محملا بأجندة اقتصادية أساساً، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى روما، اليوم الأربعاء، في إطار زيارة دولة إلى إيطاليا تدوم 3 أيام بدعوة من نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، واستقبله في المطار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ليوناردو دا فنشي.
#هام
— Algerian Presidency رئاسة الجمهورية الجزائرية (@AlgPresidency) May 25, 2022
السيد لويجي دي مايو وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية إيطاليا، وسفراء عرب وأفارقة في العاصمة روما، يستقبلون السيد الرئيس بالمطار الدولي فيوميتشينو ليوناردو دا فينشي. pic.twitter.com/379zo1rIvU
ووصفت الرئاسة الجزائرية الزيارة بأنها "تكتسي أهمية خاصة في تمتين أواصر الصداقة التاريخية، وتعزيز العلاقات الثنائية، في عديد المجالات، وبخاصة الجانب الاقتصادي، ضمن رؤية جديدة للرئيسين، تهدف إلى بعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الاستراتيجي، بين البلدين الجارين والصديقين"، حيث يرافق الرئيس الجزائري وزراء الطاقة والصناعة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المتوسطة.
وتسعى الجزائر إلى المزيد من استقطاب الاستثمارات الإيطالية إلى الجزائر، حيث تنشط في الجزائر 200 من الشركات والمؤسسات الإيطالية، في قطاعات الأشغال العمومية الكبرى والصناعة. ويعتزم الرئيس الجزائري تقديم عرض أمام رؤساء الشركات وكبار المستثمرين الإيطاليين عن قانون الاستثمار الجزائري الجديد الذي أقره مجلس الوزراء في 19 مايو/أيار الجاري، والذي يتضمن تسهيلات كبيرة لصالح المستثمرين، وامتيازات جبائية وتيسيرا للإجراءات البيروقراطية.
وتعد الجزائر الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة لإيطاليا في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويشير تقرير رسمي نشرته وزارة التجارة الجزائرية إلى أن التبادل التجاري بلغت قيمته 8.5 مليارات دولار سنة 2021، مسجلاً ارتفاعاً كبيراً مقارنة بسنة 2020 حيث ناهز 6 مليارات دولار.
ومن إجمالي تبادلات العام 2021، بلغت صادرات الجزائر 6.24 مليارات دولار، معظمها ثمن محروقات، في حين بلغت وارداتها من إيطاليا 2.26 مليار دولار، وتشمل أساسا الماكينات والمواد البترولية المكررة والكيميائية والحديدية.
وتسيطر الجزائر على سوق يربط أنبوب الغاز العابر للبحر المتوسط (ترانسماد) بين الجزائر وإيطاليا، والذي يربط البلدين منذ سنة 1983 مرورا بتونس، ويمتلك قدرة إمداد تبلغ 33.15 مليار متر مكعب في السنة.
وسمح هذا الأنبوب للجزائر بتصدير 14.8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا سنة 2020، بزيادة 12% مقارنة بسنة 2019، ما سمح للجزائر بأن تصنف كثاني مورد للسوق الإيطالية بحصة تناهز 22%.
▶️ #الجزائر🇩🇿 - #ايطاليا 🇮🇹 : علاقات اقتصادية في تطور مستمر pic.twitter.com/b0k3mTjmJn
— ALGÉRIE PRESSE SERVICE | وكالة الأنباء الجزائرية (@APS_Algerie) May 25, 2022
ووفقا للاتفاق الموقع في 11 إبريل/نيسان المنصرم بين "سوناطراك" و"إيني"، سترتفع كميات الغاز المصدرة لهذا البلد إلى 9 مليارات متر مكعب سنويا ابتداء من العام 2023.
وأنجزت الشركتان معا اكتشافات مهمة للنفط الخام في جنوب الجزائر، وتقدم على أنها للشراكة القوية، خاصة مع توجه الجزائر نحو الاستفادة من التجربة الإيطالية في الانتقال الطاقوي وتطوير مشاريع في الطاقة الشمسية (الكهروضوئية) والهيدروجين والوقود الحيوي وغيرها من موارد الطاقات المتجددة.
كما تتطلع الجزائر إلى الاستفادة من التجربة الإيطالية في مجالات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبناء السفن والصناعة الصيدلانية، إذ كان الرئيس الجزائري قد كلف قبل أشهر وفدا من الحكومة لزيارة إيطاليا للاطلاع على تجربة المؤسسات الناشئة والصغيرة في مختلف المجالات، والاستفادة منها.
وبرأي عدد من المحللين الاقتصاديين، فإن انحياز الجزائر في الفترة الأخيرة إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع إيطاليا له اعتبارات سياسية، لكنه يرتكز أيضا على خيار اقتصادي لكون طبيعة الاقتصاد الجزائري ومشكلاته تقترب من النموذج الإيطالي، وهو ما عبر عنه الرئيس عبد المجيد تبون، حين أكد أن النموذج الاقتصادي الإيطالي أقرب إلى الاقتصاد الجزائري مقارنة مع الاقتصاد الفرنسي.
وقال المحلل الاقتصادي الجزائري سليمان ناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المقاربة الاقتصادية للسلطة في الجزائر بدأت تميل نحو خيار بناء نسيج من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاعتماد على الاقتصاد الرقمي، وهو اقتصاد المقاولاتية الذي يعتمد على المبادرة الحرة، والجزائر تعتبر أن الاقتصاد الإيطالي هو أكثر الاقتصادات التي تشكلت على هذا النموذج، لذلك تبدو رغبة الجزائر في الاقتراب من الاقتصاد الإيطالي أكثر من غيره".