السعودية تراهن على قطاع الضيافة بعد قفزة الإيرادات

06 مايو 2023
ينتشر في السعودية أكثر من 50 ألف مطعم (Getty)
+ الخط -

سلط إنفاق السعوديين أكثر من 162.58 مليار ريال (43.3 مليار دولار) في المطاعم والمقاهي خلال عام 2022 الضوء على التنامي الكبير لقطاع الضيافة ووزنه النسبي في مجمل اقتصاد المملكة، الذي يتجه بقوة نحو تنويع مصادر الإيرادات بعيداً عن أحادية الاعتماد على النفط. 

وبحسب بيانات حكومية، فإن قطاعي "الطعام والشراب" و"المطاعم والمقاهي" في المرتبتين الأولى والثانية من حيث المبيعات في المملكة، وإن كليهما يمثل قطاع الضيافة المرتبط بالصعود الكبير لنشاط السياحة الداخلية والخارجية.

وتسعى المملكة إلى جعل السياحة أحد أكبر مشغلي الأيدي العاملة؛ بهدف تقليص معدل البطالة إلى ما بين 7% و4% خلال 7 سنوات، حسب ما أوردت رؤية "السعودية 2030" الاستراتيجية، التي أعلنها ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان عام 2016.

ووفقاً لمستهدفات الحكومة السعودية، فإن القطاع يتهيأ ليصبح أحد المصادر الرئيسية للاقتصاد المتنوع في المملكة، بدعم من الاستثمارات الضخمة في الترفيه والبنية التحتية.

وبلغت نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي بالسعودية 4% بنهاية العام الماضي 2022، مقارنة بنحو 3% في عام 2019، فيما تستهدف حكومة المملكة رفع تلك النسبة إلى 10% بحلول العام 2030.

وحال تحقق هذا الهدف، فإن موازنة السعودية ستنتعش برافد مالي يضخ من 70 إلى 80 مليار دولار في الاقتصاد بحلول العام 2030، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن وزير السياحة، أحمد عقيل الخطيب.

قفزات كمية ونوعية 

ويصف الخبير الاقتصادي السعودي، سليمان العساف، قطاع الضيافة في المملكة بأنه "كبير جداً وينمو بسرعة"، مشيراً إلى أنه شهد قفزات كمية ونوعية خلال الفترة الماضية، حسب ما صرح لـ"العربي الجديد". 

ويلفت العساف إلى أن عدة أسباب تقف وراء هذه القفزات، منها "تغير الذائقة لدى كثير من الناس" في السعودية، خاصة جيل الشباب الذي يمثل نسبة الأكثرية في المجتمع.
ولذا ازدهرت الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالسياحة، وما يتعلق بها من شركات ومطاعم وخدمات، بحسب العساف. 

ويشير الاقتصاد السعودي إلى أن شركات الخدمات الفندقية والضيافة قامت بافتتاح فروع في المملكة، وجذبت العديد من الاستثمارات الأجنبية والخبرات العالمية إليها.
 ويتوقع العساف أن يزداد عدد شركات قطاع الضيافة في السعودية بشكل كبير خلال الفترة القادمة، خصوصاً بعد نجاح كثير من المطاعم العالمية في الأسواق السعودية، عبر مشاركتها في المهرجانات أو في المناطق الاحتفالية.

استثمارات الصندوق السيادي 

والاستثمار في قطاع الضيافة السعودي ليس قاصراً على الشركات الأجنبية، إذ يستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي) في القطاع، داخل المملكة وخارجها، بقوة، بهدف تعزيز السياحة في المملكة وتحديث اقتصادها بعيداً عن الاعتماد الأحادي على عائدات النفط. 

ففي العام الماضي، استثمر الصندوق 50 مليون دولار في "هابيتاس"، وهي شركة مشغلة للمساكن التي تركز على الاستدامة، إلى جانب "إيه أند كيه ترافل غروب"، وضخ 900 مليون دولار في دعم التوسع العالمي لـ"مجموعة أمان".

وفي مارس/آذار الماضي، أجرى الصندوق محادثات لشراء حصة في "روكو فورتيه هوتيلز"، قد تُقدّر قيمة مجموعة الفنادق الفاخرة بنحو 1.3 مليار يورو (1.4 مليار دولار)، حسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر مطلعة على الصفقة. 

وتدير "روكو فورتيه هوتيلز" أكثر من 10 فنادق ومنتجعات وفيلات فاخرة، منها "براونز" في لندن و"ذا بالمورال" في إدنبره و"أوتيل دي راسي" في روما، بالإضافة إلى سلسلة من المطاعم الفاخرة. 

وداخلياً، وجهت الحكومة السعودية صندوق التنمية السياحي، في أغسطس/ آب الماضي، لإجراء تفاهمات مع شركة محلية لمنح 45 ألف منشأة صغيرة ومتناهية الصغر، في قطاع المطاعم والمقاهي، تسهيلات تمويلية واستثمارية.

وينتشر في السعودية أكثر من 50 ألف مطعم، ونحو 100 شركة تعمل في مجال تقديم المنتجات الغذائية الجاهزة، بحسب بيانات وزارة الاستثمار. 

مواصلة طفرة النمو 

وإزاء ذلك، يرى المستشار الاقتصادي والخبير المالي، هاشم الفحماوي، أن السعودية في طريقها لمواصلة طفرتها الاقتصادية التي حققتها بأسرع نمو في العالم خلال عامي 2021 و2022، بنسبة بلغت 8.7%، وهي أعلى نسبة في منطقة الشرق الأوسط، حسب ما صرح للعربي الجديد. 

ويشير الفحماوي إلى مؤشرات "ثورة عقارية" تجرى حالياً في السعودية وتصب في دعم قطاع السياحة، سواء عبر إسناد قطاع الضيافة أو عبر طرح العقارات لتملك الأجانب.

ويلقت الخبير المالي، في هذا الصدد، إلى ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي لدى السعوديين نتيجة الصعود الاقتصادي خلال الأعوام الماضية، وهي مؤشرات من شأنها جميعاً أن تساهم في تعزيز قطاع السياحة والقطاعات الرافدة له، وعلى رأسها قطاع الضيافة. 

المساهمون