الدولار يعض تجارة "ميركوسور".. وجنوب أميركا تبحث عن عملة موحدة

27 يناير 2023
الرئيس البرازيلي دا سيلفا في زيارة إلى أوروغواي (Getty)
+ الخط -

أطلق رئيسا البرازيل والأرجنتين مناقشات حول إنشاء عملة موحدة لحل أزمة الدولارات التي تعرقل التجارة البينية في أميركا الجنوبية.ويرى محللون أن المشروع الذي فرضته قوة الدولار وأزمة الأرجنتين المالية هو بداية لحل مشكلة التسويات التجارية بين البلدين، وربما تنضم إليه لاحقاً دول السوق المشتركة في أميركا الجنوبية التي تعرف باللغة الإسبانية باسم "ميركوسور".

لكن حتى الآن لم تعلن خطط تفصيلية عن كيفية إنشاء العملة الموحدة وكيف ستعمل، وإن كان تحليل بصحيفة "واشنطن بوست" نشر أمس الخميس، قال إن "العملة الموحدة" لدول أميركا الجنوبية لن تكون مثل اليورو الذي حل محل العملات الوطنية كاللير الإيطالي والفرنك الفرنسي والمارك الألماني بالكامل.

وبحسب مراقبين فإن ما هو مطروح على الطاولة حتى الآن هو وحدة مشتركة للمعاملات التجارية، وهي جزء من استراتيجية أكبر من قبل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لتعزيز التجارة لبلاده واستعادة النفوذ التقليدي للبرازيل في المنطقة والذي تراجع تحت حكم سلفه جايير بولسونارو.

وبلغ حجم التجارة بين البلدين في الشهور الـ 11 الأولى من العام الماضي 26.419 مليار دولار.

ويرى محللون أن خطوة مشروع العملة المشتركة تأتي في وقت صعب مع وضع الكتلة التجارية الحالية للمنطقة "ميركوسور"، خاصة وأنها تطرح من قبل أحد شركائها المؤسسين وسط الضغوط التي تجدها الكتلة اللاتينية من واشنطن حول النفوذ المتزايد للصين في أميركا الجنوبية والتوترات السياسية العالمية.

وحسب تصريحات أدلى بها وزير المالية البرازيلي، فرناندو حداد يوم الأحد، فإن مفاوضات العملة نبعت من النقص الحاد في الدولارات الذي تعاني منه الأرجنتين، مما زاد العقبات التجارية بين البلدين. وأضاف الوزير، في التصريحات التي أدلى بها أثناء زيارة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا للأرجنتين: "البلدان يدرسان عدة خيارات، المشكلة الحقيقية تحديداً هي أزمة العملات الصعبة التي تعترض التجارة".

وبينما تتزايد الأزمة المالية للأرجنتين التي تعرضت لأزمة مالية حادة قبل عامين ولجأت لصندوق النقد الدولي لإنقاذها من الإفلاس يتواصل عدم الثقة في عملتها البيزو مع هروب العملات الصعبة من البلاد إلى الحسابات الأجنبية، حيث يحول أثرياء البلاد عشرات المليارات للخارج سنوياً.

ويواصل "البيزو" الانهيار منذ أكثر من عامين حيث وصل سعر الدولار في السوق الموازي، إلى 375 بينما الرسمي 190. وهذا التذبذب الحاد في السعر سبب ارتباكا للتجار البرازيليين الذين يصدرون بضائعهم للأرجنتين.

من جانبه قال المدير السابق بالبنك المركزي البرازيلي، توني فولبن في تعليقات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن نقص الدولارات يمثل مشكلة حقيقية في الأرجنتين، وهو ما دعا إلى إنشاء "اتحاد نقدي". وأضاف: "أعتقد أن الرئيسين يبحثان عن وسيلة لتنفيذ تسويات تجارية دون استخدام الدولار".

وكان الرئيسان لولا دا سيلفا والرئيس الأرجنتيني، ألبرتو فرنانديز، أعلنا عن نيتهما مناقشة "عملة أميركية جنوبية مشتركة" في رسالة مفتوحة نُشرت الأسبوع الماضي في صحيفة أرجنتينية. وكتبا أن الوحدة ستستخدم "في التسويات التجارية من أجل تقليل التكاليف التشغيلية وتقليل حاجتنا للدولار".

وجاء هذا الإعلان وسط قمة تجمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، عقدت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. وأوضح وزيرا المالية في كلا البلدين أنهما يفكران في "وسيلة مشتركة للدفع" لا تحل محل العملتين المحليتين وأنهما يرحبان بالشركاء التجاريين الآخرين مثل أوروغواي وباراغواي للانضمام.

لكن كيف ستعمل هذه الوحدة النقدية المقترحة؟

يقول محللون إنه من المتوقع أن تبدأ مجموعة عمل مع مسؤولين من البرازيل والأرجنتين مناقشات حول وحدة مشتركة يمكن استخدامها لتسوية المعاملات التجارية دون الاعتماد على الدولار. ويرون أنها جزء من خطة أوسع لتبسيط التجارة بين المصدرين البرازيليين والمستوردين الأرجنتينيين، الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى الدولار بسبب ضوابط رأس المال.

وحسب تحليل صحيفة "واشنطن بوست" أمس، لم يتم الإفصاح بعد عن تفاصيل خطط محددة بشأن كيفية عمل العملة الموحدة، ولكن ستتطلب المعاملات التجارية بين البلدين أن يكون الدولار بمثابة سعر مرجعي. وهذا يعني أنه لدفع ثمن البضائع البرازيلية التي يتم تصديرها إلى الأرجنتين يحتاج المستورد أولاً، إلى تحويل السعر من الريال البرازيلي إلى الدولار ثم يقوم البائع بتحويل هذه الدولارات إلى بيزو. ولكن هذا لا يضيف خطوة إضافية فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى تقلبات أكبر إذا تذبذب الدولار مقابل أي من العملتين.

وبدلاً من ذلك يقول التحليل إنه يمكن إنشاء قيمة وحدة حساب مشتركة مقابل "سلة" موحدة من العملات تهدف إلى إعطاء إحساس بمستويات الأسعار في البلدان المشاركة.

ومن شأن ذلك أن يجعل حساب السعر بعملة البلد المستورد خطوة واحدة بدلاً من عملية تتكون من خطوتين، ويمكن أن يقلل ذلك من التقلب من خلال ربط سعر الصرف بمجموعة من الأسعار، علاوة على عدم الحاجة إلى الدولارات للتوسط في العملية.

المساهمون