- يواجه المزارعون تحديات مثل الحاجة إلى الري المشبع وارتفاع تكاليف الأسمدة والمياه، بالإضافة إلى الأمراض الفطرية والحشرية، لكن أشجار الرمان تظل قادرة على تحمل الظروف الصعبة.
- يعاني المزارعون من انخفاض أسعار الرمان محلياً، مما يدفعهم لتخزين الإنتاج في البرادات، مع اقتصار الصادرات على كميات محدودة إلى العراق، وسط نقص الدعم الكافي.
يشهد موسم قطاف الرمان في سورية تحسناً نسبياً هذا العام، رغم الحرب، والظروف البيئية والخدمية الصعبة التي رافقت هذا الموسم في بعض المناطق، لكنّ المزارعين ينتظرون فتح التصدير لجني ثماره.
وتشير التقديرات الأولية إلى ارتفاع معدل إنتاج الموسم الحالي 2024 عن السنوات القليلة الماضية ليلامس حد 100 ألف طن، بعدما كان في الموسم الماضي 88 ألفاً والذي سبقه 75 ألف طن. ويتوزع معظم الإنتاج بين مناطق ريفي حلب وإدلب ومحافظات درعا واللاذقية وطرطوس، فيما يوجد بنسب قليلة في باقي المحافظات السورية. (الدولار= 14650 ليرة).
أحد المزارعين في مناطق الشمال السوري تحدث لـ"العربي الجديد" عن تميز شجرة الرمان وقدرتها على تحمل الظروف البيئية، مشيراً إلى الظرف الاستثنائي الذي مرّت به الأشجار المثمرة والمزارعون، بعد الزلزال الذي أصاب المنطقة مطلع العام الفائت، والإهمال الذي طاول الزراعة على أثره، مؤكداً أن أشجار الرمان استطاعت أن تتميز عن باقي الأنواع من الأشجار المثمرة وتحافظ على الحد المقبول من الإنتاج رغم الإهمال الذي طاولها، مبيناً حاجة أشجار الرمان للري المشبع كل 15 يوماً في أشهر الجفاف.
وقال المزارع محمد البقاعي من ريف درعا الغربي لـ"العربي الجديد"، واصفاً ثمار حقل الرمّان باللآلئ المشعة في ساعات الصباح الباكر: "إننا ننتظر موسم قطاف الرمان الذي يبدأ مع بداية شهر أكتوبر ويستمر لمنتصف نوفمبر، على أمل أن يحقق لنا هذا الإنتاج التكاليف والجهد المبذول من العناية والتعب خلال الموسم، ونتفاءل خيراً عندما نجد أسعار المبيع المناسبة، أو عندما تفتح الحكومة باباً للتصدير".
ومنذ بداية القطاف في هذا الموسم، يتابع البقاعي، لاحظنا الزيادة النسبية في حجم الإنتاج عما سبق من مواسم، ولكن حتى الآن ما زالت أسعار المبيع في الأسواق المحلية دون المستوى المطلوب، والتصدير محدود وبكميات قليلة إلى دولة العراق، مشيراً إلى أن أسعار المبيع للصنف الأول بدأت بـ 12 ألف ليرة للكيلو غرام الواحد، وتراجعت لأقل من سبعة آلاف ليرة، ويبلغ حالياً سعر المبيع للمستهلك دون تسعة آلاف ليرة.
ومن المعروف أن المزارع السوري اهتم بزراعة نوعين من أنواع الرمّان في السورية، الأحمر الفرنسي، والأبيض البلدي، لتميزهما بجودة في الطعم والحجم وإمكانية مقاومة العوامل الطبيعية والتبدلات المناخية. وفي نفس الوقت يحتاج إلى عناية تشبه إلى حد ما العناية بأشجار الزيتون.
وفي هذا الصدد، يقول المهندس الزراعي ماهر الشبلي لـ"العربي الجديد": "يحتاج شجر الرمان للري المشبع كل 15 يوماً في فصل الصيف وفي سنوات الجفاف ليحافظ على ثماره من التشقق الذي يصيب نسبة كبيرة من الإنتاج سنوياً، ويؤدي لخسائر. وفي نفس الوقت تحتاج الشجرة للأسمدة في كل موسم تقريباً أهمها الكالسيوم والبوتاسيوم من أجل تقوية القشرة ومنع التشققات. وكل هذا له تكاليف كبيرة مع ارتفاع أسعار الأسمدة وشح المياه، حيث يلجأ العديد من المزارعين لنقل المياه من الآبار القريبة، وأحياناً نقلها بصهاريج المياه، ناهيك عن بعض الأمراض الفطرية والحشرية التي تصيب الساق والأوراق قبل وأثناء الحمل والتكاليف الإضافية على المزارع".
وأشار الشبلي إلى أن معظم حقول الرمان في سورية تعتاش على السقاية والري بطرق التنقيط أو المباشر، بينما تقدر وزارة الزراعة كمية الاشجار البعلية بحوالي 20% من الأشجار المروية.
بدوره، المزارع باسل الأسعد من محافظة طرطوس يقول لـ"العربي الجديد": "كلما استبشرنا خيراً بزيادة إنتاج الرمان، وجدنا أن التكاليف زادت عاماً بعد عام وخلصنا إلى نفس النتائج، فقد تضاعفت تكاليف جر المياه من الآبار نتيجة الانقطاع شبه المستمر للتيار الكهربائي وارتفاع أسعار الوقود البديل لتشغيل مضخات المياه، وهذا الارتفاع طاول أجور الحراثة والتقليم والرش والنقل بشكل كبير، وكذلك أجور عمال القطاف فقد ارتفعت يومية العامل حوالي 25 ألف ليرة لتتراوح بين 50 و60 ألف ليرة هذا الموسم".
وهذا بمجمله، بحسب الأسعد، "زاد من أعباء المزارع، في الوقت الذي تقنن فيه الجمعيات الفلاحية ومديرية الزراعة المستحقات من الوقود والأسمدة. فنحن نسعى جاهدين في ظل هذا الظرف السوري السيئ للحد من البطالة وللاكتفاء الذاتي، ولكن لا نجد بالمقابل الدعم والمساعدة المنشودة إلا عبر وسائل الإعلام".
واستغرب الأسعد أن تحافظ بعض الثمار على أسعار مرتفعة طوال الموسم بينما يتراجع سعر الرمّان إلى ما دون النصف علماً أن موسمه الطبيعي لا يتجاوز الشهرين.
وكان عضو مجلس مصدري الخضار والفواكه محمد عقاد قد صرح قبل يومين بأن مجمل ما تصدره الحكومة من الخضار والفواكه هو 20 براداً يومياً، وإلى دولة العراق حصرياً، والصادرات تركزت بالدرجة الأولى على العنب والرمّان، بينما يلجأ المزارعون إلى حفظ كميات كبيرة من إنتاجهم في البرادات من أجل الحفاظ على أسعار مرتفعة نسبياً.
وهذا ما أكده أحد مزارعي الرمان لـ"العربي الجديد"، حيث يذهب جزء كبير من الإنتاج إلى مراكز التبريد، بينما يُبقي المزارعون كميات في الشجر كي يزيد الاستواء وتخصص للعصير، وكل هذا يتوقف على أسعار المبيع. فالمزارع يستقصي يومياً أسعار السوق ويقرر على أثرها القطاف والوجهة.