استمع إلى الملخص
- **توطين التكنولوجيا والطاقة النظيفة**: يركز على تصنيع ألواح الطاقة الشمسية من الجيل الخامس، تقليل تكلفة إنتاج الكهرباء، وتعزيز قطاعي التعدين والصناعات التحويلية لتحقيق هوامش ربح أعلى.
- **الزراعة الذكية والابتكار**: يستخدم تقنيات متقدمة مثل الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار لتحسين استخدام الأراضي، التخطيط العمراني، ودعم السياحة البيئية، مع التركيز على الابتكار في الذكاء الاصطناعي.
في قلب الرياض، وقف خالد السعيد، المهندس بإحدى الشركات الناشئة، والمتخصصة في تقنيات الطاقة الشمسية، معبراً عن تفاؤل وطموح كبيرين، على أثر بدء ظهور ثمار مشروع "المسبار الجغرافي"، ما فتح آفاقاً واسعة لفرص استثمارية عديدة وفق إفادته لـ "العربي الجديد". ويعود تفاؤل السعيد إلى تعزيز مؤشرات الواقع لما تضمنه تقرير نشرته وزارة الطاقة السعودية، في مارس/آذار، بشأن خطط المملكة لزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 50% بحلول عام 2030.
"نحن نعيش في عصر التحول".. هكذا قال السعيد بحماس، مضيفاً: "شركتنا جزء من هذا التغيير الكبير الذي يشكل مستقبل المملكة". وحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد"، فإن "المسبار الجغرافي" بات أحد المشاريع الرائدة التي تسعى المملكة من خلالها إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة أن دراسة أجرتها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، في إبريل/نيسان الماضي، أكدت أن تطبيق تقنيات المسح الجغرافي المتقدمة يمكن أن يزيد من كفاءة استخدام المياه في الزراعة بنسبة تصل إلى 30%.
ومن شأن ذلك أن يعزز الأمن الغذائي والمائي للسعودية على المدى الطويل، ما يفتح الباب واسعاً أمام المستثمرين والشركات للمساهمة في هذا التحول الاقتصادي والبيئي الكبير، بحسب إفادة الخبيرين.
توطين التكنولوجيا في السعودية
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، وضاح طه، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن المملكة العربية السعودية تشهد نشاطاً ملحوظاً في تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، معتبراً أن هذا التوجه يهدف أساساً إلى تقليل الاعتماد على الثروة الهيدروكربونية وزيادة مساهمة القطاعات الأخرى في الاقتصاد السعودي.
ويؤكد طه أهمية الإشارة إلى أن جزءاً من كفاءة الأداء يتعلق بترشيد الاستهلاك المحلي للطاقة، سواء النفط أو الغاز، ويرى أن أحد أهم أوجه الاستثمار في القطاع الخاص هو توطين صناعات الطاقة النظيفة، خاصة الطاقة الشمسية. ويقترح طه، في هذا الصدد، توطين تكنولوجيا تصنيع ألواح الطاقة الشمسية من الجيل الخامس في المملكة، بما يساعد في تسريع الاعتماد على الطاقة النظيفة وتقليل تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.
ويشدد الخبير الاقتصادي على أهمية التكامل في مراحل التطوير، بحيث لا تقتصر العملية على الاستيراد فقط، بل تشمل تطوير الأداء داخلياً من خلال مراكز الأبحاث والبدء بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في صناعة الألواح الشمسية. وفي السياق، يلفت طه الانتباه إلى أهمية قطاع التعدين في السعودية، مشيراً إلى وجود معادن مهمة اكتشفت عبر المسح الجيولوجي، ويتوقع أن تنشأ صناعات متعلقة بها، ليس بالاستخراج فقط، وإنما أيضاً بعمليات التصنيع، وهو ما يعرف بالصناعات التحويلية.
ويؤكد طه أن الصناعات التي تعتمد على مواد خام مستخرجة من المملكة ستحقق هوامش ربح أعلى في المراحل التي تلي عملية الاستخراج، ما يخلق فائدة أكبر وربحية أعلى في هذه المجالات، مشيراً إلى أهمية المجالات الخدمية، خاصة في قطاعات السياحة والفندقة والطيران، معتبراً إياها قطاعاً ثالثاً مهماً.
كما يلفت طه إلى أهمية قطاع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مقترحاً بدء شراكات استراتيجية من خلال أداء مبدع لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، إذ يرى إمكانية توطين هذه التقنيات تدريجياً، والبدء بمرحلة مبكرة، خاصة أن نسبة الاستعداد في مؤشر الذكاء الاصطناعي في السعودية تعتبر جيدة.
الزراعة الذكية
وفي السياق، يشير عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان، بيار الخوري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن مشروع المسبار الجغرافي يهدف إلى تحسين فرص استخدام الأراضي السعودية والأفضليات الجغرافية، ويعتمد العمل مع الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار لكشف المنحنيات والطبيعة الجغرافية لكل مناطق المملكة. ويندرج هذا المشروع الرائد ضمن الجيل الجديد من التكنولوجيا في التعامل مع العوائق الجغرافية وإمكانية استخدامها لتحسين ظروف الحياة وتعزيز الإنتاج، بحسب الخوري، مضيفاً أن هذا يتحقق من خلال تحسين التخطيط العمراني للمدن والمناطق المختلفة، وإدارة الموارد الطبيعية كالمياه والمعادن بشكل أفضل.
كما يسهم المشروع في تطوير "الزراعة الذكية" من حيث طرق الري ونوعية المزروعات في كل منطقة، ويدعم السياحة البيئية من خلال تحديد الأفضليات السياحية وتلبية متطلبات الوجهات السياحية، ويعزز الأمن البيئي للحفاظ على الموارد على المدى الطويل، إضافة إلى تحسين البنية التحتية بمختلف أشكالها، حسب ما يرى الخوري.
وفي ما يتعلق بمنافع المشروع والفرص الاستثمارية التي يفتحها، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن المشروع يهدف أساساً إلى رفع كفاءة استخدام الموارد من خلال تقليل الهدر والحفاظ عليها على المدى الطويل، كما يسعى إلى تحسين جودة الحياة عبر التخطيط لبنية تحتية ملائمة، وهو ما يشكل جزءاً أساسياً من توجه الاستثمارات في الدول النفطية. وفي سياق تعزيز الاقتصاد، يوضح الخوري أن هناك فرصاً استثمارية واسعة في قطاعات مثل الزراعة والسياحة والتكنولوجيا.