السودان: الدولار الجمركي يرفع أسعار السلع
تشهد أسواق الخرطوم ارتفاعا كبيراً في أسعار السلع الضرورية خلال موسم رمضان، خاصة المستوردة، بسبب زيادة الدولار الجمركي الأخيرة والتي طبقتها الحكومة في خطوات متسارعة تشير إلى اتجاهها نحو التحرير الكامل عقب التوجيهات الأخيرة لصندوق النقد الدولي، ما دفع هيئة الجمارك السودانية لإعلان زيادة جديدة للمرة الثانية على التوالي في أقل من شهر.
ونفذت الهيئة زيادتها السابقة في السابع عشر من مارس/ آذار المنصرم إلى 20 جنيها سودانيا للدولار، بعدما كان 15 جنيها، ثم أعلنت الزيادة الأخيرة في الأول من إبريل / نيسان إلى 28 جنيها للدولار بنسبة 40% عن السعر السابق.
وانتقدت القطاعات التجارية والموردون تطبيق الزيادة الجديدة على الدولار الجمركي محذرين من موجة عاتية من الزيادات تطاول السلع الاستهلاكية الضرورية بشكل عام خلال الفترة المقبلة. وكشف أمين عام الغرفة التجارية في ولاية الخرطوم، الطيب طلب، عن مقترح بوضع معالجات لتلافي آثار الزيادة الجمركية تنوي غرفته دفعها للحكومة الانتقالية تخفيفا للأعباء المعيشية على المواطنين، من بينها استثناء سلع ضرورية معينة من الزيادة الجمركية بنسبة 40%.
وقال إن السلع الاستهلاكية تشهد استقرارا في الوقت الراهن بسبب الركود الحاد في الأسواق رغم دخول موسم رمضان، محذرا من أن يؤدي تجاهل الحكومة للمعالجات المقترحة لارتفاع حاد في السلع الاستهلاكية كافة، خاصة المستوردة. وانتقد المورد زاهر الصديق، الزيادة في سعر الدولار الجمركي والتي أدت إلى غلاء سلع ضرورية.
ولوحت هيئة الجمارك السودانية في وقت سابق بنيّة الحكومة الانتقالية في السودان إلغاء الدولار الجمركي بالكامل تدريجيا كرد فعل طبيعي للاستقرار الذي تشهده العملة الوطنية الجنيه مقابل العملات الأجنبية ما ينفي دواعي وجود الدولار الجمركي. وأوضحت أن تعديل قيمة الدولار الجمركي يهدف إلى المساهمة في تنفيذ حزمة الإصلاحات والسياسات والإجراءات في الاقتصاد الكلي وليس فقط زيادة الإيرادات الجمركية.
وقال العضو المفوض لمحطة جمارك سوبا، محمود عبد الفتاح، إن زيادة الدولار الجمركي لها آثار سلبية كبرى على السلع والبضائع يتحملها المواطن وليس المورد وحده، مشيرا إلى أن زيادة الدولار تبعتها زيادات أخرى في رسوم الجودة والمواصفات ورسوم المعمل الجمركي لفحص عينات السلع والبضائع الواردة والتي قفزت من 100 إلى 1000 جنيه للعينة الواحدة ما يزيد من التكلفة. وتوقع عبد الفتاح ظهور الأثر السالب للزيادة في الدولار الجمركي خلال الشهرين المقبلين.
ومن جانبه، قال المسؤول الضريبي، عادل عبدالمنعم، لـ"العربي الجديد" إن الزيادة التي طبقت على الدولار الجمركي بنسبة 40% ضئيلة مقترحا ترفيعها بالتدرج إلى 100 و150 لتصل قبل شهر يونيو / حزيران المقبل لـ 200 جنيه لتغطية العجز الإيرادي في موازنة العام المالي الحالي 2021 في النصف الأخير بدلا عن تغطيتها بالاستدانة من النظام المصرفي وطباعة العملة والتي تسببت في التضخم الجامح وتدهور الجنيه السوداني.
وأوضح أن سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازي هو السبب الأساس في زيادة أسعار السلع وليس الدولار الجمركي. ويبلغ سعر الدولار رسميا نحو 382 جنيهاً.
وفرضت وزارة المالية السودانية زيادة متعددة على قيمة الدوﻻر الجمركي إلى 6.1 جنيهات مقابل 6 جنيهات طبقت في الثالث والعشرين من أغسطس/ آب 2015، وقد سبقتها زيادة لـ 6 جنيهات مقابل 5.86 جنيهات نفذت في شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2015، ثم أصدرت قرارا بزيادات متتالية حتى وصل إلى 28 جنيها.
وشهدت الأسواق موجات متتالية من غلاء السلع ونقص الخدمات، خلال الفترة الأخيرة، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين. ووصف عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية، والتغيير، عادل خلف الله، الزيادة على الدولار الجمركي بأنها تمت تلبية لإملاءات المقرضين والدائنين، تمهيدا للقائهم في مؤتمر باريس مطلع مايو/أيار القادم، والتي وصفها بأنها مطالب لا تنتهي، ودون التزامات من قبلهم.
وأضاف خلف الله أن هذه الزيادة قد اقترنت مع ارتفاع ضريبة الجمارك بنسبة 40%، مبينا أن زيادة المحروقات وضريبة الجمارك ستؤدي إلى المزيد من التضخم والانكماش كما أنها ستؤدي إلى تراجع القطاعات الإنتاجية بسبب ارتفاع التكلفة وتراجع الطلب، وزيادة نسبة البطالة والفقر.
وتابع أن المديرة التنفيذية السابقة لصندوق النقد كريستين لاغارد قد اختتمت تقييمها لما يسمونه بالإصلاحات بدعوة المجتمع الدولي بدعم السودان للانتقال لاقتصاد السوق الحر.