السيارات المستعملة تغرق أسواق اليمن

26 فبراير 2021
استيراد سيارات بها عيوب ما يؤدي إلى الإضرار بالبيئة (فرانس برس)
+ الخط -

تزدحم السوق الإلكترونية بالمرتادين اليمنيين الذين يزداد عددهم في مزادات بيع السيارات المستعملة في ظاهرة ساهمت الحرب بشكل كبير في تحولها إلى تجارة مزدهرة.

حركة أموال ضخمة أصبحت تتجه إلى مثل هذا النوع من الأعمال في بلد لا يجد ثلثا سكانه وجبتهم التالية، إذ يشهد ازدهارا لافتا وانتشارا للمعارض العاملة في بيع السيارات والتي تحتل مساحات واسعة في مختلف المناطق والمدن اليمنية.

مزادات إلكترونية

ساهمت هذه التجارة التي تشهد تناميا مطردا في إغراق المدن اليمنية بشتى أصناف وموديلات السيارات المستعملة التي يتم جلبها من السوق الأميركية عبر مزادات إلكترونية منتشرة على تطبيقات تجارية خاصة ومواقع التواصل الاجتماعي.

أحد التجار المنخرطين أخيرا في هذا النوع من الأعمال التجارية، ياسين الوصابي، يشرح لـ"العربي الجديد"، الطرق المتبعة في جلب السيارات المستعملة إلى اليمن بالقول إن المزادات الإلكترونية تعرض مختلف أنواع السيارات وموديلاتها ومميزاتها وعيوبها وعدد الصدمات التي تعرضت لها والمسافة التي قطعتها وأسعارها، وبالتالي ما عليك إلا تحديد احتياجاتك منها، ومن ثم استكمال إجراءات الشراء والشحن إلى اليمن.

بعد استكمال مختلف إجراءات الشراء، يعمل التاجر على عرض بضاعته على حسابات خاصة به في مواقع التواصل واستقبال عروض الزبائن والاتفاق على عمليات البيع بعد الحصول على أعلى ربح ممكن، والذي يتفاوت من سيارة لأخرى حسب نوعيتها وموديلها والذي لا يقل عن 500 دولار، بينما تتجاوز أرباح بعض السيارات أكثر من 3 آلاف دولار.

انفلات وعشوائية

صاحب معرض لبيع السيارات، علي جسار، يصف لـ"العربي الجديد"، ما يحدث في هذا السوق بالانفلات والعشوائية في ظل انضمام أعداد كبيرة من المتاجرين في هذا النوع من الأعمال، وهو ما أثر بشكل واضح على القطاعات التجارية الرسمية التي تعمل بشكل نظامي من خلال الارتباط بالوكلاء التجاريين المتصلين بالشركات والوكالات الدولية المنتجة والمصدرة للسيارات.

وتشهد مختلف المدن اليمنية الرئيسية ازدحاما شديدا في الشوارع وخطوط السير داخل المدن وبين المناطق والمحافظات، وهو ما يثير استغراب الكثيرين في اليمن بالنظر إلى ما تواجهه البلاد من أزمات مالية ومعيشية وإنسانية بسبب الحرب الدائرة منذ نحو ست سنوات.

وتبرز ظاهرة الغش في السلع والخدمات المتفشية في اليمن بشكل واضح في قطع غيار السيارات، إلى جانب مواد التجميل والملابس ومختلف الأجهزة المنزلية والكهربائية، بل وتصل إلى الخدمات المالية، سواء في مجالات الضمانات أو التأمينات أو معاملات البنوك وكذلك في التأمينات والعقود.

جزء من هذه المخالفات يتركز في السيارات التي يتم جلبها إلى البلاد والتي تعاني كثير منها من عيوب عديدة عمدت الأسواق الأخرى إلى التخلص منها لرداءتها وقِدمها وكثرة استهلاكها للبنزين وما تخلفه من انتشار للعوادم وكذا الصدمات التي تعرضت لها، وهو ما يجعلها غير صالحة للاستخدام وما يشكله تدفقها الكثيف واستعمالها في انتشار الحوادث في الطرقات وداخل المدن.

ويتطرق المحلل الاقتصادي عمر الدعيس لجزئية مهمة في هذا الخصوص، إذ يلفت إلى ما تعاني منه البلاد من أزمات متكررة في الوقود يعود جزء كبير من أسبابها إلى ما تشهده الأسواق من تدفق واسع للسيارات المستعملة المستهلكة بكثرة للبنزين والديزل، في ظل تركز نسبة كبيرة من أموال أثرياء الحرب في شراء السيارات والتي تشمل غالباً جميع أفراد الأسرة حتى الأطفال وتغييرها باستمرار، أو المتاجرة بها عبر فتح معارض واسعة لبيعها.

ويوضح أن السوق الأميركية أصبحت تتخلص من السيارات المستهلكة للوقود، واتجاه كثير من الأفراد هناك لعرض سياراتهم للبيع في المزادات الإلكترونية بأسعار ضئيلة، وهو ما يساهم في جذب تجار السيارات من اليمن لشرائها، إضافة إلى تغاضي السلطات الرسمية على هذا الإغراق للعائدات الجمركية الضخمة ورسوم منح الرخص التي تحصل عليها.

أزمة الوقود

مع تصاعد أزمة المشتقات النفطية بشكل كبير ومتواصل منذ نهاية أغسطس/ آب 2019 تشهد حالة الإمداد اختناقات في توفر الوقود من الديزل والبترول، تتركز وفق خبراء ومختصين في المدن التي تشهد إغراقا متواصلا في السيارات ذات الموديلات المستهلكة للبنزين والتي يتم جلبها تحديدا من الأسواق الأميركية التي تتخلص منها لهذا السبب المتعلق باستهلاك الوقود ولوجود بدائل أخرى في ظل تزايد الإنتاج من السيارات التي توصف بصديقة للبيئة والعاملة منها بالطاقة الكهربائية.

تشهد حالة الإمداد اختناقات في توفر الوقود من الديزل والبترول، تتركز في المدن التي تشهد إغراقا متواصلا في السيارات ذات الموديلات المستهلكة للبنزين

 

بخصوص المدن التي تشهد مثل هذه الاختناقات في الوقود، حيث كان توفره بنسبة ضئيلة جدا في 12 محافظة من بين 18 محافظة، وتوفر إلى حد ما في 6 محافظات، في المقابل كان الغاز المنزلي شبة منعدم في 9 محافظات من بين 18 محافظة، وهي المحافظات التي تنتشر فيها السيارات والمركبات العاملة بالغاز.

بينما في المدن الرئيسية، مثل صنعاء وعدن، وعلى الرغم من مضاعفة حصتها في أوقات توفر الوقود بحوالي 5 أضعاف مقارنة بما كان سائدا قبل الحرب، إلا أنه ينفد بشكل سريع بسبب ارتفاع الاستهلاك بشكل كبير.

وتضاعف متوسط واردات الوقود في اليمن خلال العامين 2018 و2019 ليصل إلى 157 ألف طن شهريا، وفق بيانات رسمية.

المساهمون