وافق مجلس الشيوخ المصري، في جلسته العامة الأحد، نهائياً على مشروع قانون العمل الجديد، وإحالته إلى مجلس النواب لإصداره، عملاً بأحكام اللائحة الداخلية.
وأعدت الحكومة المشروع للانتقاص من حقوق العمال في ما يتعلق بالأجور والحماية الاجتماعية، منها وضع شروط مجحفة للربط بين الأجر والإنتاج، ومنح صاحب العمل الحق في فصل العامل تعسفياً، وحظر الإضراب أو الدعوة إليه بالمخالفة لأحكام الدستور.
ورفض المجلس مطالبات بعض النواب تغليظ عقوبة ممارسة جريمة السخرة أو التمييز ضد العمال، قاصراً العقوبة على غرامة مالية لا تقل عن 2000 جنيه (نحو 127.3 دولارا)، ولا تزيد على 20000 ألف جنيه، وتعددها بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة، ومضاعفتها في حالة العود (التكرار).
كما رفض اقتراحاً مقدماً من النائب محمد فريد بالنص على "آلية حماية" لانتهاكات العنف في سوق العمل، وذلك بإنشاء الوزارة المختصة وحدة لمناهضة العنف والتمييز في بيئة العمل لوضع سياسات مكافحة العنف، وتقديم الدعم النفسي للأشخاص الواقع عليهم الضرر.
وقال فريد: "وزارة القوى العاملة لديها وحدة مشابهة للعاملين في الجهاز الحكومي، وما اقترحه هو إنشاء وحدة مماثلة للعاملين في القطاع الخاص".
واعترض وزير القوى العاملة، محمد سعفان، على الاقتراح، بقوله: "لدينا وحدة مركزية في ديوان الوزارة منذ عام 2019، ولها أفرع في المحافظات، وسنعمل على استكمال النواحي المتعلقة بها لمعالجة اقتراح النائب".
كما رفض المجلس اقتراحاً آخر لفريد باستحداث مادة تقضي بتوافر اشتراطات السلامة، والصحة المهنية، وبيئة العمل، للأشخاص ذوي الإعاقة والنساء (خاصة الحوامل منهن) والأطفال.
ونص القانون على تشغيل الأطفال من 15 عاماً، وجواز تدريبهم من سن الـ14، بالمخالفة لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لعام 1999 بشأن عمل الأطفال، والتي صدقت عليها 187 دولة بما فيها مصر.
كما أجاز زيادة فترة وجود العامل في المنشأة إلى 12 ساعة في اليوم، وحصوله على راحة أسبوعية مدفوعة الأجر لمدة 24 ساعة بعد 6 أيام متصلة من العمل.
ويجوز في الأماكن البعيدة عن العمران، وفي الأعمال التي تتطلب طبيعة العمل أو ظروف التشغيل فيها استمرار العمل، تجميع الراحات الأسبوعية المستحقة للعامل عن مدة لا تتجاوز ثمانية أسابيع.
غير أن القانون أجاز لصاحب العمل عدم التقيد بتلك الأحكام إذا اقتضى التشغيل ذلك، بقصد مواجهة ظروف استثنائية، شرط إبلاغ الجهة الإدارية المختصة بالمدة اللازمة لإتمام تلك الأعمال، إلى جانب الإخبار بمبررات التشغيل الإضافي.
فيما منح الحق لصاحب العمل في توقيع الجزاءات على العامل حال ارتكابه بعض المخالفات، ومنها فصل العامل إذا ثبت انتحاله شخصية غير صحيحة، أو قدم مستندات مزورة للتعيين، أو إذا ثبت أنه أفشى أسرار المنشأة التي يعمل فيها، وأدى إلى إحداث أضرار جسيمة فيها، أو ثبت أنه نافس صاحب العمل في ذات نشاطه.
نص القانون على تشغيل الأطفال من 15 عاماً، وجواز تدريبهم من سن الـ14، وزيادة فترة وجود العامل في المنشأة إلى 12 ساعة في اليوم، وحصوله على راحة أسبوعية مدفوعة الأجر لمدة 24 ساعة بعد 6 أيام متصلة من العمل.
ومنح القانون الحق لصاحب العمل في فصل العامل، إذا ثبت تكرار مخالفته التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال أو المنشأة، بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومُعلنة في مكان ظاهر، والتنبيه عليه كتابة بمراعاة ذلك. أو إذا ثبت ارتكابه خطأ نشأت عنه أضرار جسيمة لصاحب العمل، على أن يُبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالواقعة أو الحادث خلال 24 ساعة.
كذلك، منح الحق لصاحب العمل في إنهاء علاقة العمل إذا ثبت اعتداء العامل عليه، أو على المدير العام، أو إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل، أو بسببه.
كما قرر الحق في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة لأي من طرفيه، بشرط أن يُخطر الطرف الآخر كتابة، وأن يستند الإنهاء إلى مبرر مشروع. وللعامل الحق في إنهاء العقد بعد مرور 6 سنوات لتمكينه من الالتحاق بعمل آخر مناسب لقدراته وخبراته، شرط أن يخطر صاحب العمل قبل إنهاء العلاقة بثلاثة أشهر على الأقل.
وتشير إحصاءات رسمية إلى أن عدد العاملين في القطاع الخاص يتجاوز 25 مليوناً في مصر، في حين أتاح القانون الجديد الحق لصاحب العمل في إغلاق منشأته لضرورات اقتصادية، مع العلم أن الكثير من المنشآت المصرية لا توقع عقوداً من الأصل مع العمال.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن السلطات المصرية أخضعت عشرات العمال والنقابيين إلى محاكمات جائرة، بعضها في محاكم عسكرية، فضلاً عن الاعتقال التعسفي والفصل من العمل وإجراءات تأديبية أخرى، منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم عام 2014، وذلك لمجرد ممارسة حقهم المشروع في الإضراب، وتكوين نقابات عمالية مستقلة.
وحظر القانون الجديد الإضراب، أو الدعوة إليه، أو إعلانه، في المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتحديد هذه المنشآت. وكذا حظر الدعوة للإضراب، أو إعلانه، في الظروف الاستثنائية.
ومثلت الاحتجاجات الفئوية والعمالية حجر الزاوية في اندلاع ثورة المصريين عام 2011، في حين تعكس الاحتجاجات الفئوية والعمالية في الفترة الأخيرة حالة الغضب المتصاعد لدى المصريين ضد السيسي، بسبب تردي منظومة الأجور في الحكومة والقطاع الخاص معاً، وعدم تناسبها مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار.
وفي المقابل، يركز الرئيس المصري على بناء المدن والمنتجعات الجديدة الخاصة بالأغنياء، وتوجيه الجانب الأكبر من مخصصات الموازنة العامة للدولة لبناء الطرق والجسور الرابطة في ما بينها.
(الدولار=15.7 جنيها تقريبا)