الحوثيون ينتقون الأهداف في مهاجمة السفن الإسرائيلية

05 ديسمبر 2023
الحوثيون يحتجزون سفينة "غالاكسي ليدر" الإسرائيلية منذ أكثر من أسبوعين (Getty)
+ الخط -

تعكس الهجمات الحوثية المتكررة على أهداف تجارية إسرائيلية عابرة البحر الأحمر قرب اليمن، إحكام الجماعة اليمنية سيطرتها على المضائق المائية الحيوية وانتقاءهم للأهداف الإسرائيلية دون غيرها، حرصا على عدم توسيع نطاق الصراع.

ولطالما استحوذت الممرات المائية الممتدة على البحر الأحمر شمال غربي اليمن وصولاً إلى البحر العربي وخليج عدن، على الاهتمام الإقليمي والدولي، إلا أنها وجدت زخماً أكبر بعدما تحولت إلى نقاط لاستهداف السفن الإسرائيلية ردا على عدوان الاحتلال المدمر على قطاع غزة.

وتمتد السواحل اليمنية لأكثر من 2000 كيلومتر، ويطل البلد على مضيق باب المندب الممر الرئيسي للسفن العملاقة الناقلة للنفط مما يجعل حجم نشاط الملاحة البحرية في اليمن كبيراً جداً، حيث تمر قرابة 20 ألف سفينة سنوياً في المياه الإقليمية اليمنية تدخل منها ما بين 3000 و3500 سفينة إلى الموانئ اليمنية.

ويشير الخبير في الشؤون البحرية اليمني طه غيلان لـ"العربي الجديد"، إلى تفوق الترسانة العسكرية الأميركية والغربية وكذا لبعض الدول الخليجية المنتشرة على مواقع عديدة في الممرات المائية اليمنية، إلا أن الحوثيين ركزوا منذ وقت مبكر من الصراع الدائر في اليمن على وضع قبضتهم للتحكم بأهم مواقع وموانئ اليمن البحرية، والتمركز في مناطق مهمة يجعلها أحد المتحكمين في باب المندب الذي تتصارع عدة دول كبرى لفرض نفوذها عليه.

ويطل الساحل اليمني على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي ضيّق بين اليمن وجيبوتي عند أقصى جنوب البحر الأحمر، واصلاً إياه بخليجي عدن وبحر العرب. ويقع المضيق بين دولتي اليمن وجيبوتي، ويفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، كما يتوسط القارات الخمس.

ويعد المضيق أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، إذ يعبره نحو خُمس الاستهلاك العالمي من النفط، كما تزايدت أهميته بسبب ارتباطه مع قناة السويس ومضيق هرمز في الخليج العربي.

ويرى خبراء ملاحة أن احتجاز الحوثيين الشهر الماضي سفينة "غالاكسي ليدر" الإسرائيلية، واستهداف العديد من السفن منذ ذلك الحين آخرها ثلاثة سفن تجارية يوم الأحد الماضي في غضون تسع ساعات فقط، وإرغام العديد من السفن على تغيير مساراتها، تشير إلى أن "صنعاء فرضت سيطرتها على الملاحة في أهم المضائق المائية في المنطقة والعالم، وهذا حدث استثنائي بحد ذاته".

وقال الباحث الاقتصادي رشيد الحداد في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "صنعاء (يسيطر عليها الحوثيون) أضحت قادرة على وقف حركة السفن الإسرائيلية من المرور في المياه الدولية عبر البحر العربي وصولاً إلى المحيط الهندي، وذلك في إطار تنفيذ قرارها المساند للشعب الفلسطيني"، مشيرا إلى أن استهداف السفن الإسرائيلية يأتي في إطار الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب على قطاع غزة.

ووفق مصادر يمنية، فإن استهداف السفن جاء بشكل انتقائي، حيث لم تتعرض أي سفينة غير إسرائيلية لأي إجراءات، وذلك في إطار عدم تصعيد الصراع.

ويرى الحداد أن استهداف السفن الإسرائيلية بمثابة ورقة ضغط ليس فقط على إسرائيل وإنما على أميركا نفسها التي بدورها يمكن أن تضغط على إسرائيل لوقف جرائم الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ووقف الحرب بشكل كلي.

وفي السياق، قال الخبير في الاقتصاد السياسي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الهدف المعلن لجماعة الحوثيين من اعتراض السفن في مضيق باب المندب أو بالقرب منه، هو الشحنات التي تذهب إلى إسرائيل فقط حتى الآن، أي أن السفن المستهدفة هي تلك التي يملكها إسرائيليون، أو شركات إسرائيلية.

وحول تأثيرات ما يحدث على دول الخليج، قال الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبدالقادر سليماني، لـ "العربي الجديد"، إن أسعار النفط لم تتأثر صعودا فور استيلاء الحوثيين على أول سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي "غالاكسي ليدر" في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما يعزوه سليماني إلى عدم تعرض ناقلات نفط عموماً، أو ناقلات نفط خليجية خصوصاً. لكنه لفت إلى أن أسواق النفط حساسة جدا لمثل هذه التهديدات وإنْ اقتصرت على المصالح الإسرائيلية.

ولفت سليماني إلى أن الحوثيين، المدعومين من إيران، ربما تكون لديهم ذات الحساسية أيضا إزاء التعدي على شحنات النفط الخليجية على خلفية اتفاق عودة العلاقات الأخير بين إيران والسعودية.

لكن الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون ضد ثلاث سفن في البحر الأحمر، أثارت غضب الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل في حربها ضد قطاع غزة.

وللمرة الأولى، وجهت القيادة المركزية الأميركية أصابع الاتهام مباشرة إلى إيران في الوقوف وراء هذه الهجمات وليس فقط إلى الحوثيين.

وقالت القيادة المركزية الأميركية إن لديها "سببا للاعتقاد بأن هذه الهجمات التي نفذها الحوثيون وقعت بدعم كامل من إيران"، مضيفة أن "هذه الهجمات تمثل تهديداً مباشرا للتجارة الدولية وأمن الشحن".

المساهمون