اتجهت السعودية والإمارات أخيراً إلى التوسع في استيراد المنتجات النفطية الروسية، رغم العقوبات الأميركية والغربية على تصدير الخام الروسي، وسط تساؤلات بشأن استمرار هذا الوضع، في ظل اتجاه الغرب نحو تشديد العقوبات على موسكو.
وتضاعفت صادرات المنتجات النفطية الروسية إلى الإمارات بأكثر من 3 مرات، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 60 مليون برميل، العام الماضي، فيما بلغت شحنات تلك المنتجات إلى السعودية 100 ألف برميل يومياً (أي أكثر من 36 مليون برميل سنوياً)، مقارنة بعدم وجود شحنات من هذا القبيل تقريباً قبل الحرب، وفقاً لشركة بيانات السلع "كبلر".
وجاء الاتجاه الخليجي بعد إيقاف روسيا بيع النفط للدول التي تضع سقفاً لسعره، وبدأت تتجه بقوة نحو الصين والهند، فيما أشار العديد من التقارير الغربية إلى استفادة دول خليجية من هذا النفط أيضاً، خصوصاً السعودية والإمارات.
وحسب تقرير نشره موقع "أويل برايس"، وجدت السعودية والإمارات الفرصة سانحة لاستيراد مشتقات النفط الروسي وتخزينه وإعادة تصديره، رغم جهود أميركية قوية لإقناعهما بالانضمام إلى حملة العقوبات الغربية على موسكو، وهو ما أكدته بيانات تعقّب السفن وخدمات السلع، إذ سجلت تضاعف الاستيراد السعودي والإماراتي للديزل والنافثا وزيت الوقود من روسيا، رغم وجود احتياطيات ضخمة لدى كل منهما.
عائد مالي
يؤكد الخبير في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، لـ"لعربي الجديد"، أن دول الخليج أصبحت سوقاً رئيسية لإعادة بيع الديزل وزيت الوقود والنافثا الروسية، خصوصاً السعودية والإمارات، إذ تُستَورَد ويُعاد تصديرها للالتفاف على العقوبات المفروضة على تصدير النفط الروسي.
ويعود هذا التوجه في السعودية تحديداً إلى حاجة بعض محطات الكهرباء في المملكة إلى منتجات النفط الروسية، خصوصاً زيت الوقود، لذا فإنها تسترده من روسيا بسعر منخفض جداً ثم تصدر زيت الوقود، الذي كانت تستخدمه في هذه المحطات، بحسب الشوبكي.
ويعتقد الخبير في شؤون الطاقة أن احتمال تشديد الولايات المتحدة والغرب للعقوبات بحق منتجات النفط الروسية وارد، وهو ما قد يطاول بعض الشركات الخليجية، خصوصاً في السعودية والإمارات، لكن قبضة تلك العقوبات لا تزال غير محكمة حتى الآن.
لكن في حال تشديد العقوبات، ستكف السعودية والإمارات عن شراء النفط الروسي، على الأرجح، وهو ما ينطبق على دول أخرى عديدة، ستحاول الابتعاد عن طائلة العقوبات الأميركية والغربية، حسبما يرى الشوبكي.
ويلفت الخبير في شؤون الطاقة إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا مختلفة عن تلك المفروضة على دول أخرى، مثل إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، فهي لا تطاول طرفاً ثالثاً حتى الآن، وبالتالي إن الدول التي تشتري منتجات النفط الروسية لا تطاولها العقوبات.
تشديد العقوبات
يتوقع الشوبكي أن يكون الاتجاه الغربي نحو تشديد العقوبات ضد روسيا بشكل مستمر، وهو ما يمكن أن يطاول بعض الشركات الخليجية، لكن حتى ذلك الحين تتجه تلك الشركات إلى تمرير أكبر كمية من النفط الروسي ومشتقاته إلى الأسواق، وتستفيد من ذلك مالياً، حيث تشتري الخام ومنتجاته بأسعار تقلّ عن سعر السوق بنحو 30 دولاراً.
غير أن إحكام قبضة العقوبات الغربية على روسيا ربما لم تعتمده الإدارة الأميركية بعد، حسبما يرى الشوبكي، مشيراً إلى تصريح لوزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قالت فيه إن الهدف من العقوبات خفض إيرادات روسيا من النفط ومنتجاته، وهو ما تحقق بصرف النظر عن التفاصيل.
فالهدف من العقوبات على روسيا ليس تقليل إمداداتها النفطية، إلى الأسواق، بل تقليل إيراداتها من بيع النفط، وهو ما حصل بالفعل، إذ انخفضت إيرادات روسيا من النفط والغاز بنحو 40%، ويباع نفط الأورال الروسي بأقل من سعر خام برنت بـ 30 دولاراً.