الداخلية المصرية تتهم صفوان ثابت رسمياً بإحياء نشاط "الإخوان"

30 سبتمبر 2021
دانت منظمة العفو الدولية في بيان لها أمس الأول استمرار حبس صفوان ثابت ونجله (تويتر)
+ الخط -

في خطوة تصعيدية تبدو ذات صلة بانتقاد منظمة العفو الدولية لاستمرار اعتقال رجل الأعمال الشهير صفوان ثابت مالك شركة جهينة للصناعات الغذائية ونجله سيف الدين، أعلنت وزارة الداخلية المصرية اليوم الخميس، إلقاء القبض على من وصفته بـ"القيادي الإخواني يحيى مهران"، زاعمة أنه "أحد الأذرع الرئيسية للقيادي الإخواني المحبوس صفوان ثابت"، وأنه كان مكلفاً من قبله بإخفاء أموال الجماعة وتشغيلها وتمويل العمليات الإرهابية.

واتهمت الداخلية -لأول مرة في بيان رسمي- كلا من ثابت ومهران بالسعي لإعادة إحياء نشاط التنظيم، وإيجاد مصادر تمويل لأنشطته الإرهابية، وأن ثابت كلف مهران باستغلال شركاته في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم، واستثمار عوائدها لصالح أنشطته الإرهابية، في إطار محاولة للتحايل والالتفاف على إجراءات التحفظ القانونية المتخذة ضد الكيانات.

وداهمت الشرطة شقة سكنية بالجيزة معلنة "العثور على غرفة سرية بها، تستخدم كخزينة لإخفاء الأموال وبداخلها مبلغ 8 ملايين و400 ألف دولار ومبالغ ببعض العملات الأخرى".

يذكر أن القضية الكبرى لتمويل الإخوان كان من المتهمين فيها والمدرجين على قائمة الإرهابيين رجل الأعمال صفوان ثابت، مالك شركة جهينة العملاقة للألبان والصناعات الغذائية، المعتقل منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثم انضم له نجله سيف الدين المعتقل منذ فبراير/شباط الماضي، وكلاهما متهم أيضا على ذمة قضية أخرى لتمويل الإخوان، مع عدد محدود من الشخصيات مثل رجل الأعمال رجب السويركي، مالك سلسلة محال التوحيد والنور التي انتقلت جزئيا إلى ملكية مؤسسة جديدة تابعة للمخابرات العامة.

وأدانت منظمة العفو الدولية في بيان لها أمس الأول استمرار حبس صفوان ثابت ونجله، على خلفية رفضهما تلبية مطالب الدولة لتخليهما عن ملكية شركتهما الناجحة، وهو السبب الشائع عن ظروف القضية في أوساط الاقتصاد المصري.

وقالت منظمة العفو الدولية، الاثنين، إن السلطات المصرية تسيء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب من أجل احتجاز رجل أعمال بارز وابنه بشكل تعسفي، في ظروف ترقى إلى التعذيب، وذلك انتقاماً منهما لرفضهما تسليم أصول شركتهما.

وتتزايد مخاوف المنظمة على صحة رجل الأعمال صفوان ثابت، 75 عاماً، وهو مؤسس شركة "جُهينة"، أكبر شركة لمنتجات الألبان والعصائر في مصر، ويمتلك أغلب أسهمها وكان رئيسها التنفيذي، حيث يُحتجز رهن الحبس الانفرادي المطوَّل منذ القبض عليه تعسفياً قبل 10 أشهر. وقد قُبض على ابنه سيف، 40 عاماً، بعد شهرين، في فبراير/شباط 2021، ولا يزال مُحتجزاً أيضاً رهن الحبس الانفرادي في ظروف ترقى إلى التعذيب. وقبل القبض على رجل الأعمال وابنه، كان مسؤولون أمنيون مصريون قد طلبوا منهما التخلي عن أصول شركة "جُهينة".

