بعد ثلاث سنوات من تخفيض قيمة الدينار عام 2021 بنسبة 70 في المائة، وتراجع سعر الصرف من 1.4 إلى 4.48 دنانير للدولار، يتجه مَصْرِف ليبيا المركزي إلى تخفيض آخر عبر فرض ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي بنسبة 27 في المائة، مع استثناء الأجهزة الحكومية والسيادية، ما يهبط بالعملة إلى 6.15 دنانير للدولار.
وقال عضو اللجنة المالية في مجلس النواب الليبي عبد السلام نصية لـ "العربي الجديد" إن قرار مصرف ليبيا المركزي سيؤدي إلى وجود ثلاثة أسعار للدولار، الأول يطاول القطاع العام وهو 4.48 دنانير، وآخر للمواطنين والتجار بعد تطبيق الضريبة، وثالث هو سعر السوق الموازي، مؤكدًا أن القرار سيكون مصدرًا للفساد، بسبب تعدد أسعار الصرف.
وأوضح أن فرض رسوم على سعر الصرف يعد تحايلاً، فهو في الحقيقة عبارة عن تعديل سعر الصرف بطريقة غير مباشرة، وقال إن هنالك أطرافا تحاول استغلال الأزمة الاقتصادية في الصراع السياسي.
وتخوف المحلل الاقتصادي محمد أحمد من ارتفاع معدلات التضخم بعد فرض سعر الصرف الجديد. وقال لـ "العربي الجديد" إن هناك بدائل أخرى لمعالجة الطلب المتزايد على العملة، منها ترشيد الإنفاق العام الذي يذهب 56 في المائة منه لتمويل الرواتب، معتبراً أن فرض ضريبة إضافية على الدينار سوف يكون له نتائج وخيمة على المستوى المعيشي للأفراد.
تداعيات خفض الدينار الليبي
من جهته، رأى المحلل المالي إدريس الشريف أن خفض سعر الصرف إلى 6.15 دنانير للدولار ليس حلاً للأزمات، خاصة أن هذا الإجراء تمت تجربته في عام 2017 وأثبت فشله، ومن الخطأ أن نكرر نفس التجربة ونتوقع نتائج مختلفة. وقال في تصريحات لـ "العربي الجديد" إنه يجب معالجة أسباب تراجع الإيرادات والتوسع في الإنفاق، وعدم معالجة الأزمة بخلق أزمة أخرى.
إلا أن المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي أكد أن خيارات مصرف ليبيا المركزي محدودة مع زيادة الطلب على النقد الأجنبي، وقال لـ "العربي الجديد" إن الطلب المتوقع على النقد الأجنبي لعام 2024 بقيمة 36 مليار دولار مع إيرادات نفطية بـ 24 مليار دولار تقريبًا، وهناك عجز في ميزان المدفوعات بقيمة 10 مليارات دولار.
وأوضح أن مصرف ليبيا المركزي يسعى للمحافظة على احتياطيات النقد الأجنبي البالغة 82 مليار دولار وسط عدم وجود سياسية مالية وتجارية ونقدية موحدة. وسبق أن فرضت ليبيا رسوما على مبيعات النقد الأجنبي خلال 2018 – 2020 عبر فرض رسم بنسبة 186 في المائة على سعر الصرف ثم خفضه إلى 163 في المائة، وبعدها تم تخفيض سعر الدينار إلى 4.8 دنانير.
ويأتي التخفيض الجديد بعد قفزات في سعر العملة في السوق الموازي لتصل إلى 7.3 و8 دنانير للدولار. وتعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بأن تسعى حكومته للحد من ارتفاع سعر الدولار وتخفيضه إلى أقل سعر ممكن أمام الدينار الليبي، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية كشفت شراء 200 مليون دولار في أسبوع واحد بالأموال المزورة.
واقترح محافظ مصرف ليبيا المركزي في خطابه لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في فبراير/ شباط الماضي، تعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، ليكون ما بين 5.95 و6.15 دنانير.