السيناريوهات الخطرة للانتخابات الأميركية تقض مضاجع المستثمرين

04 نوفمبر 2020
أسواق المال تعود لإدخال ترامب في حساباتها
+ الخط -

عادت السيناريوهات الخطرة لنتائج الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة لتقض مضاجع المستثمرين الأربعاء، في أعقاب المفاجأة التي احدثها فوز ترامب وحزبه الجمهوري في ولايات أساسية، واتهامه للحزب الديمقراطي بتزوير الانتخابات وتعهده بالطعن في النتائج لدى المحكمة العليا.

وتمثل هذه التطورات التي تنذر بحدوث  نزاعات قضائية واضطرابات وأحداث عنف في الولايات المتحدة التي تعيش لحظات حالكة من هشاشة التماسك الاجتماعي والانقسام العرقي والطبقي هاجساً جديداً يضاف إلى هاجس عدم اليقين حول الموجة الجديدة لجائحة كورونا وتداعياتها على مستقبل الاقتصاد الأميركي. 

وتعيش أسواق المال حالة من الارتباك دفعت المستثمرين لمراجعة حساباتهم، ومثلت النتيجة التي أدخلت بقوة فوز ترامب بدورة ثانية شبه انقلاب بالنسبة لكبار المستثمرين الذين راهنوا بقوة على اكتساح الحزب الديمقراطي للانتخابات والفوز بأغلبية مريحة تمكنه من إجازة حزمة تحفيزية كبيرة في بداية العام المقبل. 

وقال محللون، إن الحيرة والاضطراب والتقلب السريع سيطرت على تعاملات المستثمرين بأسواق المال، خاصة بعد أن كسب الحزب الجمهوري ولايات فلوريدا وتكساس وأوهايو التي تحمل ثقلاً كبيراً في أصوات"الكليات الانتخابية".

ويذكر أن المستثمرين باعوا خلال الأسابيع الماضية أسهم شركات التقنية ضمن استراتيجية خفض الضرائب التي سيدفعونها على الأرباح الرأسمالية التي كان من المتوقع أن يعلن عنها بايدن في حال فوزه. ولكن نتائج الانتخابات حتى صباح اليوم لم تكن تبشر بفوزه وربما يحدث ترامب مفاجأة ثانية في هذه الانتخابات، مثلما حدث في العام 2016 ويكذب استفتاءات الرأي التي منحت حتى نهاية الأسبوع فوز المرشح جو بايدن نسبة 51.9% مقابل نسبة 43.5 للرئيس ترامب. 

وسط هذا الاضطراب والمستقبل المجهول لساكن البيت الأبيض الجديد ارتفعت أسعار النفط وأسهم التقنية وتراجعت أسعار أسهم شركات الطاقة المتجددة، إذ عاد المستثمرون مجدداً لشراء أسهم التقنية التي باعوها، كما تراجعت عملات الأسواق الناشئة التي راهنت على حدوث تراجع كبير في سعر صرف الدولار في حال فوز جو بايدن، كما خسر الذهب نحو 19 دولاراً للأوقية "الأونصة"، وانخفض كذلك العائد على سندات الخزانة الأميركية من مستوياته العليا التي بلغها خلال الأيام الماضية. وتبعاً لهذه التقلبات، صعدت أسهم التقنية في السوق الآجلة المرتبطة بسوق ناسداك بنسبة 2.0% في التعاملات الصباحية التي جرت الأربعاء.

كما خسر مؤشرر"ستاندرد آند بوورز 500" في التعاملات الآجلة في أعقاب إعلان ترامب أنه يعتقد " أنه كسب الانتخابات وتعهد بأنه سيرفع شكوى للمحكمة العليا في حال لم تظهر النتائج فوزه". وخسر مؤشر داوجونز نحو 0.6% في تعاملات سادها الاضطراب.

ولا يستبعد محللون أن تعيش الأسواق لأيام فترة من الاضطراب حتى تتضح الصورة النهائية لنتيجة أخطر انتخابات في التاريخ الأميركي. وذلك ببساطة بسبب التصويت بالبريد، خاصة وأن هنالك ولايات أعلنت مسبقاً أنها لن تتمكن من إعلان النتيجة إلا بعد أيام، من بينها ميشيغن وبنسلفانيا. في هذا الشأن قال المدير التنفيذي بشركة "سيبورت غلوبال سيكوريتيز" في نيويورك، توماس دي غالوما، "آمل بنهاية سريعة لهذه الانتخابات". 

وكانت رهانات كبار المستثمرين في "وول ستريت" التي دعمتها المصارف الاستثمارية الكبرى مثل " جي بي مورغان" و"سيتي بانك" و"غولدمان ساكس"، تتركز حول فوز ساحق لنائب الرئيس السابق بايدن يمكّن الحزب الديمقراطي من السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما يعني السيطرة الكاملة على الجهاز التشريعي في واشنطن.

