السعودية تقر موازنة 2021: خفض الإنفاق ولا ضرائب جديدة

16 ديسمبر 2020
+ الخط -

أقرت المملكة العربية السعودية موازنة العام 2021، بقيمة 990 مليار ريال (263.91 مليار دولار)، بتراجع سبعة في المائة تقريبا عن العام الحالي، إذ تسعى لكبح عجز ضخم ناجم عن نزول إيرادات النفط وزيادة في الإنفاق لزمت لمواجهة أزمة فيروس كورونا.

وتتمسك المملكة بخطتها لخفض الإنفاق العام بنسبة 7.3% في عام 2021، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، بعد اتساع عجزها بشكل كبير هذا العام، وفقاً لبيان الميزانية السنوي الصادر الثلاثاء.

ومن المتوقع أن يبلغ الإنفاق 990 مليار ريال (264 مليار دولار)، وأن ترتفع الإيرادات إلى 849 مليار ريال، وأن يتقلص عجز الموازنة إلى 141 مليار ريال، أو 4.9% من الناتج الاقتصادي، مقارنة بنحو 300 مليار ريال، أو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، هذا العام.
ولم تكشف الوزارة عن توزيع الإيرادات إلى مصادر نفطية وغير نفطية لعام 2021 كما حدث في سنوات أخرى. وقال وزير المالية محمد الجدعان في مقابلة مع "بلومبيرغ" إن ذلك يرجع إلى أن أرامكو السعودية أصبحت الآن شركة مدرجة في البورصة وأن الكشف عن هذه الأرقام يمكن أن يعطي أدلة حول سياسة توزيع أرباح الشركة.

وأكد الجدعان أن صناديق الثروة السعودية من المتوقع أن تنفق مئات المليارات من الريالات في الاقتصاد المحلي في السنوات المقبلة، حتى مع انخفاض الإنفاق الحكومي المباشر.

صناديق الثروة السعودية من المتوقع أن تنفق مئات المليارات من الريالات في الاقتصاد المحلي في السنوات المقبلة، حتى مع انخفاض الإنفاق الحكومي المباشر

وأضاف الجدعان: "ما زلنا نعتقد أننا لم نخرج من المأزق بعد، وأردنا التأكد من أن لدينا التمويل الكافي للخدمات الصحية ومن استعدادنا لموجة ثانية، قد تضرب المملكة العربية السعودية". وتابع: "الميزانية توسعية. أردنا التأكد من أننا نقوم بتحفيز الاقتصاد ودعم النمو والتنويع. لا ينبغي أن يكون ذلك فقط من خلال الإنفاق الحكومي".
وتتوقع السعودية تلقي توزيعات بما يصل إلى 25 مليار ريال (6.7 مليارات دولار) هذا العام من صندوقها السيادي للثروة، صندوق الاستثمارات العامة، كإجراء لمرة واحدة بهدف دعم المالية المتضررة من هبوط أسعار النفط.
وبعد الإعلان عن ميزانية السعودية لعام 2021، قال وزير المالية السعودي لرويترز اليوم الثلاثاء "طلبنا جزءا من توزيعات الأرباح، لذا من المحتمل أن نتلقى حوالي 15 إلى 25 مليار ريال سعودي كتوزيعات أرباح من صندوق الاستثمارات العامة".
وقال إن تلقي التوزيعات من أرباح الصندوق كان قرارا استثنائيا، وإن الحكومة لا تخطط بشكل عام لطلب توزيعات أرباح من الصندوق في المستقبل.
صندوق الاستثمارات العامة هو أداة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المفضلة لخطته بتحويل الاقتصاد وجعله أقل اعتمادا على إيرادات النفط.

من المتوقع انخفاض إيرادات السعودية من النفط أكثر من 30% هذا العام بسبب انهيار أسعار الخام وتخفيضات الإنتاج بعد أن حدت جائحة فيروس كورونا من الطلب العالمي على النفط. 

وقال الجدعان إنه ليست هناك خطط حالية لرفع الضرائب، وعندما سئل عن فرض ضريبة على الدخل، قال إنه ليس مطروحا.
وشرح الجدعان أن تحويل 40 مليار دولار هذا العام من البنك المركزي السعودي إلى صندوق الاستثمارات العامة لدعم استثماراته كان "تحويلا استثنائيا جدا في عام استثنائي جدا"، مضيفا أنه ليست هناك خطط في الوقت الحالي لعمل تحويلات أخرى من هذا النوع.
وأكد الجدعان أن الصندوق استثمر أغلب تلك الأموال في الخارج وحقق ربحا يزيد عن 19% في فترة سبعة أو ثمانية أشهر.
وقال إن العجز في العام المقبل، والذي من المتوقع بلوغه 141 مليار ريال، ستجري تغطيته عن طريق مبيعات ديون و"سحب محدود جدا" من الاحتياطيات السعودية وبيع أصول لوزارة المالية إذا دعت الحاجة.
وشرح الجدعان أن السعودية أنفقت أقل على تحفيز القطاعات المتضررة من الوباء مقارنة بأعضاء آخرين في مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية، لكنها الآن في طريق مؤقت للتعافي. ومن المتوقع أن ينتعش النمو في عام 2021 إلى 3.2% بعد انكماش الاقتصاد بنسبة 3.7% المتوقعة هذا العام، أو الأكثر في عقدين. هذا تقدير أكثر تفاؤلاً من توقعات الانكماش بنسبة 5.4% من قبل صندوق النقد الدولي.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

