسبب التضخم والأعباء الجبائية المرهقة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وكشفت دراسة تحليلية للمعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية (حكومي) ارتفاع العبء الضريبي على العمل بأجر في تونس ليبلغ 34.85% في نهاية 2016 بعد أن كان 30.17 % في عام 2006. كذلك بيّنت الدراسة أن الحصة التي يتحملها الأجير ارتفعت في قيمة الضريبة الهامشية من 16.80% في 2006 إلى 25.19 % في 2017، أما الحصة التي يتكبدها صاحب العمل فقد ارتفعت من 16.85% في 2006 إلى 17.24%.

وأوصت الدراسة بمراجعة المنح المقدمة للأسر والمكملة للرواتب التي تصبح بمرور الزمن غير مواكبة للتحولات ولا تلبي تطلعات الموظفين، إلى جانب الدعوة إلى مراجعة الإنفاق الضريبي والاجتماعي الممنوح بعنوان حوافز الاستثمار.
وتحاول الحكومة إقناع الأوساط الاقتصادية بوجاهة القرارات الضريبية المرتقبة في قانون المالية الجديد، إذ التقت في هذا السياق وزيرة الماليّة سهام البوغديري نمصيّة، أمس الأول الاثنين، بأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بحضور رئيس الاتحاد سمير ماجول.
وخصّص الاجتماع لعرض ومناقشة أهمّ الإجراءات الجبائية المقترح إدراجها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2023.
وأكّدت وزير المالية أنّ الأحكام التي تضمّنها مشروع قانون الماليّة تهدف إلى تكريس العدالة الجبائية من خلال توسيع قاعدة الضريبة، وإحكام توزيع العبء الجبائي بين مختلف المتدخلين الاقتصاديين، مشيرة إلى أن مشروع القانون يتضمّن جملة من الإجراءات التي تندرج في إطار برنامج إصلاح المنظومة الجبائية، والتصدّي للتهرّب الجبائي، وإدماج الاقتصاد الموازي.

أكّدت وزير المالية أنّ الأحكام التي تضمّنها مشروع قانون الماليّة تهدف إلى تكريس العدالة الجبائية من خلال توسيع قاعدة الضريبة


في المقابل، طالب رئيس منظمة رجال الأعمال، بأهمية العناية بدور المؤسسة الاقتصادية، ووضع الآليات الضرورية للمحافظة على ديمومتها، ودعم القدرة التنافسية لمختلف قطاعات الإنتاج في ظل مناخ عالمي صعب.
وتعاني تونس من عجز قياسي في ميزانية 2022 الذي ارتفع إلى 3.03 مليارات دولار 2022، وفقاً لتحديث للميزانية الذي نشر بالجريدة الرسمية مؤخراً.
وكانت تونس قد توقعت عجزاً في ميزانية 2022 يصل إلى 8.5 مليارات دينار (2.6 مليار دولار). وتحاول الحكومة التي تعاني أزمة مالية حادة، إيجاد حلول لإنعاش الاقتصاد، من خلال التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.
والشهر الماضي، توصلت كل من تونس وصندوق النقد إلى اتفاق على مستوى الخبراء، لإقراض تونس مبلغ 1.9 مليار دولار، مدته 4 سنوات، مع انتظار المصادقة النهائية للمجلس التنفيذي للصندوق في ديسمبر/ كانون الأول 2022.

المساهمون