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة "جُهينة" المعروفة في مصر، والتي تمتلكها عائلتهما. وقد أبديا شجاعةً نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما. وتهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات المصرية أن تُفرج عن الرجلين، اللذين ما كان ينبغي القبض عليهما أصلاً".

وأضاف فيليب لوثر قائلاً: "بالإضافة إلى حرمان صفوان وسيف ثابت من حق الطعن في قانونية احتجازهما، فإنهما يتعرضان للتعذيب باحتجازهما رهن الحبس الانفرادي المطوَّل إلى أجل غير مُسمى. ولطالما استخدمت السلطات المصرية التهم المتعلقة بالإرهاب لقمع المعارضة السياسية، وها هي الآن تستخدم الأسلوب نفسه لاستهداف رجال أعمال لأنهم يرفضون الإذعان للأوامر التعسفية بالاستيلاء على أصولهم".

وقد تحدثت منظمة العفو الدولية مع ثلاثة أشخاص على علمٍ بوضع عائلة ثابت وشركة "جُهينة"، كما اطلعت على وثائق قضائية ومقالات إعلامية وتصريحات رسمية تتعلق بالقبض على الرجلين واحتجازهما.

وأفادت وسائل إعلام مصرية رسمية أنه قُبض على صفوان ثابت بسبب ادعاءات عن تمويله لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي تعتبرها السلطات المصرية جماعةً إرهابية. ولم تقدّم السلطات أي أدلة تؤيد ادعاءها بانتماء صفوان ثابت إلى الجماعة، كما نفى خبراء مستقلون هذا الادعاء.

وذكر مصدر على علمٍ بأعمال شركة "جُهينة" أن مسؤولاً مصرياً كبيراً كان قد طلب من صفوان ثابت، قبل وقت قصير من القبض عليه، التنازل عن جزء من شركته لصالح كيان مملوك للحكومة.

وفي 31 يناير/كانون الثاني 2021، أي بعد شهرين من القبض على صفوان ثابت، تلقى ابنه سيف ثابت أمر استدعاء إلى "قطاع الأمن الوطني". ولم يُسمح له باصطحاب محام معه، كما أمره مسؤول أمني بالتنازل عن جميع أسهم العائلة في شركة "جُهينة" وإلا فإنه سيواجه مصيراً مماثلاً لوالده. ولا تزال عائلة ثابت ترفض التنازل عن أصول شركتها.

وحسب المنظمة، يعاني صفوان ثابت من قُرح في المعدة، ومن ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ومن مرض الكبد الدُهني، فضلاً عن استبدال مفصلي الركبتين وإصابات في الكتف. وهو مُحتجز منذ القبض عليه في زنزانة انفرادية داخل "سجن ملحق مزرعة طُرة"، وهو جزء من "مجمع سجون طرة". ورفضت إدارة السجن إدخال الأطعمة والأدوية والملابس بانتظام إليه. وكان من شأن هذه الظروف القاسية، بالإضافة إلى حرمانه من العلاج الطبي، أن تضاعف المخاوف على صحته.

ووفقاً لمصدر مطّلع، يُحتجز سيف ثابت رهن الحبس الانفرادي المطوَّل في زنزانة تعشّش فيها الحشرات، ويُمنع من استخدام المرحاض أو الاستحمام، ويُحرم من تلقي ما يكفي من الغذاء والمياه. كما حُرمت أسرته من الحق في زيارته بصفة منتظمة، ولم يُسمح لها برؤيته إلا نادراً. وينام سيف ثابت على بطانيات مفروشة على الأرض، ويُمنع من تلقي أي أغراض شخصية أو ملابس وأغطية ملائمة للمناخ.

وترى منظمة العفو الدولية أن هذه المعاملة من جانب سلطات السجن ترقى إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، كما تمثل انتهاكاً لالتزامات مصر بموجب القانون الدولي. فبالإضافة إلى احتجاز صفوان وسيف ثابت طيلة أشهر رهن الحبس الانفرادي المطوَّل إلى أجل غير مُسمى، فإنهما مُحتجزان في ظروف غير إنسانية، ولا يُقدم إليهما الغذاء الكافي، كما يُحرمان من الأدوية والعلاج ومن تلقي زيارات عائلية بصفة منتظمة.

