السيسي يوقع اتفاق القطار السريع مع "سيمنز" بكلفة 31 مليار دولار

28 مايو 2022
يواجه السيسي اتهامات بالإهمال المتعمد لقطاعات هامة مثل الصحة والتعليم (الرئاسة/فيسبوك)
+ الخط -

شهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، مراسم توقيع حكومته على اتفاق التعاقد مع شركة "سيمنز" العالمية لإنشاء منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر بإجمالي 3 خطوط، يبلغ طولها حوالي 2000 كيلومتر على مستوى الجمهورية، وذلك بتكلفة تقريبية تبلغ 31 مليار دولار (نحو 577 مليار جنيه)، وهي ممولة بقروض خارجية تسدد على مدة 15 عاماً.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، في بيان، إنّ "السيسي أكد أنّ شبكة خطوط القطارات الكهربائية الجديدة تأتي ترسيخاً للتعاون المثمر بين مصر وألمانيا في مجال البنية الأساسية، وستمثل إضافة كبيرة لمنظومة النقل؛ إيذاناً ببداية عصر جديد للسكك الحديدية في مصر وأفريقيا والشرق الأوسط".

من جهته، أعرب رئيس مجلس إدارة شركة "سيمنز" العالمية، رونلاد بوش، عن "اعتزازه بالتعاون المثمر مع مصر في المشروعات التنموية، التي صنعت تاريخاً مشرفاً للشركة في المنطقة والعالم"، وفق ما أورده البيان، مستطرداً أنّ "مشروع القطار الكهربائي السريع في مصر هو الأضخم في تاريخ شركة سيمنز، منذ تأسيسها قبل نحو 175 عاماً".

وتضمن الاتفاق تنفيذ مشروع القطار السريع على مرحلتين؛ الأولى بتكلفة تبلغ نحو 22.7 مليار دولار، بداية من مدينة العين السخنة المطلة على البحر الأحمر، وصولاً إلى مدينة العلمين الجديدة على البحر المتوسط، والثانية بتكلفة تبلغ 8.2 مليارات دولار (مستقبلية)، وتستهدف مد مسار القطار من مدينة العلمين إلى محافظة مرسى مطروح (غرب البلاد).

ويضم المشروع 8 محطات للقطار الكهربائي السريع بسرعة تصميمية 250 كيلومتراً في الساعة، وسرعة تشغيلية 230 كيلومتراً في الساعة؛ إذ يمتد القطار من منتجع العين السخنة شرقاً، مروراً بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدن السادس من أكتوبر، وبرج العرب في محافظة الإسكندرية، والعلمين الجديدة، وصولاً إلى مرسى مطروح غرباً.

وكان وزير النقل المصري كامل الوزير، قد صرح بأنّ "الاتفاق مع شركة سيمنز جاء بعد مفاوضات طويلة، انتهت إثر لقاء مغلق بين ممثلي الشركة والرئيس المصري، واتفاق الطرفين على شروط التشغيل من خلال نظام عمل خطوط السكك الحديدية القديمة؛ وبمواصفات تعد العليا على مستوى العالم، من دون تقاطعات أو مزلقانات، كما هو معمول به في السكك الحديدية الحالية".

وتغيب الشفافية عن التكلفة الحقيقية لصفقة مشروع إنشاء القطار السريع؛ ففي 4 سبتمبر/أيلول 2020، أعلنت وزارة النقل فوز التحالف المصري الصيني (سامكريت– الهيئة العربية للتصنيع –  CCECC - CRCC) بمناقصة تنفيذ المشروع بكلفة إجمالية 9 مليارات دولار، على حساب تحالف (إيفك Chinastate - CREC من الصين - سيمنز الألمانية - سكك حديد فرنسا - أوراسكوم من مصر- المقاولون العرب).

إلا أنّ المصريين فوجئوا لاحقاً بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل، ممثلة في الهيئة القومية للأنفاق، وشركة "سيمنز" الألمانية، في حضور رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، لتنفيذ المشروع بقيمة إجمالية 23 مليار دولار للمرحلة الأولى فقط؛ أي بزيادة كبيرة تقدر بنحو 14 مليار دولار، من دون تبيان الأسباب الحقيقية وراء الزيادة.

وفي 23 يناير/كانون الثاني 2021، اعترف السيسي بمضاعفة تكلفة مشروع القطار السريع، بقوله: "كان هناك عرض من تحالفين لإنجاز المشروع بقيمة 10 مليارات دولار تقريباً، ولكنني قلت لا يمكن أن ننفذ المشروع بهذا الثمن. وقررت أن ندفع الرقم الأعلى، وهو 19.5 مليار دولار، لتنفيذ مساحة 450 كيلومتراً فقط من المشروع"، مضيفاً "لدينا برلمان يراقب أداء الحكومة، ويوافق على قرارات القروض التي نتخذها. ومحتاجين الناس تثق فينا بشكل أكبر حتى ننفذ مخططاتنا".

ويواجه السيسي اتهامات بالإهمال المتعمد لقطاعات هامة مثل الصحة والتعليم والبحث العلمي، وعدم الالتزام بمواد الدستور التي تقضي بتخصيص نسبة 10% سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي لصالحها؛ وفي المقابل، المضي قدماً في تنفيذ مشاريع "تجميلية" لا تعود بالنفع على المواطنين مثل القطار السريع، الهادف في المقام الأول إلى تسهيل تنقل الأثرياء بين منتجعات العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية والعين السخنة.

يذكر أنّ البنك المركزي المصري أعلن، في 18 إبريل/نيسان الماضي، ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول من العام نفسه؛ بزيادة تقدر بنحو 8.109 مليارات دولار خلال 3 أشهر فقط، نتيجة التوسع في اقتراض مصر من الخارج، وبنسبة زيادة إجمالية للدين بلغت 5.9%.

وتتجه مصر إلى خيارات عدة في مواجهة الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد حالياً، والتي تتلخص في رفع سعر الفائدة، وإصدار شهادات ادخار بفائدة عالية، وبيع أصول تملكها الدولة لمستثمرين محليين وأجانب؛ وأخيراً التوسع في الاقتراض الخارجي لمواجهة عجز الموازنة، وسداد فوائد وأقساط قروض مستحقة.

وقفزت مخصصات فوائد الدين في مشروع موازنة مصر للعام 2022-2023 إلى 690.1 مليار جنيه، مقارنة مع 579.9 ملياراً مستهدفة في العام 2021-2022، أي بنسبة زيادة تبلغ 19.2%، وبما يعادل نحو 34.4% من الإنفاق الحكومي، و45.5% من إيرادات الدولة في العام المالي. فيما ارتفعت مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية من 593 مليار جنيه إلى 965 ملياراً و500 مليون جنيه.

المساهمون