توصل الاتحاد الأوروبي، بصعوبة بالغة، إلى قواعد لتنظيم الذكاء الاصطناعي، والمضي قدما في سن نظام لأنشطة الشركات، بعدما أبدى الكثير منها اعتراضها على القيود الأوروبية على التقنيات المتطورة في هذا المجال.
وقال تييري بريتون، رئيس السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي، في بيان أمس السبت، إن الاتفاق يحقق توازناً بين تعزيز الابتكار وحماية حقوق الأشخاص والشركات. وأضاف : "لقد أمضينا الكثير من الوقت في إيجاد التوازن الصحيح بين تحقيق أقصى استفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي لدعم إنفاذ القانون مع حماية الحقوق الأساسية لمواطنينا.. لا نريد أي مراقبة جماعية في أوروبا".
وبعد أكثر من 37 ساعة من المفاوضات، اتفق مندوبو المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي و27 دولة عضواً على مجموعة من الضوابط لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل تطبيق "تشات جي بي تي" المقدم من "أوبن إيه آي"، وتطبيق "براد" المقدم من "غوغل"، وهي تطبيقات قادرة على إنتاج المحتوى حسب الطلب.
وقال بريتون، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن المفاوضين اتفقوا على السماح ببعض تقنيات المسح المباشر للوجوه، لكن مع ضمانات واستثناءات. سيحظر الاتفاق المسح البيومتري، الذي يصنف الأشخاص حسب خصائص حساسة، مثل المعتقدات السياسية أو الدينية أو التوجه الجنسي أو العرق. وقال مسؤولون إن هذه كانت واحدة من أصعب القضايا وأكثرها حساسية في المحادثات.
ومن شأن التشريع المقترح أن يفرض عقوبات مالية على الشركات التي تنتهك القواعد، بغرامات تصل إلى 35 مليون يورو، أو 7% من حجم الأعمال العالمية، اعتماداً على الانتهاك وحجم الشركة.
ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى موافقة رسمية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان، لكن الاتفاق يمثل خطوة حاسمة نحو سياسة الذكاء الاصطناعي التاريخية التي من شأنها (في غياب أي إجراء ذي معنى من قبل الكونغرس الأميركي) تحديد نغمة تنظيم التكنولوجيا سريعة التطور. ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى وضع أول حواجز حماية صارمة أمام الذكاء الاصطناعي خارج آسيا.
ولقد عمل صناع السياسات منذ أشهر على وضع اللمسات الأخيرة على صياغة قانون الذكاء الاصطناعي وإقراره قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو/حزيران المقبل، التي ستؤدي إلى تشكيل مفوضية وبرلمان جديدين، ما قد يفرض المزيد من التغييرات ويعرقل الجهود.
ناضل الاتحاد الأوروبي، مثل الحكومات الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لإيجاد توازن بين الحاجة إلى حماية شركاته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي في فرنسا وشركة "ألف ألفا" في ألمانيا، ضد المخاطر المجتمعية المحتملة.
كان ذلك بمثابة نقطة شائكة رئيسية في المفاوضات، حيث عارضت بعض الدول، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، القواعد التي قالت إنها ستعيق الشركات المحلية من دون داع. وقد أعربت الشركات الأوروبية عن قلقها من أن القواعد المفرطة التقييدية المفروضة على التكنولوجيا، والتي تتطور بسرعة واكتسبت المزيد من الاهتمام بعد تعميم "تشات جي بي تي"، سوف تعيق الابتكار، وفق صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
وفي يونيو/حزيران، قالت العشرات من أكبر الشركات الأوروبية، مثل "إيرباص" الفرنسية و"سيمنز" الألمانية، إن القواعد بصيغتها الحالية كانت صارمة للغاية بحيث لا يمكنها رعاية الابتكار ومساعدة الصناعات المحلية.