وقالت إنه يتعيَّن على السلطات المصرية، لحين الإفراج عن الرجلين، أن تضمن نقلهما من الحبس الانفرادي، والسماح لهما بتلقي رعاية طبية ملائمة، وزيارات منتظمة من أفراد الأسرة والمحامين، وكذلك الحصول على ما يكفي من الطعام والمياه، واستعمال المرافق الصحية.

كما قالت إنه ينبغي على النائب العام أن يبادر على وجه السرعة بفتح تحقيق في وقائع الاختفاء القسري للرجلين، وتعرضهما للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

وفي يناير/كانون الثاني 2017، أضافت إحدى المحاكم اسم صفوان ثابت وحوالي 1500 آخرين إلى "قائمة الإرهابيين"، من دون مراعاة الإجراءات الواجبة. وبالرغم من أن محكمة النقض ألغت هذا الأمر في يوليو/تموز 2018، فقد قضت محكمة أخرى بإعادة إدراج اسم صفوان ثابت في القائمة، في أبريل/نيسان 2018، وهو قرار أيَّدته محكمة النقض في مارس/آذار 2021. ونتيجةً لذلك يخضع صفوان ثابت لأمر منع السفر وتجميد أصوله.

وفي تصريح لمنظمة العفو الدولية، ذكر مصدر على علم بأعمال شركة "جُهينة" أن عناصر الشرطة المتمركزين أمام بعض منشآت الشركة دأبوا على إيقاف سائقي الشركة ومصادرة سياراتهم أو رخص القيادة الخاصة بهم، وكذلك على احتجاز بعضهم أحياناً لفترات وجيزة، وخاصةً قبيل مواسم التوزيع الواسع، بما في ذلك في إبريل/نيسان 2021. وقد ذكرت وسائل إعلامية مصرية ودولية، في مايو/أيار 2021، أن شركة "جُهينة" قدمت بلاغاً رسمياً بشأن تعطيل أعمالها.
ويُذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أصدر توجيهات للمسؤولين، في عام 2020، بتوسيع وتطوير قدرات مصر في تجميع الألبان. وخلال عام 2021، نشرت وسائل إعلام مصرية مؤيدة للحكومة مقالات تدعو إلى استحواذ الدولة على شركة "جُهينة" وتتهم صفوان وسيف ثابت بالإرهاب.

وقال فيليب لوثر: "يوضح الهجوم على شركة جُهينة إلى أي مدى يمكن أن تذهب السلطات المصرية من أجل إحكام سيطرتها، كما يكشف كيف تُستغل التهم المتعلقة بالإرهاب بلا رحمة في مصر اليوم، في تجاهل تام لأثر تلك الإجراءات على حياة وأرزاق الأشخاص المتضررين".

وسبق وكشفت "العربي الجديد" منذ سبعة أشهر أن ثابت متهم في القضية الجديدة بإخفاء أمواله الخاصة المتحفظ عليها منذ أكثر من ست سنوات، والتي كانت الدولة قد استثنت منها شركة جهينة، مراعاة لأصحاب الأسهم من الأجانب والمصريين، والمستثمرين الكبار في الشركة من أوروبا والخليج، خاصة السعودي محمد الدغيم رئيس مجلس الإدارة الحالي، خاصة أن سهم الشركة كان من أنجح أسهم البورصة المصرية.

وادعت التحريات الأمنية أن ثابت استطاع إخفاء نسبة كبيرة من أمواله المتحفظ عليها في أسهم شركة جهينة واستثماراتها المختلفة، وأن نجله سيف الدين قد ساعده على ذلك، باعتباره عضوا منتدبا للشركة.

المساهمون