تراجعت أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه، في مستهل تعاملات البنوك اليوم الثلاثاء، إثر صدمة إيجابية بتوافر للعملة الصعبة بالبنوك، وآمال بالحصول على مزيد من القروض الخارجية، الأمر الذي تسبب في إحداث ربكة في السوق الموازية، التي سيطرت على تعاملات العملة الأجنبية لأشهر طويلة، قبل قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة.
وبلغ سعر الدولار في البنوك الرسمية 49.11 جنيها بتراجع 10 قروش (الجنيه مائة قرش) عن معدل نهاية الأسبوع الماضي، الذي شهد تعويما رابعا لقيمة الجنيه، أفقده نحو 60% من قيمته أمام العملات الرئيسية. وبلغ متوسط سعر اليورو 53.74 جنيها، والجنيه الإسترليني 63.09 جنيها، والمائة ين ياباني 33.48 جنيها، بينما بلغ الريال السعودي والقطري 13 جنيها والدينار الكويتي 160 جنيها، ودرهم الإمارات 13.3 جنيها واليوان الصيني 6.8 جنيهات.
وتأثرت السوق الموازية بزيادة العرض من فئة صغار الحائزين لكميات من الدولار، وندرة الطلب من كبار التجار لشراء الدولار، مدفوعة بتصريحات حكومية تؤكد التزام البنوك بتوفير التمويل المطلوب للموردين للإفراج عن السلع والبضائع المكدسة بالموانئ والمنافذ الجمركية، وطمأنة رجال الأعمال بتدبير المبالغ المالية اللازمة للمشروعات الصناعية والإنتاجية، لشراء مستلزماتها من الخارج.
وفقد الدولار في السوق الموازية جنيها واحدا في تعاملات اليوم، حيث بلغ متوسط سعر الشراء 49.45 جنيها، بزيادة طفيفة عن السائد بالبنوك، ويباع بنحو 50.31 جنيها. وبلغ سعر اليورو في السوق الموازية 53.80، والجنيه الإسترليني 60.95 جنيها والريال القطري 13.52 والسعودي 13.22 جنيها والدينار الكويتي 161.05 جنيها، والدرهم الإماراتي 13.57 جنيها.
وأكد محللون ماليون لـ"العربي الجديد" مرور السوق الموازية للعملة بمرحلة عدم الاستقرار والترقب لما سيسفر عنه التطبيق الفعلي لسياسة التعويم التي التزمت بها الحكومة مع صندوق النقد، بجعل سعر الصرف مرنا، وتوفيره أمام طالبيه وفقا لآلية العرض والطلب، مشيرين إلى التزام عدد من البنوك بتدبير العملة الصعبة بنحو ملياري دولار خلال أسبوع لتمويل صفقات الافراج عن رسائل معطلة بالموانئ.
وأشار محللون إلى توجه بعض البنوك إلى تدبير النقد الأجنبي اللازم لدفع مصروفات الدراسة والعلاج بالخارج، مع التزام البنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في مصر، وعدد من البنوك الأخرى، برفع القيود على المعاملات الأجنبية إلى ما يعادل ما بين 75 ألفا إلى 200 ألف جنيه شهريا، مع رفع حد السحب النقدي الشهري ما بين 3500 إلى 10.5 آلاف جنيه.
ويدفع البنك المركزي المصري نحو تعزيز الطلب على الجنيه بزيادة الفائدة على شهادات الادخار، بعد رفع أسعار الفائدة الأساسية 600 نقطة أساس دفعة واحدة الأسبوع الماضي، بينما توقع بنك "جي بي مورغان" إقرار البنك زيادة إضافية في سعر الفائدة، قدرها 200 نقطة أساس، في اجتماعه المقبل نهاية مارس/آذار الجاري.
وبعد رفع الفائدة الأخير، وصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 27.25% و28.25% على الترتيب، كما ارتفع سعر الفائدة على العملية الرئيسية والائتمان والخصم إلى 27.75%.
ويسعى البنك المركزي إلى رفع معدلات الفائدة، لكبح جماح التضخم، ولزيادة قدرة عوائد الديون المحلية المرتفعة على جذب تجار الأموال الساخنة للسوق المصرية من جديد، بعد خروجهم بصورة جماعية خلال الربع الأخير من 2021 والربع الأول من 2022، ما أدى إلى هروب 20 مليار دولار من مصر في فترة وجيزة.
ويقدم المركزي المصري حالياً ثالث أعلى عائد على السندات بالعملة المحلية، بين 23 اقتصادا ناميا تتبعتها "بلومبيرغ"، بمتوسط عائد تجاوز 30%. وساهمت الفائدة المرتفعة، مع وجود تمويلات فعلية من بيع الأصول العامة، وقروض من صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية أخرى، في تحقيق مكاسب جديدة للعملة المصرية أمام الدولار.