بالتزامن مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتزايد المؤشرات لإطالة أمدها، سجلت مبيعات السيارات الجديدة في روسيا أكبر انهيار منذ إبريل/ نيسان 2020 الذي شهد ذروة إجراءات الإغلاق الكلي على خلفية بدء تمدد جائحة فيروس كورونا.
لكن هذه المرة يعود هذا التراجع الهائل إلى إعلان عدد من الشركات العالمية المصنعة للسيارات، بما فيها "مرسيدس" و"بي إم دبليو" و"جنرال موتورز" وغيرها، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار جراء انهيار سعر صرف الروبل إلى أدنى مستوى تاريخياً عند بدء العملية العسكرية، قبل أن يعود بحلول اليوم إلى مستوياته ما قبل الحرب.
وتشير بيانات جمعية الأعمال الأوروبية إلى تراجع مبيعات السيارات الأميركية والأوروبية واليابانية في السوق الروسية بنسبة تزيد عن 60% في مارس/ آذار الماضي، مرجعة ذلك إلى انعدام إمدادات السيارات الجديدة وارتفاع الأسعار.
وأوضحت جمعية الأعمال في بيان أوردته وسائل إعلام روسية هذا الأسبوع، أن مبيعات السيارات الخفيفة والتجارية الجديدة تراجعت في مارس/ آذار بنسبة 62.9% مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي إلى 55129 سيارة.
وهذا أفضل بقليل من معدلات إبريل/ نيسان 2020، حين كان عدد المصابين بكورونا في روسيا في ارتفاع. وبحسب بيانات الجمعية ذاتها، سجلت سوق السيارات الروسية انهياراً بنسبة 72.4%، إذ لم يتمكن الموزعون من بيع سوى 38922 سيارة. وكان هذا التراجع هو الأكبر في تاريخ رصد الجمعية.
ومبيعات السيارات الأميركية والأوروبية واليابانية شبه توقفت في مارس/ آذار بسبب انعدام الإمدادات الجديدة، بينما ارتفعت الأسعار في معارض السيارات بمقدار أضعاف.
وفي هذا الإطار، يتوقع مدير وكالة "أفتوستات" الروسية لتحليل سوق السيارات سيرغي تسيليكوف تراجعا لسوق السيارات الروسية بنسبة لا تقل عن الثلث في السنة الحالية في أحسن الأحوال، بعدما حلت سوق السيارات في روسيا في المرتبة الـ11 عالميا في العام الماضي.
ويقول تسيليكوف لـ"العربي الجديد": "في عام 2021 جرى بيع 1.54 مليون سيارة خفيفة جديدة بزيادة نسبتها 3% مقارنة مع عام 2020. ومن حيث القيمة المالية، أنفق الروس نحو 3 تريليونات روبل (أكثر من 40 مليار دولار حسب سعر الصرف السائد آنذاك)، بزيادة 22% تقريبا مقارنة مع عام 2020".
ويتوقع تسيليكوف تراجع مبيعات وسائل النقل الجديدة بنسبة 21% خلال الربع الأول من العام الجاري، مستشهدا بتقديرات "أفتوستات"، التي تتوقع تراجع مبيعات السيارات بنسبة 35% في العام الحالي بأكمله في حال تحقق سيناريو متفائل أو حتى أسوأ من ذلك، حسب تطورات العملية العسكرية في أوكرانيا وتداعياتها.
وأرجع خبراء المنصة التجارية "بنك أفتو" هذا الانهيار غير المسبوق إلى عدد من الأسباب، بما فيها انعدام رغبة الموزعين في بيع السيارات حتى في حال وجود احتياطات بالمخازن للعديد من الأطرزة، لأنه ليست هناك بيانات عن الإمدادات اللاحقة من مصنعي السيارات.
وفي هذه الظروف، حددت معارض بيع السيارات أسعاراً تشمل هوامش ربح مبالغ فيها تراوحت بين 30% و70% فوق الأسعار الطبيعية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة على قروض السيارات بعد إقدام المصرف المركزي الروسي على رفع سعر الفائدة الأساسية من 9.5% إلى 20% دفعة واحدة في نهاية فبراير/ شباط الماضي، وهي عوامل أدت مجتمعة إلى تراجع حاد للطلب لم تسلم منه حتى سيارات "لادا" الوطنية الروسية، مسجلة تراجعا في المبيعات بنسبة 64%.
وإلى جانب السيارات، قد تواجه السوق الروسية نقصاً في الإطارات، في ظل تزامن موسم استبدال الإطارات الشتوية بأخرى صيفية في السنة الحالية مع إعلان عدد من المصنعين الأجانب عن تعليق أعمالهم في روسيا.
وتشير بيانات أوردتها صحيفة "كوميرسانت" الروسية، أمس الخميس، إلى أن احتياطات إطارات السيارات الخفيفة في روسيا بلغت نحو 61 مليون قطعة. ومع ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن هذه الاحتياطات ستكفي لمدة تراوح ما بين 11 و17 شهراً في حال بقاء الطلب عند مستوى عام 2021.
ولما كان تهاوي الروبل قد أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، لم تسلم مبيعات الهواتف الذكية هي الأخرى من التراجع بمقدار الضعف من 744 ألف قطعة أسبوعياً في منتصف فبراير/ شباط الماضي، إلى نحو 380 ألف قطعة في منتصف مارس/ آذار الماضي، بعد ارتفاع أسعارها بنسب تراوحت بين 30% و50%، وسط تساؤلات عما إذا كانت الأسعار ستعود إلى مستوياتها السابقة بعد تعافي الروبل.