واجهت أكبر دولة مصدرة للخام في العالم أزمة مزدوجة هذا العام حيث اجتمعت اضطرابات سوق النفط ووباء فيروس كورونا للضغط على المالية العامة. كانت خيارات الحكومة لتحفيز الاقتصاد غير النفطي محدودة حيث واجهت الشركات انخفاض الطلب والقيود المتعلقة بـ Covid.

في الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون سلسلة من برامج التحفيز - بما في ذلك تأجيل سداد القروض - فقد طبقوا أيضاً تدابير تقشفية، ومضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات ورفع رسوم الاستيراد. ساعدت هذه الخطوات في تعزيز الإيرادات غير النفطية، التي شكلت حوالي 46% من إجمالي الإيرادات هذا العام، لكنها قللت من الانتعاش الاقتصادي. وقال الجدعان إن الحكومة ليس لديها خطة لمراجعة معدل ضريبة القيمة المضافة - كما كان يأمل الكثير من السعوديين - ما لم يتغير الوضع الاقتصادي.

وتخطط وزارة المالية لخفض الإنفاق كل عام من 2021 إلى 2023 حيث من المتوقع أن يصل إلى 941 مليار ريال. من المتوقع أن ينخفض العجز إلى 0.4% في عام 2023، العام الذي قال المسؤولون فيه إنهم يعتزمون موازنة الميزانية.

وارتفع العجز في الموازنة السعودية لعام 2020 من 50 مليار دولار كما كانت توقّعت المملكة قبل عام، إلى أكثر من 79 مليار دولار بنهاية السنة حسبما أعلنت الحكومة الثلاثاء، وذلك على خلفية أزمة فيروس كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط. ويذكر أن العجز في سنة 2019 بلغ نحو 35 مليار دولار.

تخطط وزارة المالية لخفض الإنفاق كل عام من 2021 إلى 2023 حيث من المتوقع أن يصل إلى 941 مليار ريال

لكن وزارة المالية السعودية توقّعت أن يتراجع هذا العجز إلى أكثر من النصف بحلول نهاية العام المقبل رغم إقرارها بـ"صعوبة توقع المدة الزمنية اللازمة للتعافي"، بعدما قلّصت النفقات في موازنة 2021 مقارنة بنفقات 2020.
وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز خلال جلسة لمجلس الوزراء: "هذا العام كان صعبا في تاريخ العالم استلزم اتخاذ تدابير ومبادرات استثنائية".
وشدّد على أن موازنة العام المقبل تعطي "الأولوية لحماية صحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم، ومواصلة الجهود للحد من آثار هذه الجائحة" على أكبر اقتصاد في العالم العربي.
وقال ولي العهد الأمير محمد في بيان بعيد الإعلان عن الموازنة إنّ عام 2020 "كان عاما صعبا على دول العالم أجمع جرّاء تفشي جائحة كورونا إلا أن اقتصاد المملكة أثبت قدرته في مواجهة تداعيات الجائحة".
واعتبر أنّ الأزمة أديرت "بعناية فائقة وبشكل فعّال قاد إلى التخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد السعودي التي كان متوقعا في وقت سابق أن تكون أقوى حيث تمت الموازنة بين الإجراءات الاحترازية وتوقيت عودة الأنشطة الاقتصادية تدريجياً بوتيرة جيدة".

وفي أول عام له في سوق التداول المحلية، تراجعت أرباح عملاق النفط السعودي أرامكو مقارنة بالعام الماضي.
وأعلنت الشركة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي انخفاض أرباحها بنسبة 44.6% في الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وأفادت أرامكو بانخفاض مطرد في الأرباح الفصلية منذ أن بدأت الإفصاح عن أرباحها العام الماضي، مما يراكم الضغوط على الحكومة الساعية لتنفيذ مشاريع طموحة بمليارات الدولارات لتنويع الاقتصاد.
وكانت أرامكو أُدرجت في البورصة السعودية في ديسمبر/ كانون الأول 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.
وتعهدت الشركة قبل الاكتتاب دفع أرباح بقيمة 75 مليار دولار عام 2020.
ويقول خبراء اقتصاديون إن السعودية بحاجة إلى سعر خام يبلغ حوالى 80 دولارًا للبرميل لتحقيق توازن في موازنتها، وهو معدل أعلى بكثير من السعر الحالي البالغ حوالى 50 دولارًا.

المساهمون