وتوقع مصرف "غولدمان ساكس" قبل يومين، أن يتمكن الحزب الديمقراطي من إجازة حزمة تحفيز مالي كبيرة للاقتصاد الذي يترنح تحت ضربات كورونا، لا تقل عن ترليوني دولار وتوقعها في بداية يناير/ كانون الثاني المقبل. 

وفي آسيا اختتمت الأسهم الأسيوية التي تغلق عادة قبل افتتاح البورصات الأوروبية، مؤشراتها مرتفعة وسط الرهان على فوز بايدن. وكانت الأسواق الآسيوية تأمل أن يشكل فوز بايدن بداية لنهاية المزاجية في نزاع الحرب الباردة بين واشنطن وبكين وعودة النزاع إلى حكم العقل والقانون. ويذكر أن بايدن قد انتقد سياسة الرسوم على البضائع المستوردة وقال إنها أضرت بالشركات والمواطن الأميركي. 

وفي أسواق الطاقة، عاد النفط للارتفاع بعد الهبوط الحاد الذي شهده خلال الأيام الماضية إلى نحو 33 دولاراً لخام برنت بسبب هروب المستثمرين منه، إذ وضعوا رهاناتهم على أسهم الطاقة المتجددة. وكسب النفط حسب بيانات بلومبيرغ حتى منتصف نهار الأربعاء نحو 2.6% مرتفعاً إلى نحو 38 دولاراً للبرميل.

وحتى يوم الاثنين كان كبار المستثمرين يراهنون على حدوث تغيرات استراتيجية في قطاع الطاقة. وتعد سياسات الطاقة الأميركية من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في الولايات المتحدة وذات تأثير مباشر على المنطقة العربية التي تعاني منذ سنوات من انهيار أسعار النفط وتأثيراته السالبة على المداخيل المالية، وبالتالي تؤثر على العجز الإنفاقي في الميزانيات الخليجية والاقتصادات العربية غير النفطية التي تستفيد من تحويلات المغتربين والتمويلات المباشرة وغير المباشرة من دول الخليج النفطية.

وبناء على سياسات بايدن المعلنة، وضع المستثمرون في حساباتهم أن تكون صناعة النفط الصخري الأميركي وأسعار النفط العالمية أولى ضحايا فوز بايدن، إذ يطرح المرشح الديمقراطي خطة الطاقة المتجددة بديلاً للطاقة التقليدية المعتمدة على النفط ومشتقاته، كما يخطط لتقييد إجراءات الكشوفات النفطية في الولايات المتحدة وحظر التنقيب في المحميات الطبيعية، وهي سياسات لا تعجب الشركات النفطية الأميركية.

كما توقع المستثمرون أن يقود فوز بايدن إلى عودة النفط الإيراني للأسواق العالمية. وهو ما يعني مزيداً من الفوائض النفطية في السوق العالمية. وكان بايدن قد وعد بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية " 5+1". 

وفي أسواق الصرف حدث إنقلاب كبير في الرهانات على الدولار وعملات الأسواق الناشئة، إذ راهن المستثمرون خلال الأيام الماضية على حدوث تراجع كبير في سعر صرف الدولار الأميركي بناءً على توقعات فوز بايدن، وهو أمر أصبح محفوفاً بالمخاطر في ظل التقدم الذي أظهره الرئيس ترامب.

ويعني تراجع الدولار مكاسب للعملات الناشئة. وأظهرت بيانات رويترز الأربعاء، عودة المستثمرين لزيادة رهاناتهم على الدولار، إذ قفز الدولار مقابل كل من الين الياباني واليورو ومعظم العملات الرئيسية، كما تراجعت عملات الاقتصادات الناشئة وضعفت العملات شديدة التأثر بالمخاطرة.

وبالنسبة للعملات الرئيسية، خسر اليورو مقابل الدولار نحو واحد بالمئة، وهو مستوى منخفض لم يشهده منذ أواخر يوليو/ تموز. وبينما واصلت الورقة الخضراء، أي ورقة الدولار، تقدمها خسر الجنيه الإسترليني نحو 0.5% وخسر الين الياباني 0.35 بالمئة ليهبط إلى 104.87 مقابل الدولار، في حين كسب مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات نحو 0.3 بالمئة مرتفعاً إلى 93.82.

وفي سوق المعادن الثمينة عدل المستثمرون من رهاناتهم على المعدن الأصفر الذي كان واحداً من أهم الملاذات الآمنة ضمن التوقعات السابقة، وعاد المستثمرون لبيع الذهب وشراء الدولار وأسهم التقنية الأميركية مع احتمال فوز ترامب وإشتعال الحرب التجارية الخطرة. وانخفضت العقود الآجلة للذهب في تعاملات منتصف النهار بنسبة 1.5% إلى 1881.8 دولارا للأونصة. فيما تراجعت العقود الفورية للذهب بنسبة 0.7% إلى 1891.1 دولارا للأونصة.

المساهمون