لم يعد قطاع الدواجن في اليمن يحقق معدلات مناسبة للاكتفاء الذاتي لكثير من الأسر اليمنية مع تغطية احتياجات الأسواق، فمع استمرار الحرب أصيب القطاع بانهيارات واسعة، وفقدت شريحة كبيرة من اليمنيين أحد أهم المصادر الغذائية التي كانت متاحة أمامهم. وتشهد الأسواق اليمنية ارتفاعا في أسعار الدواجن التي أصبحت بعيدة عن متناول نحو 60 في المائة من اليمنيين.
وقفز سعر الدجاجة إلى ما بين 2500 و3500 ريال، في حين لم يكن يزيد سعرها عن ألف ريال قبل الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من خمسة أعوام (الدولار يساوي 850 ريالاً). ووصل الأمر إلى تقاسم دجاجة واحدة بين عائلتين، إضافة إلى تخصيص يوم الجمعة من الأسبوع لشراء دجاجة للمقتدرين من المستهلكين.
وحسب بيانات حديثة صادرة عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات في وزارة الزراعة والري، بلغ إنتاج اليمن من اللحوم البيضاء خلال العام 2019 نحو 187.463 طنا وحوالي مليون و380 ألف بيضة. ويشكو تجار ومزارعون من ارتفاع تكاليف علف الدواجن، والذي يعتبرونه أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت باتجاه رفع أسعار الدواجن في اليمن، إذ زاد سعر طن الأعلاف من 155 ألفاً إلى 500 ألف ريال.
وقال حسن النواحي، مزارع دواجن، لـ"العربي الجديد" إن تكاليف الأعلاف تمثل مشقة كبيرة لهم كمزارعين للدواجن وصعوبات عديدة تندرج في إطار رعاية وعلاج وتغذية الدواجن، مؤكداً أن مزرعته التي تحتوي على أكثر من 200 ألف دجاجة تكلفه ما يقارب 14 طنا شهرياً من الأعلاف بما مقداره ثلاثة ملايين ريال.
أضاف النواحي أن الحصول على غذاء مناسب للدواجن بالاعتماد على بعض أصناف الحبوب بدرجة أساسية أصبحت عملية صعبة ومكلفة قد تزيد عن 80 في المائة من تكاليف الأعلاف والمواد المستوردة. وتتكون المواد الخام المستخدمة في تجهيز أعلاف الدواجن من الذرة الشامية والفول الصويا وبعض المرتكزات الأخرى، في ظل اعتماد كلي في اليمن على استيراد هذه الأعلاف والمكونات من الخارج.
ويقول متعاملون في هذه السوق إن أغلب هذه المواد المستوردة أصناف رديئة وغير مناسبة لتغذية الدواجن، ومعظمها عبارة عن ذرة "هندية" غير صالحة للاستخدام وقيمتها الغذائية غير مناسبه للنمو، إضافة إلى استيراد مواد مغشوشة مليئة بالسموم الفطرية، والتي تظل لفترة طويلة مخزنة لدى المستوردون، إذ يتعرض المزارعون بسببها لخسائر فادحة نتيجةً لارتفاع نسبة الوفيات بين الدجاج بمعدل 10 إلى 50 دجاجة في اليوم.
وتحتاج كل مزرعة دواجن، العاملة بشكل خاص بالمحافظات اليمنية التي تشهد انخفاضا كبيرا في درجة الحرارة في بعض المواسم مثل الشتاء، إلى التدفئة التي يقول ملاك مزارع إنها تكلفهم مبالغ إضافية تزيد عن أكثر من مليوني ريال شهرياً لشراء غاز التدفئة نتيجة ارتفاع أسعاره وصعوبة الحصول عليه.
وعلى وقع هذا التدهور بادرت اللجنة الزراعية والسمكية العليا في صنعاء إلى عقد اجتماع طارئ مع تجار وملاك مزارع الدواجن، لمناقشة مستجدات السوق المحلية والمعوقات والإشكاليات التي تواجه قطاع الدواجن، والمعالجات اللازمة لعملية التسويق وآلية النهوض بقطاع الدواجن كأحد مصادر الأمن الغذائي.
إضافة إلى إمكانية توفير ما هو متاح من احتياجات المستوردين من الإنتاج المحلي للدواجن، وتلبية احتياجات المستهلكين بأسعار مناسبة وسبل حمايتهم وتشجيع عملية التنافس بين المنتجين المحليين. مع ضرورة توجيه طاقة السوق المحلية لاستهلاك منتجات الدواجن المحلية بصورة تساعد على الحد من استيرادها، حفاظاً على صحة وسلامة المستهلكين ودعم وتطوير المنتج المحلي.
وحثت اللجنة التجار على الاكتفاء بنسبة ربح معقولة تتناسب وظروف وأوضاع المواطنين وقدرتهم الشرائية، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والاستفادة من الموارد المحلية من الحبوب ومشتقاتها كبدائل طبيعية للمنتجات المستوردة.
ويعد قطاع الدواجن من أهم القطاعات الحيوية والاقتصادية في اليمن، الذي يعاني بشكل ملحوظ من مجموعة من المشاكل والصعوبات التي تتطلب حلولا عاجلة تعمل على سد الفجوة المتوسعة بين المنتج والمستهلك، وبما يؤدي إلى تخفيض الأسعار بما يتناسب مع ظروف المستهلكين.
ورد حسام عبدالله، بائع دجاج، سبب البيع بأسعار مرتفعة إلى شرائها من تجار الجملة والمزارعين بأسعار عالية، الأمر الذي يؤدي إلى وضعهم بمواقف صعبة أمام المستهلكين خصوصاً محدودي الدخل.
وأوضح أنه كبائع ومعظم باعة الدواجن أمثاله يحرصون على وضع هامش ربح محدود لا يتعدى 300 ريال للدجاجة الواحدة، حرصاً منهم على استعادة زبائنهم من المستهلكين الذين اعتادوا عليهم ويتم فقدانهم كلما زاد سعر الدواجن.
وكشفت لجنة خاصة بحصر الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والنباتي والحيواني في اليمن بسبب الحرب والقصف، عن تدمير 122 مزرعة دواجن وفقاسات بيض ومعامل أعلاف، ونفوق حوالي 3 ملايين رأس من الأبقار والأغنام والماعز جراء استهداف طيران التحالف لها بشكل مباشر طوال سنوات الحرب.
وقدرت اللجنة خسائر القطاع الزراعي في اليمن بسبب الحرب والاستهداف المباشر وغير المباشر من قبل طيران التحالف خلال سنوات الحرب بحوالي 20 مليار دولار، منها 5 مليارات و200 مليون دولار خسائر الانتاج النباتي، ونحو 7 مليارات دولار خسائر قطاع الثروة الحيوانية، وحوالي 300 مليون دولار خسائر بسبب إغلاق المنافذ وتوقف التصدير، ونحو 1.2 مليار دولار خسائر المؤسسات والمزارع التعاونية والقوى العاملة في قطاع الزراعة.