استمع إلى الملخص
- التحديات التي تواجه الصين والاقتصادات الآسيوية: تهديدات بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصادات الآسيوية المترابطة، مع زيادة خطر تدفقات رأس المال إلى الخارج.
- استراتيجيات البنوك المركزية الآسيوية: تسعى لتحقيق توازن دقيق، مع احتياطيات وفيرة للتدخل في العملات، وتخفيض متوقع لأسعار الفائدة باستثناء اليابان التي قد ترفعها بسبب هبوط الين.
منذ إعلان فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية، لم يتوقف صدور التقارير التي تعدد مخاطر ما وعد به الرئيس المنتخب دونالد ترامب من سياسات على الاقتصادات الآسيوية، والتي لا يمكن حصرها في ما ينتج عن فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية، وفقاً لما كتبته "وول ستريت جورنال" اليوم الأربعاء.
وتنذر سياسات ترامب الموعودة باندلاع حرب تجارية وشيكة، ما قد يسبب العديد من المشكلات لاقتصادات العالم، وفي مقدمتها أغلب اقتصادات آسيا، خاصة مع ما يتوقع أن يضاف إلى ذلك من تأثيرات سلبية لقوة الدولار المتزايدة، على بلدان القارة الصفراء.
وارتفعت أسهم الدولار منذ إعادة انتخاب ترامب بدرجة ملحوظة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى اقتراحاته بفرض تعريفات جمركية ضخمة، وخفض الضرائب، وتشديد سياسات الهجرة، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم. وسيضطر بنك الاحتياط الفيدرالي في هذه الحالة إلى الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وهو توقع يمكن استنتاجه من الزيادة الملحوظة في عوائد السندات، في تعاملات السوق الثانوية. وتجعل أسعار الفائدة المرتفعة العملة أكثر جاذبية، مما يسبب مشكلات خطيرة للبنوك المركزية في آسيا.
وبينما تظل الصين الهدف الرئيسي لسياسات ترامب وإدارته، مع تهديدات بفرض رسوم جمركية تتجاوز 60% على الواردات، فإن الأضرار الجانبية قد تمتد عبر الاقتصادات الآسيوية المترابطة. وأصبحت آسيا، باستثناء الصين، تعتمد بشكل متزايد على الطلب الأميركي، حيث ارتفعت نسبة صادراتها إلى الولايات المتحدة من 11.7% في أكتوبر/تشرين الأول 2018 إلى 14.7% حاليًا، وفقًا لتقرير مورغان ستانلي. ويعكس هذا التحول جزئيًا إعادة توجيه الصادرات الصينية عبر دول جنوب شرق آسيا.
وقد تخفف العملات الضعيفة مقارنة بالدولار من تأثير الرسوم الجمركية المتزايدة عن طريق جعل الصادرات أكثر تنافسية مقارنة بالسلع الأميركية، ولكن هذا قد يزيد من خطر تسريع تدفقات رأس المال إلى الخارج. وتمثل هذه المشكلة تحديًا خاصًا للصين، التي تعاني من تباطؤ اقتصادي بسبب انهيار سوق العقارات. وانخفض اليوان بحوالي 10% مقابل الدولار خلال الحرب التجارية الأخيرة في 2018 و2019، ولكن الرسوم الجمركية المقترحة هذه المرة أعلى بكثير، مما قد يتطلب هبوطًا أكبر للعملة الصينية.
ومن المحتمل أن تتخذ بكين نهجًا متزنًا، حيث تنتظر الإعلان عن التطبيق الفعلي لحزمة الرسوم الجمركية المنتظرة قبل اتخاذ قراراتها، كما تقول "وول ستريت جورنال". وقد تسمح بضعف طفيف في اليوان، لكن الانخفاض الحاد ربما لن يُسمح به، نظرًا لمخاطر هروب رؤوس الأموال من البلاد. أما بالنسبة لبقية الاقتصادات الآسيوية، فإن تدفقات رأس المال الخارجة قد لا تكون مصدر قلق كبير، لكن ضعف العملات سيزيد من الضغوط التضخمية، حيث سترتفع تكلفة السلع المستوردة، خاصة الطاقة والغذاء، وهو ما قد يحد من نطاق تخفيف السياسة النقدية في المنطقة.
وباستثناء اليابان، من المتوقع أن تخفض معظم الاقتصادات الآسيوية أسعار الفائدة العام المقبل. وحتى في اليابان، التي كانت آخر دولة تخرج من تجربة أسعار الفائدة السلبية، قد يؤدي هبوط الين إلى إجبار البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة أسرع مما يرغب.
يمتلك العديد من البنوك المركزية الآسيوية احتياطيات وفيرة من العملات الأجنبية، ما قد يمكنها من التدخل لمنع انخفاض سريع لعملاتها. ومع ذلك، ستظل رؤوس الأموال تتدفق خارج المنطقة إذا ظلت أسعار الفائدة الأميركية أعلى من نظيراتها الآسيوية. ووفقًا لمحللي بنك جي بي مورغان J.P. Morgan، انخفضت الأسهم الآسيوية باستثناء اليابان بمعدل 13% خلال فترات قوة الدولار، منذ عام 2008.
وبينما تستعد آسيا لعاصفة تجارية جديدة محتملة، تسعى البنوك المركزية في المنطقة لتحقيق توازن دقيق وخطير في إدارتها للأزمة.