الشباب أكبر ضحايا "كورونا" في أسواق العمل العالمية

21 أكتوبر 2021
شباب كثيرون فقدوا وظائفهم في قطاعات السياحة (Getty)
+ الخط -

وجد بحث جديد لجامعة كامبريدج البريطانية، اطلع عليه "العربي الجديد"، أن الدول في جميع أنحاء العالم مذنبة بما عرّفته بـ"القصور الذاتي في السياسة"، عندما يتعلق الأمر بدعم الشباب الذين فقدوا وظائفهم أو يكافحون لدخول سوق العمل نتيجة لوباء كورونا.

ويجادل الخبراء بأن العديد من البلدان أعادت ببساطة تجميع السياسات القائمة التي غالبًا ما تكون فاشلة ولا يستفيد منها الشباب الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا، وهي الفئة السكانية العالمية الأكثر تضررًا من العواقب الاقتصادية لكوفيد 19.

ويقول الباحثون إن الاستجابات للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية لفيروس كوفيد 19 غالبًا ما تصل إلى "دائرة الذعر والإهمال"، وإنّ الحكومات في جميع أنحاء العالم التي وعدت بمجموعة من السياسات المحسّنة، ما لبثت أن تخلّت عنها بسبب الديون الهائلة التي ترزح تحتها.

وفي السياق، يؤكد الدكتور آدم كوتس، المؤلف المشارك في التقرير، من قسم علم الاجتماع في جامعة كامبريدج، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إن الشباب يواجهون تحديات متميزة تضر بهم مقارنة بالبالغين الأكبر سنًا عندما يتعلق الأمر بالعثور على عمل بعد الجائحة.

ويضيف أن "هذه التحدّيات تشمل خبرة عمل أقل، ورأس مال نقديا أقل، وشبكات اجتماعية أضعف، ومستويات أعلى من الفقر أثناء العمل". كما أنه "من الأرجح أن يضطروا إلى تغطية نفقاتهم من خلال العمل النقدي غير الرسمي".

ويتابع الدكتور كوتس:"غالبًا ما يكون خريجو المدارس الجدد غير مؤهلين للحصول على إعانات البطالة أو مخططات الإجازة. وقد ترك هذا العديد من الشباب يسقطون في شقوق التدخلات السياسية".

بدورها، تقول الدكتورة آنا بارفورد، مؤلفة مشاركة في جامعة كامبريدج، لـ"العربي الجديد"، إنّ العديد من الشباب أُرغموا على البقاء في المنازل، وإنّ مشاعر القلق والتوتر والاكتئاب تصاعدت بسرعة كبيرة بين الشباب في جميع أنحاء العالم.

وتعلّق: "بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى وصلات الإنترنت أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة، فإن إنهاء الدراسة أو البحث عن عمل يكاد يكون مستحيلاً في بعض الأحيان"، لافتة إلى أنّ تفشي المرض بشكل متكرّر في مناطق من أوروبا إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية سيؤدي إلى استنفاد مدخرات الأسر وتقليص فرص عمل الشباب.

وفي التقرير الصادر بتكليف من منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، دعا فريق كامبريدج الدول إلى تجاوز سياسات التوظيف التي تبرز مع كل ظهور للفيروسات، واستبدالها بتدّخلات طويلة المدى تستهدف الشباب بشكل مباشر.

ويشير التقرير إلى أنه منذ بداية الوباء، فقد أكثر من واحد من كل ستة شبان على مستوى العالم وظائفهم باعتبارهم زائدين عن الحاجة، مما كان له آثار وخيمة على صحتهم العقلية ورفاههم. وتم توظيف العديد من الشباب في المناطق الأكثر تضررا من الوباء. 

وتبين التقديرات أن أكثر من 40٪ من جميع الشباب الذين لديهم وظائف ما قبل الوباء، وحوالي 178 مليون عامل شاب، يعملون في القطاعات الأكثر تضررًا، مثل البيع بالتجزئة والخدمات والسياحة. وفي الواقع، شهد قطاع السياحة وحده خسائر مالية أكبر بإحدى عشرة مرة من الانهيار المالي الذي حدث في عام 2008.

وانخفضت عمالة الشباب العالمية بأكثر من ضعف معدل كبار السن في عام 2020 (8.7٪ مقارنة بـ3.7٪)، مع تركز فقدان العمل بشكل خاص بين الشابات في البلدان متوسطة الدخل. كما انخفضت معدلات توظيف الإناث في العالم بنسبة 5٪ خلال العام الماضي، مقارنة بـ3.9٪ للرجال.

وعلى الرغم من اعتماد 132 دولة 580 إجراء ماليا واقتصاديا لدعم الأعمال خلال أزمة كوفيد، هدف 12٪ منها فقط إلى تحسين الأمن الاقتصادي للمرأة، من خلال ضمان حصول القطاعات التي تهيمن عليها النساء على الدعم المالي.

وهناك تقارير تشير إلى تحول المزيد من الشابات إلى العمل بالجنس نتيجة لذلك، في بعض البلدان منخفضة الدخل، وهو ما يساهم في زيادة حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وكذلك حالات الحمل غير المرغوب فيه.

وكان التأثير على سبل عيش الشباب متفاوتا بشكل كبير حتى بين الدول ذات الدخل المرتفع. وعلى سبيل المثال بين فبراير/ شباط وأبريل/ نيسان 2020، ومع انتشار الفيروس، انخفضت نسبة المشاركة في العمل بين الشباب الكندي بنسبة 11.7 نقطة مئوية، وفي الولايات المتحدة بنسبة 7.5 نقاط، بينما سجّلت انخفاض 1.9 نقطة فقط في كوريا الجنوبية. أمّا أولئك الذين حالفهم الحظ على البقاء في أعمالهم فانخفضت رواتبهم بشكل كبير.

وبحلول شهر مايو/ أيار من العام الماضي، تدنّى معدّل ساعات العمل إلى الربع في المتوسط لدى الشباب حول العالم. 

ويسلط التقرير الضوء على حقيقة أن الشباب يهاجرون بحثًا عن عمل.

وأدى الوباء إلى القضاء على أنماط الهجرة الراسخة، من الشباب الغواتيمالي المتجه شمالًا إلى المكسيك، إلى شباب الزيمبابوي الذين ينتقلون إلى جنوب أفريقيا. وكان المهاجرون الشباب أكثر عرضة لفقدان العمل مع انخفاض متوسط الدخل.

ومع ذلك، يقول الباحثون إن عددًا قليلاً فقط من الدول نشرت استجابات سياسية مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المحددة للشباب المتأثرين بالتداعيات الاقتصادية لكوفيد 19، بما في ذلك التحويلات النقدية التي أرسلتها كوريا الجنوبية لمرة واحدة للباحثين عن عمل من الشباب، ودعم حكومة ماليزيا التدريب المهني، بينما عزز الاتحاد الأوروبي مخطط "ضمان الشباب"، حيث تهدف الدول الأعضاء إلى تزويد كل شخص دون سن الثلاثين بالتعليم أو التدريب أو وظيفة في غضون أربعة أشهر بعد أن يصبح عاطلاً من العمل.

ويجادل الباحثون أنه من دون سياسات التوظيف "المراعية للشباب"، سوف تتفاقم التفاوتات بين الأجيال خلال فترة التعافي من الجائحة.

المساهمون