تسببت الحرب المستعرة في السودان في تعرض الكثير من فروع المصارف العاملة بالخرطوم للسرقة والنهب، ما دفع المصرف المركزي إلى بث الطمأنينة للعملاء بأن كافة ودائعهم في الحفظ والصون.
ورصدت السلطات السودانية نهب أكثر من 25 فرعا للمصارف عقب اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، منها فروع مصرف الخرطوم في جبرة وسوق أم درمان والأهلية واستاد الهلال والسوق الشعبي والمزاد بحري، ومصارف فيصل فرع حلة كوكو والخليج فرع حلة كوكو وفيصل فرع شارع واحد الحاج يوسف والجزيرة شارع المطار والادخار سوق أم درمان وغيره.
وأكد اتحاد المصارف السوداني في بيان أصدره، أخيراً، أن أرصدة العملاء ومعلوماتهم المالية محفوظة بأكملها، لافتا لاستمرار خدمات المصارف بمعظم ولايات السودان. وأشار إلى سعي رئاسات المصارف لاستعادة الخدمات المصرفية للمواطنين في كافة الولايات؛ وفي ولاية الخرطوم حال توفُّر الظروف المؤاتية.
وأدان اتحاد المصارف تعرض بعض فروع المصارف بولاية الخرطوم للسطو والتخريب، دون مراعاة لدورها في خدمة الجمهور وحفظها لودائع العملاء.
وانتقد خبير مصرفي رفض ذكر اسمه تعرض المصارف بالخرطوم للسرقة، غير أنه أكد لـ"العربي الجديد" أن المصارف السودانية تقوم عادة بالتأمين على النقد المتواجد لديها. وأضاف الخبير المصرفي أن المصرف مسؤول عن ودائع الجمهور ولابد أن يعيدها لهم ولو باع جزءا من أصوله.
ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ"العربي الجديد" إن التصنيفات الخاصة بالسودان مرتبطة بالعجز المالي الكبير وارتفاع الدين المحلي ومستويات الدخل المنخفضة، مع هشاشة النمو الاقتصادي.
وأضاف أن الحكومة الانتقالية نجحت في تطبيق إصلاحات هادفة لدعم الأسعار وإزالة الدعم عن كثير من السلع والخدمات الأساسية لكنها فشلت في جذب الاستثمار الأجنبي، كما لم تقدّم دول كثيرة ما وعدت به للحكومة الانتقالية أي دعم للسودان، ثم جاء الصراع العسكري ليزيد من الأزمات المالية للبلاد.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن المؤسسات المالية الدولية والإقليمية لا تسعف السودان، موضحا أن السلطات اعتمدت على على القروض من الدول خلال الفترات الماضية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي.
وتابع أن نشوب الحرب واستمرارها خلال الفترة المقبلة، سيعقدان الأوضاع الاقتصادية مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، وستكون أولوية الإنفاق الحكومي للقطاع العسكري والأمني.
وأضاف: "سيزداد الأمر تعقيدا بالنسبة لعلاقات السودان مع مؤسسات التمويل، خاصة مع تعطل المرافق القادرة على إنتاج الغذاء ومرافق استيراده، فضلا عن صعوبة تدبير النقد الأجنبي"، مشيرا إلى أزمات اقتصادية أخرى تعاني منها البلاد وأبرزها زيادة نسب البطالة بين الشباب.
قال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ"العربي الجديد" إن التصنيفات الخاصة بالسودان مرتبطة بالعجز المالي الكبير وارتفاع الدين المحلي
وأوضح فتحي أن "الناتج المحلي الإجمالي للسودان بلغ 34.3 مليار دولار، ومعدل النمو الاقتصادي بلغ 0.3%، ومع تصاعد حرب الجيش مع قوات الدعم السريع يمكن أن يدفع ذلك الناتج المحلي الإجمالي للتراجع من حيث القيمة ومعدلات النمو".
وأكد أن الاضطرابات وتدهور الأوضاع الأمنية ستسهم بدرجة أولى في تعطيل عمل الجهاز المصرفي، ما قد يؤدي إلى شلل في المعاملات المصرفية.
وقال: "من حق المواطن أن يخاف على أمواله من السرقة في المصارف بسبب غياب الأمن"، موضحا أن المصارف لا تقدم أرباحا، فمن الممكن أن يقوم بسحبها والاحتفاظ بها نقدا، خاصة مع انتشار الحالات المرتبطة بتفشي الفوضى بالبلاد، في ظل الدور الذي تقوم به جماعات السلب مستغلة حالة الفوضى.
وأشار إلى تسبب الحرب في لجوء الكثير من المواطنين إلى التطبيقات الإلكترونية لتداول أموالهم بدلاً من التعامل نقداً، إلا أن تذبذب خدمة الإنترنت خلق مشاكل فنية في الدفع والسداد لعملاء المصارف.